قرار يحسم نهاية حياة مؤلمة إلى حياة ربما تكون أكثر إيلاما . وكلنا يعلم كم تواجه المطلقة من صعوبات في بيئاتنا العربية . فهي تعامل كتهمة تم إلصاقها بأهلها فلا أهلها يتقبلون فشلها ولا المجتمع يرحم مصيرها. الكل يتقاذفها من كل جانب. حتى إن اختارت طريقا تزرعه بالأمل في غد جديد تجد من يجرها بإصرار لتفكر بأنها ليست إنسانة طبيعية وأن عليها أن تنتبه لتصرفاتها فسلوكها في نظرهم مشكوك به دوما. فالأب يتدخل في شؤونها في كل صغيرة وكبيرة وكأنها مازالت قاصرا. والاخوة أحيانا يتصرفون وكأنها ألحقت العار بهذه الأسرة وأن هذا العار لن يمحوه إلا الزواج الثاني حتى وإن كان غير مناسب. والكارثة إن حباها الله بأبناء وأصبحت مسؤولة عن تربيتهم والحفاظ على استقرار حياتهم النفسية والمادية ، وفي هذا تواجه الأمرين حتى تقدم ماتستطيع لهم في ظل مجتمع لايعترف بوقوف المرأة وحدها دون ظل الرجل . وقد تكون أبسط المواقف التي تمر عليها أن تعامل في إي زيارة بشئ من الحذر خصوصا إن كانت زيارتها لصديقة متزوجة وكأن ليس هناك مايشغلها سوى سرقة مالغيرها. هذا وأمور أخرى عندما تجد نفسها أحيانا بلا مأوى وليس لديها المورد الكافي لتعيش وهنا عليها أن تقبل بأي خيار ينقذها حتى لو كان ضد قناعاتها أو على حساب أولادها ، و كثيرة هي الحكايات المؤلمة التي يسلط المجتمع والأهل فيها سياطه على المطلقة. ورغم ذلك تجد البعض منهن تناضل لتحمي أبناءها من أزمات الحياة ولترفع من روحها أمام تلك المشاكل الكثيرة التي يمكن أن تواجهها. والسؤال إلى متى يقوم المجتمع بهذه الممارسات القاسية على المطلقة؟ ألم يأن الآوان لنتعامل معها كبشر معرض للفشل والنجاح شأنها شأن الرجل؟ لماذا إذا تزوج الرجل مرة أخرى قلنا لايستطيع أن ينتظر ومن حقه الزواج . وإن تزوجت وكان لديها أبناء بأنها ليست أما صالحة ؟ لماذا من حقه أن يطور من ذاته وعلاقته بالحياة ونعتبر ذلك فيه قوة، في حين أن المرأة لوقامت بالشئ ذاته اتهمناها بالجنون لأنها لا تفكر الا في مصلحتها (التي هي بالطبع أن تقبل بزواج ثان وإن لم يكن مناسبا) ، أولأنها لاتملك الحق في أن تفرض شروطها لأنها ببساطة مطلقة أي موبوءة فهي دائما الملامة على الطلاق ومتهمة بعدم الصبر والتحمل؟ إن تجربة الطلاق تجربة مريرة بكل ماتحمل الكلمة من معنى لأنها تخنق إحساس المرأة بالحياة وتجعلها تفقد الثقة في قدرتها على إدارة حياة زوجية سعيدة وهو مايجعلها تشعر بمشاعر متضاربة من الوحدة والغضب والخوف . وهنا يأتي السؤال الأهم ماذا تنتظر المطلقة من أسرتها ومجتمعها إزاء ذلك ؟ إنها لا تحتاج سوى للتفهم والتقدير ومنحها فرصة أخرى لتثبت بأنها استفادت من فشلها وأن لديها الاستعداد لبداية جديدة . تحتاج للاحتواء وأن تجد من يعطيها شيئا من الاهتمام والرعاية . تحتاج لمن يدفع إرادتها لتبدأ من جديد وتنظر للحياة بنظرة متفائلة وطموحة. إن أغلب المشكلات التي قد تجرف البعض منهن في الانشغال بتوافه الأمور هو احساسها بالحرمان من وجود القلب الرحيم بقربها ، القلب الذي يعترف بحاجتها للتخطيط من جديد لمستقبلها . بحاجتها للثقة في قدراتها وإمكاناتها . في الدول الأوروبية يعقد الاشخاص الذين مروا بتجربة الطلاق جلسات حوارية يتناقشون فيها في مشاكلهم ويحاولون إيجاد الحلول لها . لماذا لم نفكر أن نقوم بشيء كهذا أم أننا لانملك الكفاءة أو الوعي لنفعل ذلك؟ إن شعور المطلقة بالاحباط والفشل بعد تجربة زواج سواء كانت طويلة أم قصيرة مؤلم ولا يحتاج لمزيد من الضغوط عليها بل لشيء من الاتزان النفسي الذي يعيد ثقتها بنفسها ويدفعها لتفكر في المرحلة القادمة في حياتها وأنها قادرة لأن تحقق الكثير في حياتها بقليل من الايمان والصبر . لكن الواقع أن تصرفات الأهل وردود أفعال المجتمع تجعل المطلقة غالبا ماتفكر في الرد على تلك الضغوط بدلا من الاهتمام بالنظر للمستقبل وبهذا فنحن نجرها جرا لتقع في ذات الخطأ من جديد. إننا لا نخطئ فقط في ذلك بل اننا لانعدها مطلقا لتجربة زواج جديدة ، وهذا الاعداد يتطلب ذلك الوعي الذي تحدثنا عنه والذي يعينها لتكتشف عيوبها وتعيد صياغة حياتها ونظرتها للأمور بشكل أكثر تعقلا وحكمة.