يسعى المسلمون في مصر الى استثمار ايام رمضان في الاكثار من الطاعات. ففي النهار تلحظ زيادة عدد الذين يستغلون اوقاتهم في وسائل المواصلات المختلفة للوصول من منازلهم الى اعمالهم والعكس، في قراءة القرآن الكريم والتسبيح وعمل الاوراد والاذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الليل ومع قرب أذان العشاء تعج المساجد المنتشرة في مختلف ربوع مصر بالمصلين الذين ترتفع حناجرهم بالدعاء الى الله عز وجل في القنوت بأن ينصر الاسلام والمسلمين وان يهلك الكفر والكافرين. كما يحرص المصريون على اداء الصلوات في جماعة خاصة صلاتي الفجر والعشاء، حيث تمتلئ المساجد بالمصلين، وفي صلاتي العشاء والتراويح يلجأ معظم المساجد خاصة الكبرى، التي يؤم المصلين فيها علماء معرفون او قراء مشهورون، الى فرش الحصر - فرش من البلاستيك - خارج المسجد، وربما يصل الامر الى حد اغلاق جانب من الشارع وتحويله الى مصلى للتراويح، بحيث يكون مسار السيارات على جانب واحد ذهابا وايابا، ويتقبل سائقو السيارات، خاصة الأجرة، هذا التصرف برضا اكراما للشهر الكريم. دعاء التراويح يعتبر المصريون الدعاء في صلاة التراويح احد المتنفسات والوسائل المتاحة لنصرة اخوانهم في فلسطين والمستضعفين في العراق وغيرهما من البلدان العربية والاسلامية. ففي ركعة الوتر الاخيرة عقب الانتهاء من صلاة التراويح ترتفع اصوات المصلين بالتأمين خلف ائمة المساجد الذين يرفعون اصواتهم بالرجاء من الله العلي القدير ان ينصر الاسلام وأهله وان يهزم الباطل وجنده. توظيف الأوقات لأجل الختمات ولعل اللافت للنظر في مصر خلال شهر رمضان، ظاهرة قراءة القرآن الكريم في وسائل المواصلات، خاصة في مسافات السفر الطويل، كالقطارات، او الوسائل المريحة كمترو الانفاق. فلا تكاد تخلو عربة من عربات المترو من شباب يرفعون المصاحف على اكفهم ويتمتمون بآيات الذكر الحكيم بصوت منخفض جدا، في منظر بديع يشبه خلية النحل، وربما قام احد الركاب من اصحاب الصوت الجميل برفع صوته وهو يتلو القرآن الكريم فيشد انتباه باقي الركاب الذين يستحسنون الأمر فيرعونه اسماعهم. موائد الرحمن اما عن المظاهر العبادية او الايمانية فالمساجد تتزين وتتجمل لاستقبال المصلين، ويقوم بعض المساجد بتجهيز مصلى خاص للنساء لصلاة التراويح، كما يقيم بعض المساجد موائد الرحمن لافطار الصائمين من الفقراء والمساكين والغرباء وتعلق لافتات قبيل رمضان تقول (مرحبا بكم في مائدة الرحمن) ، وتقدم المساجد للصائمين قبيل صلاة المغرب التمر والماء ليفطروا عليهما قبل الصلاة. ويتسابق رجال الاعمال والاثرياء في مصر خلال شهر رمضان في اقامة موائد الرحمن، زكاة عن اموالهم وتجاراتهم والتماسا للأجر في هذا الشهر الكريم، ويقيم بعض الاحزاب السياسية موائد الرحمن في مقاراتهم، كما ينتهز اعضاء مجلس الشعب - البرلمان - شهر رمضان للتقرب الى ابناء دوائرهم الانتخابية فيكثرون من التبرعات للمساجد او يساهمون في إنارة الشوارع، فضلا عن اقامة موائد الرحمن للفقراء من ابناء الدائرة.اما الفقراء في الاحياء الشعبية بمصر مثل بولاق الدكرور وشبرا، فليجأون الى وسيلة رخيصة الثمن وهي ملء (القلل) - آنية من الفخار - المملوءة بالماء البارد كسبيل ليشرب منها العابرون من الصائمين الذين يؤذن عليهم المغرب قبل الوصول لبيوتهم.