عزيزي رئيس التحرير كثير من النقاد يعتبرون أن الفرزدق ( همام بن غالب) أعظم شعراء العصر الأموي، ولكن هذا القول - لا ريب - في الحقيقة مبالغ فيه. ولاشك أن الفرزدق علم ضخم من اعلام الشعر العربي، وبسبب بداوته اتخذ اللغويون شعره مصدراً كبيراً من مصادر اللغة. حتى قال بعضهم "لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب". وقد خاض الفرزدق في شعره أغراضاً كثيرة، ولهذا يقال أنه تفوق على جرير وعلى غيره من الشعراء في غرض واحد من أغراض الشعر وهو الفخر. من قصائد الفخر قصيدة الفائية منها قوله: ==1== ولا عز إلا عزنا قاهر له ==0== ==0==ويسألنا النصف الذليل فينصفا ومن الذي لا ينطق الناس عنده ==0== ==0==ولكن هو المستأذن المنتصفا==2== فلما بلغ استفهام هشام بن عبد الملك نظم الفرزدق هذه القصيدة التي اعتقله على أثرها هشام وحبسه. ==1== هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ==0== ==0==والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم ==0== ==0==هذا التقى النقي الطاهر العلم==2== ويقال انه تاب إلى ربه في آخر حياته ومما يصور توبته قصيدته التي خاطب بها أبليس منها قوله: ==1== أطعتك يا إبليس سبعين حجة ==0== ==0==فلما انتهى شيبي وتم تمامي فررت إلى ربي وأيقنت أنني ==0== ==0==ملاق لأيام المنون حمامي ==2== يقال أن الفرزدق لم يقل الشعر بسهولة بل كان يتردى ويلقى عناء لقد قيل عنه أنا عند الناس أشعر الناس وربما مرت علي ساعة نزع ضرس أهون علي من أن أقول بيتاً واحداً، ولهذا يفسر النقاد: أن جريراً يغرف من بحر والفرزدق ينحت من صخر. لذلك كان ينقح شعره ويجود ألفاظه حتى شبهوه بزهير بن أبي سلمى فنجد ألفاظه فصيحة ولديه قدرة على توليد المعاني في الفخر. وكان يعتني بفخامة الأسلوب وقوة التراكيب، وقدرته على توليد الصور والخيال في قصيدته الفائية. وفي النهاية هذه نقطة في بحر الشعر في بحر هائج لا قارب له، ولمسات أدبية في شعر الفرزدق وهذه عودة أخرى للماضي؟ فهل نعود؟ @@ وضحى الصايل