ولادة النص القصصي من رحم المعاناة أمر حتمي ان كانت هناك رغبة من النص وكاتبه في الخروج على السطح كفاعلين يشتركان في العملية الابداعية، أحيانا ينفرد النص بالقوامة محيدا دور الكاتب فيكتب النص صاحبه وأحيانا بل الغالبية يكتب القاص نصه فارضا عليه هيمنة القوامة المقيدة للابداع، وخروجا من هذا المأزق ينبغي أن يتقاسم الاثنان العمل بصلاحيات متداخلة ومتبادلة، فعندما يفرض النص نفسه على الأديب في إلحاح مرير بالخروج ويكون الكاتب مستعدا لتحمل تبعات ذلك من معاناة ونحوها يولد النص القصصي على بياض الورقة جنينا لم يأت من فراغ ولا تؤثر العوامل في صنعه، وقد يشمل كل نص قصصي يحمل صفات القصة أو بعضها لهذا ستجد نصوصا بلا معاناة أو هم أو حميمية الوجود الفاعل، أما الابداع القصصي فتوجده كل التناقضات حيث يبدأ بومضة هي شرارة التلاقح في ذهنية الكاتب، ومن ثم يحمل الكاتب هذه الومضة معه أينما حل فإذا توافرت لها اللغة المعبرة والرغبة من الكاتب في معايشة ساعات المخاض المؤلمة هنا تولد القصة بعافية يتعهدها القاص الحاذق الجلد بالعناية ويختار مسمى لها ليعلنها في المشهد الثقافي كمولود جديد يحتار القارئ فيه وقد يرفضه للوهلة الأولى، والقصة تختلف عن كل ابداع آخر كالشعر والمسرح وحتى الرواية، اذ ليست هناك طريقة محددة يستطيع الكاتب أن يبدع قصة من خلالها بفرضيات سابقة أو مناسبات خاصة توجب ايجاد نص قصصي متميز وكلما كانت القصة عالمية شاملة للزمان والمكان كانت حتمية ارسالها قصيرة مقتضبة والعكس صحيح للقصة المحلية المؤطرة والمحددة بزمن ومكان بعينه حيث تأتي طويلة بعض الشيء، وسر انتكاسة القصة تعاملنا معها بشكل خاطئ في أمسياتنا حيث تسمع كالشعر في حشد قد لا يلم غالبيته من تقنياتها شيئا، والقصة يقتلها التكلف والتأطير والشرح لمضامينها المختفية في الكاتب، فقد توجد الظروف قصيدة أو مقالة أو أي ابداع آخر لكنها حتما ستعجز عن إيجاد قصة لأن القصة إيجاد عالم مواز لعالمنا يموقع الخيال ويخيل الواقع.