مغادرة الطائرة ال19 إلى لبنان ضمن الجسر الجوي الإغاثي السعودي    إشكالية نقد الصحوة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    الاحتلال لا يعترف ب (الأونروا)    «الكونغرس» يختار الرئيس حال تعادل هاريس وترمب    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    النصر لا يخشى «العين»    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    المملكة ومولدوفا تعززان التعاون الثنائي    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    اتحاد الغرف يطلق مبادرة قانونية للتوعية بأنظمة الاستثمار في المملكة والبرتغال    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    «انسجام عالمي» تعزز التواصل مع المقيمين    شتاء طنطورة يعود للعُلا    12 تخصصاً عصبياً يناقشه نخبة من العلماء والمتخصصين بالخبر.. الخميس    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    ليلة الحسم    برعاية الأميرعبدالعزيز بن سعود.. انطلاق المؤتمر والمعرض الدولي الرابع لعمليات الإطفاء    سلوكيات خاطئة في السينما    إعادة نشر !    «DNA» آخر في الأهلي    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    1800 شهيد فلسطيني في العملية البرية الإسرائيلية بغزة    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    رئيس الشورى يستقبل السفير الأمريكي    مسلسل حفريات الشوارع    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    منظومة رقمية متطورة للقدية    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    تنوع تراثي    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    في شهر ديسمبر المقبل.. مهرجان شتاء طنطورة يعود للعلا    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    أمير تبوك يستقبل قنصل بنغلاديش    ترمب وهاريس في مهمة حصاد جمع الأصوات    «تطوير المدينة» تستعرض التنمية المستدامة في القاهرة    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى السبت المقبل    وزير الدفاع يستقبل نظيره العراقي ويوقّعان مذكرة تفاهم للتعاون العسكري    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    قائد القوات المشتركة يستقبل الشيخ السديس        حرس الحدود بعسير يحبط تهريب 150 كلجم من القات    مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب عالمية ثالثة بسبب المياه!!!
ربما تحدث اذا لم يتم الاتفاق
نشر في اليوم يوم 07 - 08 - 2002

لكي ندرك قيمة المياه.. وندرك حجم المشكلة التي تهددنا كوطن عربي.. ونعرف كلنا ان الامر ليس هينا.. بل - جد- خطير
لكى تدرك عزيزي القارىء ان الحملات الاعلامية في جميع وسائل الدعاية والاعلان عن اهمية ترشيد المياه لم تكن من باب ملء فراغات ومساحات.. وانما لكي نؤمن للاجيال القادمة ونحافظ على المياه التي بدونها تنعدم الحياة فوق الارض.
.. ولكي - ثالثة - نعرف كم تساوي نقطة الماء . تعال لنقرأ .. هذا الكتاب.(حروب المياه في الشرق الاوسط الجديد) هذا هو عنوان الكتاب وكما يقولون الكتاب يعرف من عنوانه .. فها هي الكلمة الصدمة (حروب) كى يدخلنا الكاتب د. حسن بكر الى لب المشكملة أو يجهزنا لخطورتها فلا نقرأ كتابه قراءة المتنزه (على الواقف) ولكن نجلس ونتآنى ونمعن النظر والتفكير فلا احد منا بمأمن اذا همشت القضية ولم تؤخد بالجدية وعين الاعتبار.
ففي تقرير نشر مؤخرا اكد كاتبه ان نقطة المياه في الالفية الثالثة ستصبح اغلى من نقطة البترول! ولا يجد كاتب التقرير اي نوع من المبالغة في هذا الامر فقبله حذر د. بطرس غالي امين عام الامم المتحدة السابق من ان حرب المياه هي حرب القرن ال21 في الشرق الاوسط.
وها هو تقرير صادر عن البنك الدولي حول التنمية يقول ان نقص المياه يهدد 80 دولة 40% من سكان العالم، اكثر من 2 بليون شخص يعانون نقص الحاجات الاساسية للانسان وأبسط قواعد الصحة العامة.
من هنا..
فان القضية - جد- خطيرة وتنذر بخطر داهم يهدد بلدان الشرق الاوسط مجتمعة ان لم تسارع الدول بتدارك هذا الموقف وتتفق فيما بينها حول محاولة تحجيم المشكلة قبل ان تستفحل ولا ينفع معها بعد ذلك دواء.
وبداية يعرفنا الكاتب بمشكلة الموارد بصفة عامة والحرب القادمة عليها حيث الحرب على الموارد هي سمة هذا القرن فقد جاءت حرب الخليج الثانية حربا على تحديد الموارد وتوازن المصالح بين القوى الكبرى والعظمى وكما كانت مصر من قبل هي نقطة التحول المركزي في منتصف القرن جاءت حرب الخليج الثانية نقطة التحول المركزي الثانية مع نهاية القرن العشرين.. حيث اصبحت المنطقة العربية من العالم حقل تجارب للصراع الدولي بقواه المتصارعة وعندما انتهت اللعبة حاولنا بكل الطرق والوسائل تليين قلوب اللاعبين دون جدوى لقد خرج الجميع من ناحية وبقى العرب على الناحية الاخرى وامامهم ادوات الحواه وقلنسواتهم.. اما اللاعبون انفسهم فقد ذهب كل الى حال سبيله بعد ان تحددت قواعد اللعبة الدولية القادمة بانفراد الولايات المتحدة بالنظام الدولي في العالم وفي الشرق الاوسط الجديد مع اضافة لمسة لم تكن موجودة من قبل وهي محاولة جعل الدولة العبرية هي القوة العظمى رقم (1) في تلك المنطقة ضاربة عرض الحائط بقواعد التاريخ والجغرافيا السياسية وعلم ادارة الازمات.
حرب العقول
ولم يكذب شمعون بيريز رئيس وزراء اسرائيل السابق في كتاب الشرق الاوسط الجديد ان الحرب القادمة بيننا وبين العرب لن تحسم في معسكرات الجيوش بل في مقار الحرم الجامعي يقصد طبعا حرب الابحاث والاوراق العلمية حرب الادمغة والعقول النيرة التي تبحث ابعاد هذه المشكلة وتجنبنا ويلاتها.
وللمشكلة اسباب وجذور ادت الى ظهور ازمة المياه الدولية وفي قلبها ازمة المياه العربية على السطح وجعلت منظمة الفاو منظمة الاغذية والزراعة للامم المتحدة تحذر من وجود قنبلة موقوتة اسمها ازمة المياه تهدد بالانفجار عبر العالم في اي وقت وبالذات في الشرق الاوسط فان الطلب على المياه كما تقول الفاو يتضاعف حجمه كل 21 عاما.
الاسباب.. طبيعية وبشرية
ويتطرق الكتاب الى تحديد مجموعة العوامل التي ادت الى ازمة المياه منها عوامل طبيعية واخرى بشرية ويدخل في اطار الطبيعة الجفاف والتصحر والتملح والتوزيع غير المتوازن اما البشرية فشمل التلوث والهدر او الاهدار ثم التزايد السكاني والاعتبارات الاجتماعية.
فالجزء الاكبر من الاراضي العربية يقع في المنطقة الجافة وشبه الجافة في العالم وهو ما يؤدي الى ندرة الموارد المائية العربية فكميات المياه المتجددة غالبا ما تكون محدودة في الوطن العربي كما ا نها تنعدم تماما في الاراضي الصحراوية الكبرى.. وهذا الجفاف يؤدي بالضرورة الى التصحر والمصطلح يعني قابلية التحول الى صحراء والظروف شبه الصحراوية للامتداد عبر حدودها واكتساح احزمة الاخضرار والخصب وتحويلها الى ارض قاحلة جدباء.والتصحر ظاهرة سلبية تنتشر في العديد من انحاء العالم وخصوصا الوطن العربي وله اضرار بالغة على البيئة وما عليها من كائنات. وهناك ايضا ما يعرف بالتملح وهذا احد الاخطار المحدقة بالمياه خصوصا في منطقتنا حيث ينتج عنه عدم صلاحية المياه للشرب ولا للرى وفي ذات الوقت يعتبر التملح نتاجا منطقيا لنقص المياه.
واخر العوامل الطبيعة التوزيع غير المتوازن للمياه حيث تقدر كمية المياه المتجددة سنويا على مستوى المنطقة العربية بحوالي 132 كم مكعب تتمثل في المصادر الطبيعية من امطار وما يترتب عليها من مياه جوفية وروافد نهرية وهو ما يعادل 32% من المياه العذبة والتوزيع غير المتوازن اما ان يكون زمنيا او جغرافيا فالزمن يقصد به ان امدادات المياه العذبة تتغير تغيرا كبيرا مع فصول السنة فتتوافر الامطار في شهور معينة وتقل او تمتنع تماما في شهور اخرى. وهناك التوزيع غير المتوازن جغرافيا ويتمثل في وجود الجانب الاكبر من رصيد الارض من المياه العذبة على هيئة ثلوج وجليد في المناطق المتجمدة وايضا تفاوت كمية المياه العذبة من منطقة لاخرى.
التلوث والاهدار
وهناك - كما يقول الكتاب - والعوامل البيئية البشرية التي لها تأثير مباشرة على ازمة المياه ومنها التلوث، والهدر المتزايد والتزايد السكاني، والتلوث احد اهم الاخطار التي تهدد الموارد المائية في المنطقة ويرجع ذلك الى ضعف تقنيات حماية البيئة من آثار التلوث الصناعي وهو ما يؤدي الى خسارة كميات كبيرة من الموارد المائية الجوفية والسطحية وتؤدي زيادة نفايات الصناعة والزراعة والانسان الى زيادة التلوث بالاضافة الى معلومة هامة وهي ان كل (1) متر مكعب من المياه الملوثة يؤدي الى تلوث من 40-60 مترا مكعبا من المياه.
اما (الهدر) فهو احد الابعاد الداخلية لثغرة الأمن المائي العربي ويعتبر سوء الموارد المائية المتاحة في العالم العربي وفساد السياسات المائية العربية المتبعة من اخطر التهديدات الداخلية للامن المائي حيث انها تنتهى الى هدر الامكانيات والقدرات القومية.
والعوامل التي تؤدي الى اهدار المياه العربية هي اتباع نظام رى غير سليم.. التبذير في استخدام احتياطي المياه .. قلة الاعتمادات المالية التي تستلزمها برامج ومشروعات التطوير الخاصة بالموارد المائية.
ومن ابرز هذه العوامل غلبة النزعة الانانية القطرية على العمل العربي المشترك ومن ابرز الامثلة على ذلك مياه شط العرب التي تمثل تلاقي نهري دجلة والفرات اذ انها تضيع هدرا في البحر بينما تنفق دول الخليج امولا طائلة على تحلية المياه بمعدل ستة ريالات للمتر المكعب الواحد من الماء المحلى.
ولعل من اهم العوامل البشرية المؤثرة في ازمة المياه النمو السكاني في الوطن العربي الذي يبلغ 3% سنويا وهذه النسبة من أعلى المعدلات في العالم ومن المتوقع ان يتسبب هذا النمو السكاني السريع في عجز مائي يصل الى ما يزيد عن 127 مليار متر مكعب حتى سنة 2003 وتؤكد بعض الدراسات ان الاستهلاك المنزلي للمياه سنويا في الوطن العربي سيقفز في عام 2015 الى 40173 بليون متر مكعب.
تهديدات دولية
ونتملس تفاقم حجم المشكلة اذا تطرقنا الى الاعتبارات السياسية والاستراتيجية. فالامن المائي العربي يعاني من عدة تهديدات دولية لها علاقة مباشرة باستراتيجية اسرائيل في التوسع في الوطن العربي ومحاولاتها الهيمنة على البحر الاحمر والخليج العربي وخنق انظار عربية لها وزنها في النظام الاقليمي العربي كالعراق وسوريا والاردن ومصر. تريد اسرائيل خنق هذه البلاد عطشا عن طريق التأثير على دول الجوار الاقليمي المعروفة بالضلع الثالث في الصراع العربي - الاسرائيلي مثل تركيا واثيوبيا مما يؤكد ان ارهاصات حرب المياه تبدأ من اقصى الطرف الشمالي للوطن العربي (تركيا) الى اقصى طرفه الجنوبي اثيوبيا. ويزيد من خطورة هذا العامل عدم وجود اتفاقيات دولية تنظم التعامل مع المياه بين دول الحوض الواحد باستثناء دول حوض وادي النيل.
انفجار متوقع
لذا.. وحسب ماورد في دراسة قيمة من معهد دراسات التنمية والبيئة والأمن في كاليفورنيا فمن المتوقع انفجار صراعات قومية ممتدة حول اهم مادة نادرة على الارض خاصة وان الانهار الدولية تقطع مساحات شاسعة وتمر بالعديد من الدول من المنبع وحتى المصب فعدد كبير من انهار العالم الحيوية مثل النيل ودجلة والفرات وميكونج واندرمس كانت مثارا للصراع الدولي بين عدد كبير من الدول تحاول كل منها الاستفادة باكبر قدر ممكن من مياها وتظهر هذه الصراعات بشكل واضح في مناطق مثل جنوب ووسط آسيا والشرق الاوسط، حيث يعود الخلاف على المياه الى اكثر من 5 آلاف سنة.. لذلك كله فرضت ازمة المياه نفسها على الساحة العربية والدولية للبحث عن حلول لها قبل ان يأتي الوقت الذي تنشب فيه الحروب العسكرية بسببها وساعتها لن يكون البقاء الا للأقوى.
الانذار الاول للاردن والبقية تأتي
في مارس 1999 وقعت ازمة خطيرة بين الاردن واسرائيل بسبب المياه عندما رفضت الاخيرة بحجج واهية تسليم الاردن حصتها من المياه طبقا لاتفاقية وادي عربة الموقعة بين البلدين ضمن اتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلية عام 1994 وعندما ارادت الاردن تحديد ثوابتها العربية عقب وفاة المملك حسين اقدمت اسرائيل على تخفيض حصتها من 55 مليون متر مكعب الى 18 مليونا مما جعل الاردن تعجز عن تلبية احتياجات السكان الاساسية للمياه ودخل العرب دائرة العطش بفعل فاعل.
وتتفق الجهات المعنية بالشرق الاوسط على ان المياه ستكون في قمة الاولويات الى جانب النفط على المستوى الجيو - سياسي حيث ان السيطرة على مصادر المياه سوف تسفر عن تغيير موازين القوى الاستراتيجية وبالذات فيما يختص بالصراع العربي - الاسرائيلي.
الازمة الاسرائيلية
فاذا نظرنا الى اسرائيل سنجد الازمة عندها شديدة.. فهي تعتمد على ثلاثة مصادر للمياه الامطار والسيول ثم المياه الجوفية ثم الانهار واهمها بالنسبة لاسرائيل نهر الاردن الذي تسحب منه 62 مليون متر مكعب سنويا بالاضافة الى أنهار اخرى مثل العوجاء والمقطع والنعامين والكابرى ورومين.
فالواردات المائية في فلسطين المحتلة محدودة واطماع اسرائيل في مصادر المياه العربية في المناطق المحتلة عام 1967 وفي الدول العربية المجاورة يدفعها الى تضخيم الحديث عن الازمة المائية وفرضها القيود على استهلاك العرب للمياه ولا تسمح لهم بأكثر من 110 ملايين متر مكعب سنويا مع ان حاجة الزراعة في الضفة الغربية تصل الى 600 مليون م مكعب سنويا بينما كما ذكرت معاريف الاسرائيلية. تسرق اسرائيل من 300 - 350 مليون متر مكعب سنويا.
ذلك ما اكده مردخاي في سلسلة اعراف الدولة والاقتصاد الصادرة عن المركز الاعلامي بالقدس مضيفا ان مرفق مياه اسرائيل يعاني من عجز متراكم في المياه نتيجة سنوات الجفاف والاسراف في ضخ المياه وان منسوب المياه في كافة مصادر اسرائيل قد وصل الى مستوى لم يسبق ان وصل اليه من الانخفاض حتى انه تم استنزاف احتياطي المياه في اسرائيل حتى نهايته.
الارض مقابل الماء
في عام 1993م في القاهرة وبعد توقيع اتفاقية اوسلو واثناء لقاء الرئيس مبارك وشيمون بيريز وزير الخارجية آنذاك قال الاخير ان المبدأ الاساس لعلاقتنا مع العرب هو الارض مقابل الماء وذلك بعد تحول نوعي ومكشوف وخطير شكلا ومضمونا مما يلقي بتبعات ثقال على المفاوض العربي.. فالمسألة لم تعد مسالة حدود وانما تخطتها الى ماهو اخطر وصارت مسألة وجود.
النهاية .. اما عسكرية او ودية
..وبعد .. فخطورة الامر لم تعد خافية على احد الاطراف المتصارعة ويرعى الكاتب في سطوره الاخيرة من كتابه القيم ان هناك طريقتين للحل والتعامل مع الازمة اما بالادارة العنيفة للصراع او بالحل التعاوني بين اطراف الازمة.
فالادارة العنيفة للصراع يقصد بها الاغراء باستخدام القوة وتعني اجبار الخصم على تنفيذ الاهداف من خلال المناورة بالقوة العسكرية وتقوم هذه النظرية على ان مفهوم الامن القومي لا يتجزأ اي انه يشمل استخدام الدول العربية لقواتها العسكرية لوقف استغلال الدول الاخرى المشاركة في احواض الانهار العربية وبالتالي خرق الاتفاقيات الموقعة من دولها. وقد تزايدت لهجة اللجوء الى الحرب من كافة اطراف الازمة على فترات تاريخية مختلفة ففي اسرائيل عبر النائب بيليد احد اهم الجنرالات في الجيش الاسرائيلي ان احد حروبنا ستكون من اجل المياه ولابد للعالم ان يتفهم بواقعية حاجات اسرائيل الاستراتيجية.
وعلى الصعيد العربي يرى البعض ان تطور الصراع الى الحد الذي يصبح عنده استخدام القوة المسلحة لردع اسرائيل والدول المساندة لها ضرورة في استطلاع اجراه مركز الفالوجا للدراسات والنشر في الاردن يرى البعض انه بالنسبة لسوريا والعراق ليس امامهما الا استخدام القوة العسكرية الا ان امكانياتهما لن تمكنهما من السيطرة على الموقف.
اما بالنسبة للحل التعاوني فيقوم على مبدأ المنفعة المتبادلة مع دول الجوار الاستراتيجي من منطلق الايمان بوجود مصالح مشتركة او متبادلة دون مغالاة او تجاوز مع معرفة حقيقية لحاجات الدول من الماء والاستخدام الامثل له.
ويقتضي هذا الحل تطويرا شاملا لادارة الصراع حول موارد المياه بطرق سلمية. ولا يمكن تحقيق ذلك الا من خلال جهود دولية واقليمية مشتركة شرط توافر حسن النوايا وتبادل المنافع للجميع. وذلك لن يتأتى الا بعقد اتفاقيات قانونية ذات صفة دولية يحترمها الاطراف الموقعون عليها.
وهنا يجب التنبيه على:
1/ضرورة تطوير استراتيجية عربية مشتركة تضع المصلحة العربية العليا موضع التنفيذ فاذا لم يكن هناك اتحاد كامل الرؤية فعلى الاقل وجود وحدة حركية في العمل لتنفيذ الحد الادنى من الاتفاق تمنع الآخرين من سرقة المياه وانتهاك المواثيق والاعراف الدولية بشأن احواض الانهار.
2/وجود هيئة عربية عليا من المستوى الثاني في المسئولية ملحقة بامانة جامعة الدول العربية يكون دورها ليس فقط تنفيذ الاستراتيجية السابقة بل وضع خطط طويلة الامد لتنظيم واستغلال احواض الانهار العربية والاشراف الدائم لمنع تحول أية اثار جانبية الى عقبات تحول دون استغلال هذه الاحواض.
يضاف الى ذلك مرونتها وحيويتها في استخدام عوامل الاحلال والطرد للقوى الاجتماعية والاقتصادية في تلك المناطق مع الادراك الكامل لحاجات دولها وحتمية التعاون بينها.
ان تاجيل التعاون العربي الناجح - رغم كل الازمات - الى وقت آخر معناه فقط استشراء الحرب العربية - الاسرائيلية الباردة حول المياه والتي تقودها اسرائيل على قدم وساق دون مواجهة علنية ومعناه ايضا ان كل عام جديد يأتي بفيضان من الاعباء المستجدة وضياع الحقوق العربية.
ويمكن طرح عناصر ورقة عمل عربية مع دول الجوار الاستراتيجي - مع استبعاد دبلوماسية القوة مع دول احواض الانهار - وهي على النحو التالي:
* تطوير رؤية شاملة للاستقرار والامان في احواض الانهار وانشاء هيئة مشتركة لحل الصراعات التي تنشأ بالطرق السلمية
* التعاون الاقتصادي والمشاركة المتبادلة في المشروعات المتوقع قيامها في حوض النهر وطرق الاستفادة منها.
* اعداد دراسات جدوى مسبقة لمشروعات المياه الممكن قيامها مما يعني المشاركة المتساوية ولو نظريا لجميع البلدان المختلفة في حوض النهر للمنافع المتوقعة.
* انشاء صندوق لتمويل المشروعات الطموحة على حوض النهر مع الحرص على عدم خلط المشروعات المشتركة على النهر مع المشروعات المحلية.
* انشاء منظمات اقليمية او (حوضية) - اذ جاز التعبير - لدول حوض النهر لتطوير الاستفادة المشتركة من مياهه واكثر من ذلك يمكن التفكير من الآن في انشاء منظمة دولية لدول احواض الانهار (على غرار منظمة الدول المصدرة للبترول - اوبك - على سبيل المثال) لتنسيق التعاون بين هده الدول وحل مشكلاتها بالطرق السلمية هذا بالاضافة الى الاسراع في انشاء مؤسسات ذات طبيعة اكاديمية وبحثية مشتركة تساعد في الدراسة والتطوير والتنبؤ بأوضاع هذه الأنهار.
ولسوف يظل موضوع المياه امرا مثارا في منطقة الشرق الاوسط طوال العقد القادم ومصدرا خصبا لاثارة التوترات بين الدول العربية ودول الجوار الاستراتيجي مالم يتم تدارك الامر منذ الآن في اتجاهين:
اولهما: تغليب وقائع التعاون مع دول الجوار على حساب وقائع الصراع مع الاحتفاظ بالاخيرة في اطار مخطط من دبلوماسية القوة والاقناع بالعنف.
وثانيهما: ايجاد اتفاقيات مشتركة ترضى عنها جميع الاطراف تقنن تقاسم المياه بين دول الحوض الواحد منعا لحدوث التوترات وقت الازمة مستقبلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.