بعد السبات الذي حدث جراء توقف ملتقى السرد بأدبي الشرقية منذ شهرين ها هو اليوم يعود من جديد لكي يطفو على الساحة الثقافية بالمنطقة الشرقية، قبل أن ينتقل إلى صفحات الجرائد، وعلى شكل همسات داخل المنتديات واللقاءات الخاصة، إذ ترقب الكثير من المثقفين والأدباء بالمنطقة انتهاء المشكلة التي أثارها عدم رغبة النادي في التجاوب مع متطلبات القائمين عليه منذ انطلاقته قبل ستة شهور. إذ وضعت لجنة الملتقى بعض الشروط التي اعتبروها مهمة لكي ينطلق العمل في مجموعة من الفعاليات الثقافية الخاصة بالسرد وضمن هذه الفعاليات إقامة مهرجان على مدى أربعة أيام، ورشح له مجموعة من الأسماء للبدء في اتخاذ الإجراءات الخاصة للاتصال بها طمعاً في أن يكون المهرجان مميزاً. وكان ضمن الأسماء المطروحة الدكتور تركي الحمد والناقد محمد العباس، وقد رفض النادي هذين الاسمين مبدياً بعض الأسباب منها أن الحمد والعباس لم يتجاوبا من قبل مع دعوات النادي. علماً بأن رغبة أعضاء الملتقى كانت منذ البداية استقطاب مثل هذه الأسماء التي يمكن أن تثري هذا الحدث. النادي.. الهدف وعوداً على بدء فأعضاء الملتقى (د. مبارك الخالدي- عبدالله الوصالي- أسامة الملا- عبدالله السفر) جاء اختيارهم لتأسيس هذا الملتقى بالنادي عطفاً على عدم تمكنهم من تفعيل نشاطات نادي القصة بجمعية الثقافة والفنون، بسبب ظروف مادية تحول دون تنظيم تلك النشاطات، فكان النادي الأدبي هو الجهة التي يمكن أن تحقق هذا الهدف. وعلى الرغم من أن النادي لن يلبي لهم كل طموحاتهم (أهمها كان مشاركة المرأة والوجوه الثقافية الأبرز في المنطقة) فإنهم قبلوا بالدخول أملاً في أن تأتي الأيام ببعض هذه الثمار. مشاركة المرأة وبالتأكيد فإن مشاركة المرأة تعد صعبة في مثل المقر الحالي وقد وعد النادي بإيجاد مكان للمرأة في المقر الجديد، دون أي تحديد لموعد إنشاء المقر. ويعتقد بعض أعضاء الملتقى أن النادي يمكنه إقامة فعاليات تشارك فيها المرأة في أماكن أخرى كما فعلت جمعية الثقافة والفنون حين نقل أمسية القاصة أميمة الخميس في مقر جريدة اليوم. الملتقى قدم اعتذاره وفي الأمسية التي أقيمت مؤخراً للقاص عبدالله الوصالي والقاص عبدالحفيظ الشمري، في أدبي الشرقية فجر الوصالي قضية الملتقى أمام الجمهور إذ قال إن ملتقى السرد قدم اعتذاره للنادي في 10 صفر 1425 ه، وأن النشاط الجاري والنشاط الذي سيجري بعد ذلك ليس للملتقى السابق علاقة به، ومن حق النادي ان يقيم نشاطاته السردية كما يرى. المجموعة قبل الملتقى وأوضح الوصالي أن طباعة مجموعته القصصية (وميض الأزمنة المتربة) حسبما قال مقدم الأمسية ليس عن طريق الملتقى لأنه طبعها قبل بداية فعالياته. وأكد الوصالي على أهمية إبعاده شخصياً كسكرتير للملتقى عن الفعاليات الجديدة التي يقيمها النادي، فهو ليس ذلك الشخص الذي يمكن إلباسه بالرغم منه، ومن الأهمية بمكان التنويه عن أن جميع الفعاليات التي تقام بمنأى عن الأعضاء الذين انسحبوا منه ليتضح للرأي العام والوسط الثقافي أن النادي يعمل بمنأى عنهم. الحساسية الشخصية وعند سؤال الناقد محمد العباس كيف يقرأ معارضة النادي اشتراكه في مهرجان السرد وفيما إذا كان يشم رائحة موقف شخصي وراء الرفض أو تصفية لحسابات قديمة قال إن المسألة أسوأ من الحساسية الشخصية، أو تصفية الحسابات، إذ إن هنالك من يتعامل بمؤسسة ثقافية هامة كالنادي الأدبي بذهنية إدارة دكان، وهذا أمر غير مستغرب على النادي الأدبي في المنطقة الشرقية فتاريخه يشهد برداءة الطرح، وانعزاله الواضح عن موجات التغيير الحقيقية. ويضيف العباس قوله: أعتقد أنه مؤسسة مبتلاة بالوصاية الأبوية، وبوهم الثقافة الرفيعة، وبجملة من الارتكاسات المعطلة للفعل الثقافي. إنه باختصار ناد لا يريد أن يتغير لا من داخله ولا من خارجه نتيجة غياب المحاسبة المؤسساتية والجماهيرية. قطيعة متبادلة وعن القطيعة التي نشأت بينه وبين النادي قال العباس: هناك قطيعة بالتأكيد وهي متبادلة، فحين يتجاهل النادي الأسماء الفاعلة في المنطقة ويكتفي بفئة تلوك ذات الكلام مرات ومرات، فبالتأكيد لن يكون للأصوات الجديدة مكان، وحين يصرح بأنه قد وجه لي دعوة للحضور والمشاركة مثلا ،وهو أمر لم يحدث ، أستطيع أن أتبين شكل الوعي والروح التي يمكن أن يتحرك بموجبها النادي. لقد حاول البعض تغيير تلك الذهنية من داخل النادي ولكن دون جدوى فاحتكار الحقيقة والأدب مسألة متأصلة في ذهنية القائمين على النادي. أظنه - أي النادي - استمرأ فكرة إطلاق عناوين المشاركة والتغيير والحوار بين آونة وأخرى لكنه في حقيقة الأمر يعيش عزلة وقطيعة مع المثقفين الحقيقيين ولذلك يستعيض عن ذلك القصور بأصوات تتفانى من أجل الحضور لمجرد الحضور. ماذا قدم النادي؟ وعن تبرير إدارة النادي عدم مشاركته لأنه يتجاهل النادي قال العباس: لا أدري إن كنت معنيا بهذا الأمر بصفة شخصية، ولكن لنبحث في آلية الاستقطاب التي يعتمدها النادي، إذ ليس ثمة ما يغري فيما يطرحه ولم ألمس بصراحة ما يشير إلى جدية في الطرح، أو أي الماحة محرضة على التفاعل، إلا ما ندر. ويتحدث العباس عن ملتقى السرد وتفاؤله عند قيامه قائلاً: لقد فرحت بالتأكيد بوجود فئة تحاول التأسيس لفكر جديد داخل النادي، وتمنيت بالفعل أن تأخذ فرصتها لتأكيد وجود الصوت المغاير، لكنني كنت متيقنا من أن الفئة القابضة على مفاعيل النادي لن تترك أحدا يمارس فعل التغيير. أظننا بحاجة إلى قراءة أعمق لحقيقة الفعل الثقافي، وتحليل مضامين القوة كما يديرها بعض المتنفذين في النادي بتحالفات داخله وخارجه، فمفاعيل السيطرة لن تترك أحدا يتقدم إلى المستقبل، ولهذا السبب تحديدا أراني خارج هذا الفعل الارتكاسي في الماضي. مقارنة وعند سؤال العباس عن دور النادي قياساً للفعل الثقافي للأندية الأخرى قال إن النادي بعيد جدا عن حركة الفعل الثقافي سواء على مستوى إنتاج المواهب أو استقطاب الأسماء الفاعلة أو حتى المطبوعات، والسبب أنه لا ينتمي إلى اللحظة الراهنة بل إلى الماضي، انه مؤسسة محنطة تحمل عناوين مضللة كالأصالة والقداسة والثوابت وهكذا، وعند مقارنته ببقية الأندية الأدبية نراه لا يختلف كثيرا عنها، فهو في الخانة المعطلة، وبالتأكيد لا يمكن مقارنته مثلا بنادي جدة الأدبي. أعتقد أن الأمر بحاجة إلى شيء من المصارحة وليس إلى تلفيق الحلول، وإن كنت يائسا من صلاح حال النادي ما لم تتغير الذهنيات التي تديره بشخصانية ووفق أهواء وليس بموجب خطة ثقافية ترى المستقبل. الملتقى لم يعط فرصة وفيما إذا كان ملتقى السرد شكل حراكاً ثقافياً على الساحة خلال الفترة الماضية قال العباس إن الملتقى لم يأخذ فرصته الزمنية، وكان من الممكن أن يحقق شيئا خصوصا في ظل وجود أسماء جادة وقادرة على التعاطي مع مستوجبات اللحظة، وأظن أن تلك الأسماء قد جوبهت بعقبات صعبة لكيلا تطرح برنامجها التطويري. لقد كان رهانا حقيقيا على الفعل الثقافي القريب من حقيقة المشهد الثقافي ولكن للأسف أجهض هذا الفعل في مهاده، وأتمنى ألا تتأسف الأصوات والأسماء التي أرادت التغيير على هذه النهاية، بل تبدأ في منبر آخر، وبطبيعة الحال لا يمكن الرهان على كل الأسماء فهنالك من يروج للنادي بخديعة ثقافية لا يمكن أن تنطلي على أحد، فالنادي لم ولن يتغير بهذه الصورة التلفيقية والوعود المضللة، ولملتقى السرد بكل نواياه وأصواته أن يبحث عن متكأ آخر غير منبر النادي البارد. إكمال مسيرة القصة وتقول القاصة قماشة العليان: عندما كون مجموعة من المهتمين بالقصة والرواية والنقد (ملتقى السرد) يتبع للنادي الأدبي بالمنطقة الشرقية استبشرنا خيراً وتوقعت أن يكمل ما بدأه نادي القصة ويعمل على تلافي ثغراته وسقطاته التي وقع فيها لذلك طلبت من د. مبارك الخالدي رئيس الملتقى أن أكون ضمن أعضائه مؤملة أن اضيف شيئاً لملتقى السرد في المنطقة. تفعيل الحركة الثقافية وتعتقد العليان أن رئيس النادي الشيخ عبدالرحمن العبيد لن يمانع في مشاركة المرأة في فعاليات الملتقى وفق ضوابط وحدود الشريعة الإسلامية وأن تعمل إلى جوار أخيها الرجل في الإسهام الفعال والمشاركة الناضجة لتفعيل الحركة الثقافية في المنطقة الشرقية، وذلك عند إنشاء المبنى الجديد، حيث أن المبنى الحالي غير قادر على الإيفاء بهذا الغرض. وأشارت العليان إلى أن النادي لم يقصر في الاهتمام بالمرأة المثقفة فقد قدم لها كل سبل الدعم والرعاية من طباعة كتب وشراء كتبها ومشاركتها في مطبوعة النادي (دارين) ومشاركتها في المعارض إلى غيرها من سبل الاهتمام وفق قدرات النادي والهامش المتاح له بدون تجاوز ولا انتقاص. ضوابط المشاركة وتضيف قائلة عند تكريمي لم يكن هناك من سبيل لحضوري حفل التكريم وسط الرجال، فحتى لو دعاني النادي لكنت رفضت رفضاً قاطعاً لكني على ثقة من وعد رئيس النادي الرجل الفاضل الذي يقدر المرأة إيما تقدير ويسعى لإبراز صوتها وفق ضوابط معينة ربما لا ترضي الجميع!! وتبدو العليان مستاءة من انسحاب المثقفين من الملتقى وتقول إنهم من صفوة المثقفين في المنطقة الشرقية وذلك لأسباب ربما أجهلها لكنني أطالب بمن يعلمها بالسعي للتوفيق بين وجهات النظر ورأب الصدع الذي لن يكون في صالح الثقافة ولا المثقفين ربما كان هناك سوء تفاهم بسيط استغله بعض أصحاب النفوس الضعيفة (من يصطادون في الماء العكر) لتضخيمه وإشعاله والنفخ فيه ليزداد أواراً فيعوق الجميع.. وبصفتها إحدى مثقفات المنطقة ناشدت العليان رئيس النادي الأدبي بالشرقية ورئيس الملتقى الدكتور مبارك الخالدي بالسعي لردم الهوة قبل أن تتسع. عبدالله الوصالي عبدالرحمن العبيد