من نعم الله على خلقه ان جعل الماء متاحا للجميع, فجعل منه كل شيء حي ومن نعمه جلت قدرته ان منح الانسان عقلا يستطيع به ان يفكر في الحفاظ على هذه النعمة, وان هدرها, له ما له من العواقب الوخيمة. والكل يدرك التكلفة العالية لتوفير المياه, لكن ادراك اهمية المحافظة على هذه المياه تظل عملية مقترنة بوعي المواطن, وادراكه لخطورة اهدار هذه الثروة التي لا تقدر بثمن. وها نحن نرى على شاشات التلفاز وعلى صفحات الصحف, ما تعنيه قلة المياه من اخطار, وما تشكله من كوارث على حياة الناس والحيوان والنبات والبيئة, وما تؤدي اليه من مجاعات تودي بحياة البشر رغم كل جهود الاغاثة والمساعدة لانقاذ حياة اولئك البشر الذين يعيشون احياء كالاموات. ومثل هذه الصور المأسوية كفيلة بان تعلمنا اهمية المحافظة على الثروة المائية, والتعامل مع هذه الثروة بشيء من التعقل والعناية, فاهدار هذه الثروة نوع من الاسراف الذي لا تليق ممارسته, ولا تتفق مع ما يفترض ان يكون عليه المواطن من حرص على الثروات الطبيعية في بلاده. واذا كان بعض الناس يتعامل مع هذه الثروة بنوع من الاهمال, وعدم الشعور بالمسؤولية, فما ذلك الا لانعدام الوعي باضرار مثل هذا التصرف, مما يستوجب اتخاذ كل السبل واستخدام كل الوسائل لنشر التوعية باهمية المحافظة على الماء.. عبر وسائل الاعلام المختلفة بما فيها الصحافة والاذاعة والتلفاز والانترنت والنشرات الاعلامية, واللوحات الارشادية في الشوارع والاماكن العامة, وغير ذلك من وسائل التوعية الجماهيرية التي تصل للمواطن بسهولة ويسر.. لخلق الوعي باهمية تفادي اهدار الثروة المائية. ان قلة المياه او فقدانها مدعاة للمعاناة القاسيةالتي يتعرض لها سكان المناطق التي تشح فيها المياه, وهي معاناة لا يمكن ان يتصور قسوتها الا من عاشها, ويكفي ان يتصور المرء خلو حياته من الماء ليعرف قسوة الحياة التي يعيشها سكان تلك المناطق, التي يموت فيها البشر, وتنفق فيها الحيوانات, وتضمحل علامات الحياة في ارجائها, اذ لا حياة بدون ماء, وفي التنزيل الكريم يقول الحق سبحانه وتعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) صدق الله العظيم. ان الماء نعمة لا يدرك اهميتها الا من فقدها او كاد, وما اكثر الحروب التي قامت عبر التاريخ بسبب النزاع حول المناطق التي تتواجد فيها المياه, وتتواجد معها الحياة والحضارة والتقدم, ولا زال الخبراء يصرون على ان اي حرب كونية قادمة ستكون بسبب المياه. الماء نعمة ومن باب شكر النعم ان نحافظ على هذه الثروة الناضبة, بدل الهدر المتواصل لها.