دخلت الانتفاضة الفلسطينية المباركة نهاية الاسبوع المنصرم عاما (خامسا) من عمرها المجيد باذن الله مشرعة جميع الابواب نحو غد عربي اسلامي مجيد باذن الله، ومتحدية في نفس الوقت كل انواع الصلف والغرور الاسرائيلي الذي حاول بكل ما اتيح له من ترسانة عسكرية هائلة التطور ان يخمد انفاسها ولكن هيهات ثم هيهات. فلقد مضت قافلة الانتفاضة في طريقها المرسوم تظللها رايات النصر المجيد (ولو كره الكافرون). نعم لقد قدم ابناء الشعب الفلسطيني شيبا وشبانا، نساء واطفالا فاتورة باهظة الثمن بكل المعايير من اجل ان لا تضل الانتفاضة هدفها النبيل والتي كان حصيلتها الالاف من الشهداء والجرحى، ناهيك عن تهديم المنازل، وتجريف الاراضي الا ان تلك الدماء الذكية لم تذهب بحمد الله ومنته سدى بل ظلت الفتيل الذي يشعل الانتفاضة من جهة، وفي الوقت نفسه فقد عرت العدو الصهيوني وقدمته للعالم كنموذج للوحشية التي لا حدود لها بعد زمن ظل فيه يكذب على العالم اجمع بان دولته هي (منبر الحرية والديمقراطية في المنطقة). اضافة الى ما سبق فلقد تسبب تمسك الفلسطينيين بحقوقهم التاريخية واستماتتهم في الدفاع عنها في ايجاد قوى اسرائيلية مناهضة للسياسة الشارونية ساعدت في تعرية هذه السياسات داخليا وخارجيا وبالذات بعد موجة الانتقادات العنيفة التي تقدم بها عدد من كبار الضباط الاسرائيليين المنضمين الى وحدة الطيران الخاصة (شالداغ) والتي كشفوا من خلالها عبر تصريحاتهم لعدد من الصحف العبرية الاساليب غير الانسانية التي يستخدمها جيش الاحتلال في تعامله مع المنتفضين من ابناء الشعب الفلسطيني والتي خلت من ادنى مقومات الانسانية والاخلاق. وتأسيا على ما سبق نستطيع القول ان استمرار الانتفاضة لعامها الخامس قد حمل في مغزاه العام رد ابطال الانتفاضة القوي والصامد على كل من شكك في امكانية نجاح واستمرارية الانتفاضة معتقدين انها لم تكن سوى ردة فعل على الزيارة المشؤومة للسفاح شارون للبيت المقدس خلال فترة رئاسة ايهود باراك وبالتالي فهي لن تلبث ان تخمد وبالذات بعد ان جاء السفاح شارون الى سدة الرئاسة واعدا جمهور ناخبيه بما سماه خطة المائة يوم الامنية والتي تبجح من خلالها بقدرته على كبح جماح الانتفاضة، وبالتالي اجبار الفلسطينيين على العودة الى طاولة المفاوضات حسب الرؤية والشروط الشارونية ولكن صمود ابناء الانتفاضة والتفافهم حول مكتسباتها جعلته (حلم صيف عابرا). لقد شكك الكثيرون من المراقبين في قدرة الانتفاضة على الاستمرار انطلاقا من حقيقة ان موازين القوى تصب في صالح العدو الصهيوني، وبالذات في ظل امتلاكه ترسانة عسكرية متطورة جدا مقارنة بما يملكه ابطال الانتفاضة من اسلحة مقاومة بدائية جدا وهو ما دعا بعض الاصوات حتى من عالمنا العربي لشديد الاسف الى الحديث عن الواقعية السياسية التي تحتم ضرورة تعامل الفلسطينيين مع الواقع المفروض عليهم بكل تداعياته ومعطياته، وبالتالي التسليم بمعطيات السلام وفقا للمنظور الاسرائيلي. ان الحديث عن موضوع المعطيات التي يملكها الشعب الفلسطيني مقارنة بتلك التي يملكها العدو يصبح امرا مبتورا اذا لم يأخذ في الاعتبار جملة الحقائق الموضوعية التي تتحكم في خط سير عملية الصراع العربي الاسرائيلي والرؤية الاستراتيجية للموضوع باكمله والتي من اهمها ان هناك حقا قد سلب وان هناك ايمانا لا يتزعزع لابناء الشعب الفلسطيني بحقهم في الحياة اسوة بباقي شعوب الارض التي تعيش فوق هذه البسيطة. لقد استطاعت الانتفاضة الفلسطينية الباسلة في عامها الخامس ان تكون بحق مثالا يحتذى لكل شعوب الارض التي اذلتها نيران الاحتلال تحت وهم امتلاك وسائل القوة، من هنا فليس من المستبعد ان نحتفل جميعا وقريبا باذن الله بالانتصار المؤزر للانتفاضة المباركة حتى وان بدا للكثيرين ان الظروف ليست في صالح الشعب الفلسطيني الا اننا على تمام الثقة بالانتصار لا محالة حتى وان اخذ ذلك بعض الوقت. دعاء من الاعماق بان يحقق الله لاخواننا المنتفضين في ارض الرباط النصر والتمكين انه ولي كل شيء والقادر عليه. وعلى الحب نلتقي.