@@ جاء حفيد غاندي.. الى هذا الشرق الملتهب ليحيى تراث جده (المهاتما غاندي) في المقاومة السلمية.. او ما تسمى ب (الساتيجراها) اي (العصيان المدني) وليعيد تلك الكلمات الخالدة لزعيم الهند العظيم (انني اتمنى ان اقنع كل انسان بان العصيان المدني هو حق له منذ ولادته ولا يمكنه التنازل عنه دون ان يتنازل عن انسانيته). @@ وعلى هذا المبدأ يود حفيد غاندي...اليوم ان ينهج الفلسطينيون هذا المسار.. العصيان.. والصيام.. الاعتصام حتى الموت.. وهو يعلم جيدا أن تحرير الهند من الاستعمار الانجليزي لم يتأت ولم يحدث على الإطلاق من أجل حفنة من الملح نثرها غاندي بيديه في المحيط الهندي.. ولا بمغزله وعنزه الشهيرة. @@ لقد خرج الانجليز من الهند.. بعد الحرب العالمية الثانية لأن اقتصادهم لم يعد يتحمل أعباء المستعمرات البريطانية.. ولانهم خرجوا من الحرب مفلسين.. ولم يعد القطن الهندي كافيا لسد تلك الاحتياجات الكبرى لبريطانيا.. وقد اعلن حينذاك وزير المالية البريطاني بعد تقارير متتابعة لبنك انجلترا ان الهند لم تعد الجوهرة الكبرى في التاج البريطاني وانما اصبحت اكبر كارثة.. واكثر عبئا على بريطانيا بعد الحرب. @@ ومسيرة غاندي في عام 1930م على قدميه حوالي 390 كيلو ومعه أتباعه.. الى تلك المناطق الخاصة باستخراج الملح لم تكن هذه المسافة وحدها كافية لإخراج الإنجليز... ولكن اصرار الهنود وايمانهم بحقهم في الاستقلال.. والخسائر الفادحة التي تحملتها انجلترا كانت هي السبب في خروج المستعمر واذلإله وطرده الى الأبد من الهند. لقد كان غاندي زعيما عظيما.. ولكن كفاحه التأملي المسالم لم يعد صالحا في هذا العصر لطرد الطغاة والمستعمرين والمغتصبين من أي أرض يحتلونها. @@ وغاندي نفسه في عام 1912م لم تفلح مقاومته السلمية في جنوب افريقيا.. وقد حصد رصاص المستعمرين البيض وكلابهم الإنسان الأسود مما دفع الأفارقة إلى التخلي عن (الساتيجراها) ومبادئ غاندي المسالمة. @@ واليهود أنفسهم الذين يضطهدون شعب فلسطين رفضوا تلك النصيحة الشهيرة (لغاندي) التي بعثها ليهود ألمانيا.. قائلا: (إنني لأجرؤ على القول إن السيد هتلر سوف ينحني امام شجاعة اليهود لو استعملوا قوة الروح لدعم صمودهم.. تلك القوة العظمى النابعة من المسالمة). وبالطبع لم يسمع اليهود نصيحته برغم ما نالهم من هتلر واعوانه . @@ واليوم وبعد صيام أكثر من 18 يوما للمعتقلين الفلسطينيين في سجون اسرائيل.. هل استجابت اسرائيل لمطالبهم اليسيرة فما بالكم بمطالبهم الكبيرة في التحرير والاستقلال؟ لقد سلبوهم كل شيء حتى الملح.. ولكنهم لن يسلبوهم ارادتهم القوية للعيش على أرضهم بحرية وكرامة.. الاعتصام والصيام وحده لا يكفي.