لطالما كانت المقاهي الشعبية ملاذاً للرجال للترفيه عن أنفسهم والالتقاء بأصدقائهم وتناول القهوة والشاي .. واليوم المقاهي (المودرن) مكان تلك الشعبية التي أصبح يرتادها الرجال والنساء ، الشبان والفتيات وأصبحت هذه المقاهي المتطورة ملاذاً للشباب الفارغ كما أنها أصبحت ملتقى رجال الأعمال وملتقى صديقات الدراسة وتناول الوجبات الخفيفة .. وكان ل(اليوم) مشاهدات من داخل المقاهي المختلفة في المنطقة : المشهد الأول صديقتان .. تغيبان ثم تعودان لتلتقيا بمعدل مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع حتى أصبحت العاملات في المقهى يعرفن طلباتهما ووجباتهما المفضلة، تجلسان ما يقارب الساعتين لتبادل الحديث حول الدراسة بالإضافة لمواقف الحياة المحزنة والمضحكة وعما يشغل بالهما ويضايقهما حتى صارت جدران الزاوية التي تختارانها في كل مرة تعرف كل تفاصيل حياتهما . المشهد الثاني يعرفه كل العاملين في المقهى باسم (المثقف) حيث انه يرتاد المقهى بشكل أسبوعي مصطحبا معه كتابا هو رفيقه طوال الساعات التي يقضيها في إحدى الزوايا الهادئة ليقرأه باسترخاء مع أكواب من القهوة. المشهد الثالث مجموعة من 4 شباب هم أصدقاء العمر، يتشاركون في الكثير من الأفكار والآراء، تجمعهم المقاهي .. يتفقون بشكل شبه يومي على المقهى الذي سيرتادونه مساءً لتناول القهوة الساخنة إلى جانب الشيشة ، إذ كان الجو مناسبا واختاروا الجلوس في زاوية خارجية، أما إذا كان ممطراً فيفضلون البقاء داخل المقهى . المشهد الرابع موظف علاقات عامة كلفت له مهمة توطيد العلاقات مع جهات تهم المؤسسة التي يعمل فيها.. أعد جدولاً للالتقاء بالمسئولين في هذه الجهات كما اختار أن يكون أحد المقاهي مقراً لهذه اللقاءات. وكان يحضر نفسه للقاء بتجهيز كتيبات حول المؤسسة والخطط.. ويحضر للمقابلة باللباس الرسمي، يقدم نفسه ويقوم بواجبه ثم يختتم اللقاء ليبعث بالفاتورة إلى المؤسسة التي يعمل لصالحها. المشهد الخامس شاب يعتبر الكمبيوتر الشخصي رفيق دربه.. يختار المقاهي الهادئة نسبياً لينجز أعماله عبر جهازه.. يجلس لساعات قد يتناول خلالها فطيرة أو يكتفي بالقهوة، ولكنه ينعزل عن عالمه الخارجي في شاشته الصغيرة التي يعيش فيها عالمه الخاص. المشهد السادس زوجان في منتصف العمر، يجلسان في أحد المقاهي المزدحمة بالناس ويبدو عليهما القلق والكآبة.. كانا يتحدثان مع بعضهما البعض بجفاف.. ويتضح للناظز إليهما أنهما يعانيان العديد من المشكلات. يستمر حديثهما وتزداد حدته ثم يخرجان من المقهى دون تناول شيء! المشهد السابع الكبائن في المقاهي التي تقدم الشيشة وفرت لكثير من الفتيات جواً حراً لتدخين الشيشة دون أن يراهن أحد ويخبر أهاليهن أو يشوه سمعتهن بحكم أن العرف يقتضي بالسماح للشبان بالتدخين ومنع الفتيات من ذلك. المشهد الثامن فتيات في مقتبل العمر يرتدن أحد المقاهي الشهيرة في الخبر في كامل زينتهن ومكياجهن الصارخ، يجلسن على طاولة مستديرة في الوسط، يطلبن الكعك والقهوة والآيس كريم.. يتحدثن وتتعالى ضحكاتهن في محاولة للفت انتباه الآخرين على الطاولات المجاورة. المشهد التاسع رجل في العقد الرابع من العمر، يجلس مع مجموعة من الأهل والأقارب، تحدث كثيراً عن رحلاته لأوروبا وغيرها من "السوالف" التي اصابت الآخرين في المقهى بالصداع .. فقد كان يتحدث بصوت عال رغبة في التباهي والاستعراض، حتى غادر الكثيرون المقهى هرباً من الإزعاج الذي سببه ! المشهد العاشر شاب اعتاد على ارتياد أحد المقاهي لتناول القهوة مع خطيبته وأحيانا أخرى مع رفاقه .. وأصبح هذا المكان جزءاً من حياته اليومية .. ينفق فيه الكثير من راتبه الشهري خصوصا أن أسعاره مرتفعة . أخيراً ... انتهت جولتنا في عدد من مقاهي المنطقة التي أصبحت اليوم عالما خاصا يعيشه مرتادوه.. كل حسب نمط حياته ومسئولياته وما شغل فكره من آراء ومبادئ .. سواء كانت أعمالا أو فراغا .. حبا أو صداقة .. أو غير ذلك .