لم يحقق السوق المالي الكويتي اداء مقبولا خلال النصف الاول من العام الحالي وقد توقع محللون ان يتألق نصفه الثاني مستعيدا اداءه الناجح مرة اخرى فأسعار البترول المرتفعة والنمو الاقتصادي القوى من شأنهما ان يحافظا على الدعائم المالية الاساسية في السوق لفترة طويلة من الزمن, وقد اشارت الارباح المعلنة من قبل الشركات الى استمرار المرتكزات الاقتصادية القوية والمصحوبة بمعاملات ربحية منخفضة حاليا الى ان هناك مجالا متسعا لاحراز جولة جديدة من النمو في سوق الاوراق المالية, ونعتقد ان مؤشر جلوبل العام لسوق الكويت للأوراق المالية الوزني سوف يشهد نموا يتراوح بين 10 الى 15 في المائة خلال الفترة المتبقية من العام. وتخلو توقعاتنا من حدوث ارتفاع مفاجىء لمعدلات الفائدة خلال الفترة المتبقية من العام الحالي او خلال النصف الاول من العام المقبل, وبينما لا نتوقع حدوث مفاجآت كبرى الا انه يصعب ان نحدد بدقة اسماء الشركات التي قد تفاجىء السوق بأدائها المتميز. وتتمثل العوامل الرئيسية التي من شأنها تحقيق جولة جديدة من النمو في اسواق الاوراق المالية, في تغير معدلات الفائدة واسعار النفط, والسرعة في انجاز الاجراءات الاصلاحية لكل من الحكومة وسوق الاوراق المالية, بالاضافة الى الاستثمار الحكومي في مشروعات البنية التحتية والمشروعات الرأسمالية. وبالرغم من تحقيق سوق الكويت للاوراق المالية أرباحا هائلة خلال السنوات الثلاث الماضية, الا ان تقييمه مازال يبدو هزيلا مقارنة بدول الجوار بمجلس التعاون الخليجي. وجدير بالذكر ان سوق الكويت للاوراق المالية يتفوق عن الدول المجاورة من حيث سيولة الأسهم المتوافرة, والأرباح المتوقعة وكذلك عمق وقوة سوق الاسهم وغيرها من العوامل الاخرى, واعتمادا على نقاط القوة التي يتمتع بها سوق الكويت للاوراق المالية, فان باستطاعته جذب مستثمرين جدد سواء كانوا من الافراد او المؤسسات اضافة الى مزيد من الشركات الاقليمية التي ستسعى لادراج اسهمها في السوق خلال العام القادم, وبعيدا عن المشاعر سنحاول ان نقوم بتحليل المرتكزات الاقتصادية الحالية, اضافة الى عدة عوامل اخرى قد تؤثر في اداء سوق الكويت للأوراق المالية خلال الاشهر القليلة المقبلة. وثبات اسعار النفط عند مستويات تشجع الحكومة للاستمرار في خططها الانفاقية.. بالرغم من المحاولات المضنية التي تبذلها منظمة الدول المنتجة والمصدرة للبترول (الأوبك) لخفض اسعار النفط الا انه لا يوجد اي مؤشرات لاحتمال نجاحها في تحقيق ذلك, فقد وافقت منظمة (الأوبك) في شهر يونيو على رفع سقف انتاجها بحوالي 25 مليون برميل يوميا وذلك على مرحلتين في اطار مجهوداتها لكبح جماح الاسعار العالمية المرتفعة, الا ان اسعار النفط لم تتأثر بشكل ملحوظ. بينما لم تسرف بعض الدلالات التي اتت من قبل كل من الولاياتالمتحدةالامريكية والصين في محاولات منهما لكبح معدلات النمو الاقتصادي, بالاضافة الى قيام المملكة العربية السعودية بزيادة معدل انتاجها النفطي بشكل اكبر عن نتائجها المرجوة حيث استمر سوق النفط في بقائه محكما, وتتمثل توقعاتنا متوسطة الأجل في أن اسعار النفط لن تستمر عند هذه المستويات لكنها حتما سوف تنخفض الى مستويات اقل الا ان الاحداث العالمية الحالية لن تتراجع في اسعار النفط مرة اخرى الى اقل من مستوى 20 دولارا أمريكيا حلال السنتين القادمتين, وسوف تنعكس المشكلات المنتشرة في بقع مختلفة من العالم مثل المشاكل مع شركة نفط يوكوس الروسية, الوضع في العراق والاضطرابات السياسية في فنزويلا ونيجيريا, على اسعار النفط في الاجل القصير مرتكزة على الجوانب النفسية بدلا من آليات العرض والطلب الحقيقية لتحديد الاسعار. وتشير تقارير متعددة الى انخفاض مخزون النفط الخام لدى الولاياتالمتحدةالامريكية بالرغم من انتاجها الضخم, ويدل ذلك على تقارب معدلات الطلب من معدلات العرض المتزايدة, كذلك فان هناك مخاوف من ان معدل المعروض من النفط يجب ان يتزايد عن المستويات الاعتيادية قبل اقتراب فصل تزايد الطلب الى ذروته, الامر الذي يستحيل تحقيقه فعليا, والأمل ضعيف في ان يحدث ذلك الا في حال تخفيض أسعار النفط بشكل اضافي عن طريق زيادة مستوى العرض من قبل منظمة اوبك والدول الرئيسية المنتجة من غير الاعضاء, ونعتقد أن اسعار النفط لن تتراجع في الاجل المتوسط عن مستوى 28 الى 30 دولارا أمريكيا للبرميل, مما سيساعد الحكومة على تحقيق فائض مشجع خلال السنة الحالية, وهذا بدوره يعني ان الانفاق الحكومي سوف يظل قويا على المدى المتوسط, الأمر الذي سينعكس بدوره على الاستهلاك الخاص في الكويت. انخفاض معدلات الفائدة والسياسات الاقتصادية الواعدة تؤثر في السوق بالرغم من قيام البنك المركزي برفع سعر الخصم بحوالي 25 نقطة اساسية استجابة لمعدل الخصم الفيدرالي ولم يتفاعل سوق بدرجة كبيرة حيث انه قد كان اعد نفسه مسبقا لخطوة اكبر من ذلك, ويستبعد ان يحدث ارتفاع في اسعار الفائدة مما يقلل فرص الخسارة المحتملة نتيجة الارتباط الوثيق بين اسواق الأسهم ومعدلات الفائدة. غير ان أي ارتفاع كبير (اكثر من 100 نقطة اساسية) في اسعار الفائدة سوف يؤثر بالتأكيد على اسواق الاسهم. من الآن فصاعدا سوف تمثل سياسات الدولة الاقتصادية جزءا هاما في كيفية اتجاه السوق. فقد تسببت بعض العوامل الايجابية في قيادة الاقتصاد المحلي, منها: السماح بالاستثمارات الاجنبية المباشرة, المبادرة الحكومية لتشجيع السياحة, وتسهيل متطلبات استخراج التأشيرات السياحية وغيرها, كل ذلك مدعوم بمزيد من الاصلاحات من ضمنها عمليات الخصخصة, تخفيض الضرائب واصلاحات سوق رأس المال والقطاع العقاري.. الخ. كذلك من الضروري قيام الحكومة بتنفيذ ما اعلنت عنه من مشروعات البنية التحتية والمشروعات السياحية خلال الفترة المقررة لذلك, مما سيكون له عظيم الاثر في دفع النشاط الاقتصادي بصورة اكبر. هذا وقد شهد العام 2003م زيادة بنسبة 26 في المائة في رحلات الشحن الجوي القادمة الى البلاد, حيث يمكن ان يعزى ذلك الى زيادة الانفاق من قبل المستهلكين والمؤسسات بالاضافة الى تدفق السلع الرأسمالية. وقد شهد النصف الاول من العام 2004م زيادة في عدد الركاب القادمين والمغادرين بمطار الكويت الدولي بنسبة 37 في المائة و32 في المائة على التوالي. ويدل هذا النمو على زيادة اعداد القادمين من رجال الاعمال والسائحين الى الكويت, ويدعم فرضية ان تحسن الوضع الاقتصادي يجذب مقيمين جددا الى داخل الدولة. وقد انخفض معدل النمو في رحلات شحن البضائع القادمة الى الكويت الى 9 في المائة في حين ارتفع معدل النمو في الرحلات المماثلة المغادرة للكويت بحوالي 35 في المائة خلال النصف الاول من العام الحالي. وتجدر الاشارة هنا الى ان التأخير في تنفيذ الاصلاحات والمشروعات الحكومية المؤجلة سيؤثر بالتأكيد على الاقتصاد الخاص وبالتالي على اسواق الاوراق المالية. عاملا السيولة وعمق السوق يستمران في جذب مستثمري دول مجلس التعاون الخليجي بعد موجة الارتفاع الحالية التي شهدتها اسواق الاوراق المالية الاخرى في دول مجلس التعاون الخليجي مثل قطر, المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة, يبدو تقييم سوق الكويت للاوراق المالية متدنيا. هذا التقييم المتدني بالاضافة لتوافر السيولة وعمق السوق جعلته من اكثر الاسواق المفضلة في المنطقة. وتشير كمية الاسهم المتداولة بشكل واضح الى الاهتمام الذي يوليه المستثمرون في سوق الاوراق المالية الكويتي. حيث يعد سوق الكويت للاوراق المالية واحدا من ثلاث اسواق مالية في منطقة الخليج التي تسمح لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي وغيرهم بالاستثمار في معظم الاسهم المدرجة في السوق. كذلك جذب سوق الكويت للاوراق المالية شركات دول مجلس التعاون الخليجي لادراج اسهمها فيه, وسوف تستمر على هذا النهج الذي من شأنه ان يحسن من عمق سوق الكويت للاوراق المالية. لقد نبعت الجاذبية التي يتمتع بها سوق الكويت للاوراق المالية من سيولة الاسهم المتوافرة, والتي تجعل الدخول الى السوق والخروج منه اسهل نسبيا مقارنة بغيره من اسواق الاسهم الاخرى في منطقة الخليج. ويعد هذا عاملا رئيسيا يأخذه المستثمرون في الاعتبار سواء كانوا افرادا او مؤسسات قبل الاقدام على عمليات الشراء. ولقد تجلى ذلك بصورة واضحة في السنوات القليلة الماضية من خلال النمو الذي حققه سوق الكويت للاوراق المالية. فما زال معدل دوران الاسهم في سوق المال الكويتي خلال النصف الاول من العام 2004م الذي انخفض مقارنة بالسنة الماضية مرتفعا بأكثر من 117 في المائة (على اساس سنوي) فيما يعد واحدا من اعلى المعدلات داخل اقليم دول مجلس التعاون الخليجي. وبالرغم من النمو الهائل الذي سجله سوق الكويت للاوراق المالية, الا انه مازال اقل من قيمته الحقيقية اذا ما تمت مقارنته مع نظرائه في المنطقة. كما ان الارتفاع في ارباح الشركات قاد الى ظهور ضعف في تقييم السوق مقارنة بنظرائه في المنطقة. فبالنظر الى معامل السعر - ربحية السهم، يعد سوق الكويت للاوراق المالية اقل بما مقداره 119 مرة مقارنة بالاسواق المماثلة في الاقليم. ومع استمرار توقع تحقيق مستويات ارباح قوية من قبل الشركات, نتوقع ان يشهد السوق اتجاها تصاعديا كبيرا خلال السنة الحالية ايضا. وبالرغم من التقييم الجذاب للاسهم الكويتية فنحن نشجع المستثمرين للعودة الى الاسلوب القديم في الاستثمار, وذلك بتجنب الاستثمار قصير المدى, والتوجه للاستثمار في الشركات المهيأة للارتقاء بقيمتها على المدى البعيد عن طريق تميز منتجاتها واختراقها السوق, ذات نموذج اعمال ثابت, قيمة امتياز افضل وتلك التي تمتلك محافظ استثمارية جيدة والتي يمكن ان تحقق ارتفاعا في قيمتها المستقبلية.