شدد الدكتور محمود ابو زيد وزير الموارد المائية والري على ان الامن المائي يعد ركناً اساسياً من اركان الامن القومي للامة العربية، مؤكداً على ضرورة انشاء صندوق عربي للامن المائي تكون مهمته تمويل واعداد وتنفيذ مخططات الامن المائي العربي على الصعيدين القومي والقطري.. وانه لا بد من اعداد وتنفيذ برامج متكاملة للتدريب والتوعية في مجال الموارد المائية على كافة المستويات، على ان تغطي هذه البرامج انشطة تقويم وادارة موارد المياه. وقال الدكتور ابو زيد في حوار ل (اليوم) ان تأسيس المجلس العربي للمياه سوف يعطي دفعة للعمل العربي المشترك في مجال تنمية الموارد المائية وتقليل الفاقد منها بجانب ادخال تكنولوجيا وتقنيات حديثة لتقليل تكلفة المتر المكعب من مياه البحر، كما ان تطوير التشريع المائي العربي من الامور المهمة التي ستتم مناقشتها خلال المرحلة القادمة على اعتبار انه يعد احد اهم ادوات تنفيذ السياسة المائية ونجاح ادارتها. الواقع والمستقبل @ ما واقع ومستقبل المياه العربية؟ * يختلف الوطن العربي من دولة الى اخرى بالنسبة للموارد المائية، فنجد في بعض الدول وفرة مائية مناسبة، والبعض الاخر موارده المائية محدودة جداً، ودول ثالثة لديها مشاكل مع جيرانها، وذلك نظراً لوجودها على انهار او مجار مائية مشتركة وبالتالي لا يمكن ان نعمم الوضع بالنسبة للمياه العربية، اما اذا تحدثنا عن موقع العالم العربي على الخريطة الهيدرولوجية العالمية، فسنجد ان العالم العربي تقريباً يقع في المناطق الجافة وشبه الجافة، ويتراوح معدل الهطول المطري بين 20 و 2000 مم/ سنة وتبلغ جملة كميات الامطار نحو 2.3 الف مليار متر مكعب سنوياً. الأزمات القريبة @ ولكن هل تواجه المنطقة ازمة مائية؟ وهل هي وشيكة؟ * يوجد في داخل المنطقة بعض الدول تعاني ازمة مائية وبالاخص كل من الاردن وفلسطين في ظل الاطماع والاعتداءات المستمرة من جانب اسرائيل على المياه العربية، وبالنسبة للمستقبل، ننظر الى منطقة الخليج والمياه محدودة فيها واستخدامات المياه الجوفية تستنفد الموجود كله، ولكن دول الخليج تعتمد على تكنولوجيا جديدة وهي تحلية مياه البحر وهي متاحة للجميع ولكنها مكلفة. واعتقد ان الفترة القادمة وفي ظل المشروعات التنموية سواء السياحية او الزراعية التي تنفذها دول الخليج سنشاهد خلالها توسعاً في استخدام محطات التحلية.. وبالنسبة لمصر ودول حوض النيل فان المياه متوافرة لسنوات كثيرة، كما ان التعاون بين هذه الدول بدأ يأخذ اتجاهاً اكثر ايجابية وذلك من خلال آلية مبادرة حوض النيل التي تضم جميع دول حوض النيل والمدعومة من البنك الدولي وعديد من مؤسسات التمويل الدولية الاخرى وتم بالفعل رصد نحو 140 مليون دولار لاجراء دراسات الرؤية المشتركة التي تغطي 8 مجالات مهمة منها البيئة والمحافظة على نوعية المياه، الربط الكهربائي، انشطة التدريب، تقليل الفواقد وغيرها، وتجرى حالياً مفاوضات بهدف التوصل لاتفاقية لتوزيع حصص المياه التي سيتم توفيرها جراء هذا التعاون. فقر مائي @ على ذلك، هل ابتعد شبح الفقر المائي عن الدول العربية والذي كان محوراً للحديث في السنوات السابقة؟ * ينبغي ان نشير الى نقطة مهمة، وهي اذا كنا نتحدث عن الفقر المائي فاننا نتحدث عن تعريف عالمي يعاد النظر فيه الان، حيث يقال ان الدولة التي يقل فيها نصيب الفرد عن 1500 متر مكعب في السنة تعتبر داخل حزام الفقر المائي، في حين ان هناك دولاً نصيب الفرد فيها اقل بكثير من هذه الكمية، وبعيدة عن الفقر المائي التعريف القديم هنا جاء على اساس المياه السطحية "مياه الانهار" ولم يؤخذ في الاعتبار الموارد الاخرى والان يعاد النظر في هذا التعريف، مع ضرورة الاخذ في الاعتبار كفاءة استخدام المياه. سياسة موحدة @ برأيكم ما السبيل الى سياسة عربية موحدة تجاه المياه؟ وكيف يمكن وضع استراتيجية عربية للامن المائي؟ ودور المجلس العربي للمياه في هذا الشأن؟ * يوجد اهتمام ودراسات مستمرة حول الامن المائي واشتركنا في وضع خطة، ولكن بمرور الوقت وجد انه من الصعب او الاستحالة وضع خطة واحدة ومن هنا جاء تأسيس المجلس العربي للمياه الذي يضم خبراء وممثلين من كافة الاقطار العربية ومن المقرر ان يبدأ خلال الفترة القادمة مناقشة هذا الموضوع ووضع تصور له.. وفي المقابل قد تكون هناك استراتيجية، كالمحافظة على المياه المتاحة في كل بلد عربي، عدم اهدار المياه والاستخدام الامثل لها، هذه هي الامور التي ينبغي ان نضمنها الاستراتيجية، انما وضع خطة للامن المائي العربي فهذا يصعب ان يكون شاملاً.. واذكر انني اشتركت في مناقشات حول هذا الموضوع واقترحنا ان تكون هناك خطة لمجموعات دول كل مجموعة تضع خطة موحدة لها، بالنسبة لحوض النيل "مصر والسودان" ولبنان والاردن وسوريا وفلسطين مجموعة واحدة وكذلك دول الخليج مجموعة واحدة (مياه جوفية وتحلية) لا بد ان تعتمد خطة الامن المائي العربي على مجموعات من الدول تشترك اما في مصادر واحدة او في سياسة واحدة. المياه والسلام @ ما طبيعة العلاقة بين قضية المياه والسلام والتعاون الاقتصادي خاصة في ظل الممارسات الاسرائيلية المتعنتة ضد الشعب الفلسطيني؟ * تواجه قضية المياه في المنطقة العربية صعوبات عديدة لاكثر من سبب اولاً تعقد العلاقات الدولية، وتشابك المصالح بين كافة دول العالم، وارتباط دول العالم العربي بهذه العلاقات والمصالح بارادتها او بدون ارادتها، ثانياً: اتجاه السياسة الاسرائيلية نحو زيادة اعداد المهاجرين، واقامة المستوطنات وتوفير متطلبات التنمية التي تزيد الطلب على المياه، والتي تعتمد بشكل اساسي على الاستيلاء على المياه في الاراضي العربية المحتلة واستغلالها، ثالثاً: الدعوات التي تظهر بين الحين والاخر بشأن تحويل المياه الى سلعة ومحاولة تسعير المياه وانعكاسات ذلك على الابعاد الاجتماعية وبالتالي فهي مرفوضة تماماً. رابعاً هناك حقيقة ينبغي ان ندركها وهي ان اكثر من ثلثي المياه العربية تأتي من دول خارج المنطقة العربية لها مصالح تتعارض مع المصالح العربية المشتركة، الامر الذي يجعل المياه وسيلة للضغط سياسياً في بعض الاحيان، وبالنسبة لما يجري حالياً في الاراضي المحتلة ينبغي ان ندرك ان قضية المياه من الامور التي تستحوذ على اهتمام خاص لدى الادارة الاسرائيلية ومن هنا فهي ترفض الانسحاب من الاراضي العربية المحتلة نظراً لان ذلك سوف يكلفها ما يقرب من 60% من المياه التي تستخدمها وبالتالي فموضوع المياه ليس بالامر الهين. لا تعاون مع اسرائيل @ على المستوى الفني هل يوجد تعاون بين مصر واسرائيل وما صحة ما يتردد احياناً بشأن نقل مياه النيل الى اسرائيل؟ -هناك خط احمر مع أي دولة خارج حوض النيل لا نستطيع ان نتعاون في الامور المائية مع دول خارج الحوض، لان هذا ضد الاعراف والقوانين الدولية وعندما نقلنا المياه الى سيناء ثارات اعتراضات من بعض الدول الافريقية واوضحنا لهم ان سيناء جزء من حوض النيل وكان بها مزروعات في سهل الطينة.. لا يوجد أي تعاون مع اسرائيل بالنسبة للامور المائية على أي مستوى.