مؤلم ان يجد الانسان نفسه في احدى زوايا الكون المظلمة بعد ان كان في منصة الشرف تلاحقه الاضواء.. وتصفق له الاكف.. مؤلم ان تتغير النفوس ويهرب او يتهرب الاصدقاء وتغيب الشمس التي كانت تسلط اشعتها نورا ودفئا عليه.. ومؤلم ان يبحر المرء وحيدا يصارع الأمواج غريبا بين اهله دخيلا على البيت الذي احبه وعشقه وضحى لأجله. مؤلم امر هذه الحياة او لنقل بعض من يعيش فيها ممن يتغيرون.. يتلونون وينسون من ابدعوا ومن زرعوا الامل ومن ضحوا. (الميدان) اختار ان يسلك الطريق الوعر المليء بالمطبات ليخترق جدار الصمت الذي احاط بعدد من نجوم الرياضة ليخرجهم من حالة الانزواء التي يعيشون فيها ليسردوا للجماهير معاناتهم واسباب ابتعادهم عن الساحة الرياضية.. ضيفنا اليوم هو نجم كرة القدم بنادي الاتفاق جمال محمد... الذي فتح قلبه ل(الميدان): @ الكل يتساءل عنك بعد اعتزالك الكرة، فأين تجد نفسك؟ * حقيقة مازلت متواجدا بالوسط الرياضي سواء بالذهاب للنادي والاطلاع على مستجداته واحتياجاته ومتطلباته، ومحاولة حل أي مشكلة او معوقات عن طريق زملائنا القدامى ومسؤولي النادي. @ لكننا لانشاهدك متواصلا بشكل مكثف مع الجيل الذهبي السابق في المناسبات التي تقام في النادي خصوصا في السنوات الماضية.. فهل هناك اسباب معينة؟ * بدون شك هناك ظروف صعبة، فبعد الاعتزال اصبحت مستلزمات ومتطلبات اسرتي كثيرة خصوصا ان ابنائي كبروا، ولو يلاحظ الجميع أننا عشنا جل حياتنا في وسط الكرة من معسكرات وارتباطات مع النادي والمنتخبات ومن ناحيتي احاول البعد عن هذا المجال قليلا حتى لا يؤثر علي مع اسرتي واهلي، وحقيقة ان اهلي لم يقصروا معي فعندما كنت لاعبا صبروا كثيرا وعانوا مشاكل عدة في ظل ابتعادي عنهم فترات طويلة واتذكر انه خلال تواجدي في معسكر الفريق بألمانيا كانت زوجتي حامل في الشهر الاخير، وقد ضحيت من اجل النادي. @ ماذا لو خصصت ساعة او ساعتين من وقتك من اجل حضور التجمعات ومعايشة الواقع؟ * لا مانع لدي ولكن للاسف ان نادي الاتفاق نسي لاعبيه القدامى، فالذي اعرفه ان الكرة قديما في المملكة او الكويت او البحرين وغيرها لا يذهب اللاعب من الفريق والمنتخب الا بعد ان يستهلك جهده كثيرا، وبالتأكيد ان لمساته ستبقى موجودة على الكرة حتى لو لعب نصف ساعة فتجدهم يهتمون فيه حتى بعد اعتزاله فيضعونه في مركز مهم بل يثبتونه ويعتنون به ويحاولون عدم ابعاده لكن الحاصل الآن للأسف ان اللاعب عندما يعتزل تجد هنالك اشخاصا معينين يحاولون ابعاده. @ يقال ان هناك اشخاصا معنين لا ترتاح بوجودهم في التجمعات او المناسبات التي يقيمها النادي هل هذا صحيح؟ * بالعكس فنحن اللاعبين القدامى تجدنا نجتمع في كل موسم خلال الدورات الرمضانية او مباريات الهيئات والمؤسسات والشركات التي تطلبنا امثال سلمان نمشان وزكي الصالح وعبدالله صالح ومحمد ابوحيدر وغيرهم ففيه اتصالات بيننا ولم اشتك او اتضايق يوما ما من احد زملائي. @ هل هناك تجمعات تحدث بينكم في يوم مخصص؟ * نعم ففي يوم الاثنين من كل اسبوع نتجه الى استراحة ويقوم بدعوتنا زميلي زكي الصالح مع صاحبها فكان هو المبادر الى هذا التجمع الطيب بين الجيل السابق وما زال حتى الآن. @ الفريق عاد الى زمن البطولات قبل موسمين لحظة تحقيقه بطولة الامير فيصل بن فهد بعد 14 عاما من الغياب الا اننا لم نشاهد كما من النجوم السابقين في صفهم وانت واحد منهم لماذا؟ * بيني وبينك لم اجد تقديرا من احد (قالها بحزن شديد). @ ممن بالضبط؟ * من الموجدين بالنادي فلم يتكرم احد بالسؤال عني شخصيا او حتى يقول لي تفضل يا جمال واستلم فريقا معينا، فلاسف ليس هناك احد من المسؤولين الكبار يهاتفك لو اقيمت مناسبة ويستدعيك شخصيا، فهل تنتظر مثلا ان يبثعوا بعامل (هندي) او احد اللاعبين كما تفعل بعض الاندية الاخرى بدون تحديد ناد معين؟ّ... فهذا اكبر خطأ فيا اخي انا لاعب قدمت تضحيات كبيرة فلابد ان اكرم عن طريق النادي ولا يأتي عن طريق فلان او فلان آخر.. وشيء آخر هل ترضى على نفسك ان يأتي شخص من الخارج ويدعوك لعزيمة فلان من اهلك واقاربك؟.. فالمفروض ان يجمع هؤلاء اللاعبون الكبار ويكرموا اثناء الاحتفالات والمناسبات من قبل مسؤولي النادي حتى يحسوا بان لهم أناسا يقدرونهم ويحترمونهم. @ هل تحمل احدا بعينه؟ * لا احمل احدا، والكلام واضح وصريح. @ لكن نسمع بتحركات مثمرة لدعوة اللاعبين القدامى من النادي؟ * نتمنى ذلك فأي خبر سيء نسمعه عن النادي بدون شك سيتعبنا نفسيا ونتمنى التفافة من المسؤولين واعضاء شرف ولاعبين قدامى حتى يقرروا الشيء المناسب للفريق. @ كيف تصف مشاعرك بحفل اعتزالك بعد ان طوقت بحجم الحب الكبير؟ * لقد قام بحفل اعتزالي اناس يشكرون عليه على رأسهم معالي الشيخ فيصل الشهيل والرئيس عبدالعزيز الدوسري والاخ خالد الشريف المسؤول الاول عن الحفل. @ وكيف تم اعتزالك؟ * كان عبارة عن اجتماعات دورية ومستمرة مع المسؤولين والمشرفين عليه حيث درس خلاله جميع المطالب التي كنت اريدها والحمد لله انني خرجت باعتزال يليق بالحجم الذي قدمته طوال مسيرتي الكروية. @ وكيف أتت فكرة وضعك داخل مجسم كروي في حفل الاعتزال؟ * لقد كانت فكرة جميلة ولكن التوقيت لم يكن مناسبا حيث كان الجو آنذاك حارا حيث كنت انا وابني محمد بداخل المجسم الكروي وعندما اطفئت انوار ملعب الامير سعود بن جلوي بالراكة كان الكل يتساءل عن مكان تواجدي ويترقب ظهوري وتصور ان فتحة باب الخروج من المجسم كانت متجهة عكس الملعب فبدلا من انني اتجه للملعب اخذت اتخطف المكان يمنة ويسرى وسط احتفاء الحضور (قالها وهو يضحك). @ وجهت اكثر من دعوة لحضور حفل اعتزال؟ فهل كان العدد مرضيا؟ * هناك اشخاص وصلتهم الدعوات وآخرون لم تصلهم وهم كثر لكن بصفة عامة كان المهرجان ناجحا جدا. @ هل مازالت الشهرة والاضواء عالقة في ذهنك؟ * كلما اشاهد مباريات الدوري الآن تدور في مخيلتي وذهني اجواء المباريات الحاسمة، وكلما تذكرت ايام الجيل الذهبي للاتفاق جيل (صالح خليفة، وعيسى خليفة، وعبدالحليم عمر، ومروان الشيحة، وعمر باخشوين ومحمد ابوحيدر وآخرين) اقول في نفسي (الله يا زمان... وينك)! @ استغرب الكثيرون اعلانك العودة لممارسة الكرة بعد الاعتزال بتمثيلك النهضة فماذا حدث بالضبط؟ * حقيقة لم أكن انوي العودة بعد الاعتزال، فعندما طلبت الاعتزال كان بعد آخر مباراة امام الشباب في نهائي الدوري عام 1412ه التي هزمنا فيها بركلات الترجيح فبعدها اتخذت قراري وتحدثت مع الرئيس عبدالعزيز الدوسري ووقتها كنا مجتمعين في منزل رئيس اعضاء الشرف عبدالله الرشيد وكان الدوسري يقول لي: لا تعتزل واصبر.. فأمامك الاحتراف) فأصررت على عدم المواصلة وطلبت منه التوقيع على وثيقة خطاب الاعتزال فلم يقصر معي وفعل، ولما اقمت اعتزالي، جلست بعده موسما كاملا بعيدا عن الاندية حتى جاءني خطاب رسمي من رئيس نادي النهضة السابق الامير خالد بن فهد يطلب فيه خدماتي ووقتها كنت اتمرن وقال لي سموه نريدك أن تساهم معنا في رفع اسم النادي حتى يكون الى جانب الاتفاق في الممتاز، وبالفعل انضممت الهيم وتمرنت معهم. @ هل استشرت أناسا قريبين منك بالعودة من جديد؟ * هناك فئة ايدت عودتي، واخرى رفضت ذلك وبعد ان راجعت نفسي كثيرا قلت لم لا نرفع اسم النهضة ووقتها في الدرجة الثانية ما دمت قادرا على العطاء لموسم واحد. @ ألا تلاحظ اختلاف الاضواء والشهرة بين الدرجتين الممتازة والثانية؟ * يا أخي لا تنظر لهذا الامر بل انظر للواقع الذي انت موجود به سواء ممتازا او اولى او ثانية، وانا عشت مع النهضاويين افضل ما يكون سواء في التمارين او المباريات بل كانت من احسن التمارين التي اديتها وذكرتني بأيام الاتفاق عندما كنت اشد من ازر زملائي اللاعبين وأشجعهم، وبالفعل حصلنا على الاول وصعدنا للدرجة الاولى فهذا شيء طيب. @ لكن الكثيرين اكدوا أنك كنت تبحث عن الاضواء والشهرة بعد اعتزالك في موقع آخر؟ * ليس هناك شخص لا يحب الشهرة والأضواء فهي افادتني في اشياء كثيرة سواء في العمل او في المنزل او في المدرسة او في مكان آخر، فالشهرة كانت تشترى ويكفي معرفة الناس لي والتفافهم من حولي اينما ذهبت. @ وما مشاعرك بعد فوزك بلقب افضل هداف واحسن لاعب في بطولة الخليج الثامنة التي حققتم لقبها في الامارات؟ * كان شيئا لا يوصف بالنسبة لي فقبل انطلاق البطولة كنت اتنافس مع قائد النصر الكابتن ماجد عبدالله على لقب هداف الدوري المحلي فكان لي 12 أو 13 هدفا وكان لماجد اقل مني بقليل واذكر انه تبقت مباراتين لفريقي وللنصر ولكن (سامح الله) الحكم الدولي السابق عمر الشقير حيث تسبب في اخفاقي وعدم حصولي على اللقب عندما اشهر الكارت الاحمر في وجهي دون أي مبرر في مباراتنا ضد الكوكب بالرياض حيث سجلت خلال الشوط الاول خمسة اهداف وبعدها تم ايقافي مباراتين ولم استطع اكمال المشوار لتلوح الفرصة لماجد عبدالله ويسجل اهدافا رفع بها رصيده ليتفوق علي بفارق هدف، وبعد البطولة بأسبوع توجهنا للامارات لخوض البطولة الخليجية وكان التصميم موجودا بتحقيق لقب لفريقي ولشخصي والحمد لله كانت الثقة موجودة، وحصلت على الهداف واحسن لاعب كتعويض عن لقب هداف الدوري. @ اهدافك في البطولة لا تنسى وابرزها كان في مرمى الشارقة في بداية المشوار كيف تصف شعورك؟ * حقيقة ان هذا الهدف من اعز الاهداف الى نفسي، حيث كنت اتميز ولله الحمد بسرعة الانطلاق فأثناء وصول الكرة الي واجهني مدافع الشارقة ابراهيم مير وتجاوزته من الجهة اليمنى وكان زميلي سعدون حمود ينتظرني لأمرر الكرة له، وجاء في بالي انني لو مررت الكرة اليه ممكن يطلق الحكم صافرته خصوصا ان الهجمة كانت في الدقيقة الخامسة من الوقت البدل الضائع والمباراة تلفظ انفاسها والتعادل كان سيد الموقف فكان اقرب الاحتمالات لي ان اسدد الكرة بقوة وبالفعل سددتها ومن قوة التسديد لم اشاهد الا الكرة وهي (تدور) في سقف مرمى محسن مصبح. @ قبل انطلاق الدوري في كل موسم دائما ما يتردد اسمك كصاحب اسرع هدف في تاريخ المسابقة حتى الآن.. حدثنا عن قصة الهدف وشعورك لحظة تسجيله؟ * كانت مباراتنا ضد الاتحاد في الثمانينات على ملعب الامير سعود بن جلوي بالراكة قوية وانتهت لمصلحتنا 1/2 وسجلت الهدف الاول وتكفل زميلي عمر باخشوين بتسجيل الهدف الثاني، وقصته تعود الى اتفاق مسبق بيني وبين عيسى خليفة لحظة ضربة البداية فقلت له سألعب الكرة لك وانطلق صوب مرمى الخصم وبدورك تمررها للامام وفعلا نجحت الخطة عندما اصطدمت الكرة بلاعب اتحادي ثم وصلت الي وسددتها بقوة داخل شباك مرمى احمد سالم، ولتصحيح المعلومة ان الهدف سجل في الثانية (12) من بداية المباراة وليس (14) كما يعتقد البعض حتى ان محرر جريدة (عكاظ) يوسف كامل - رحمه الله - كان يتابع ويحلل المباراة بدقة وقال لي: (انت سجلت الهدف في الثانية (12) وليس (14) ولكنني وضعت الثانية (14) لانه يتوافق مع رقم فانيلتك. @ وماذا عن ذكرياتك مع المنتخب؟ * لقد كنت من افضل لاعبي المنتخب ايام المدرب البرازيلي ما نيلي في بداية الثمانينات حيث كان يضم المنتخب اسماء لامعة كأمين دابو وماجد عبدالله وصالح خليفة وعيسى حمدان ووقتها كنت صغيرا وألعب في منتخبي الشباب والاول وكنا نستعد لتصفيات كأس العالم 82م بأسبانيا. @ بعد هذه السنوات هل هناك اتصالات جانبية بينك وبين زملائك؟ * بعضهم التقى بهم والبعض الآخر اطمئن عليهم هاتفيا كلاعب الاهلي هاشم سرور ولاعب الهلال عبادي الهذلول ولاعب النصر صالح المطلق. @ هل خدمك الاعلام ام العكس؟ * ابدا لم يسيء الاعلام الي لكنه لم يعطني حقي كلاعب فلو افترضنا ان لاعبا حقق اسرع هدف في اوروبا مثلا تجده يلقى تكريما ويواجه بهالة اعلامية ضخمة، حث تعمل له المناسبات الخاصة وربما من قبل الدولة فلو تم ذلك بدون شك سيترك اثرا في نفوس اللاعبين الصغار والشباب ببذل مزيد من الجهد والعطاء ومواصلة الطموح لتحقيق نتائج افضل. @ هناك جيل سابق عانى من وضعه الاجتماعي بعد هجرة الكرة امثال محمد ابوحيدر؟ * قاطعني على الفور ثم قال: من المفترض من المسؤولين بالنادي تكريم اي شخص اضاف انجازات باسم النادي وضحى له بالكثير خاصة مثل حالة اللاعب محمد ابوحيدر وايضا يوسف خميس باطوق او اي شخص آخر، فلو يفتح مثلا (صندوق خيري) يخصص لمساعدة اللاعبين القدامى المحتاجين الذين ساءت احوالهم ويلقى دعما شهريا من اعضاء الشرف او المسؤولين بالنادي او من محبي الاتفاق لكان افضل فلابد ان ينظر الاتفاقيون لهؤلاء نظرة انسانية فبدلا من ان تذهب الاموال للاعبين من خارج النادي من الاولى ان يتم جمعها وصرفها لاحد ابناء النادي. @ ابنك الاكبر محمد كم عمره الآن؟ * 17 سنة. @ هل لديك نية بتسجيله في الاتفاق او احد الاندية الاخرى؟ * صحيح انه يتابع الكرة ويشجع احد فرقها الا انه لا يفضل ممارستها كثيرا. @ ألم ترغب او تزرع فيه حب ممارسة الكرة؟ * حاولت لكنه رفض بسبب دراسته لكن لدي ابني الآخر ريان (9 سنوات) اتوقع له مستقبلا كرويا طيبا. @ وهل سنشاهده مثل والده؟ * اتمنى ان يكون افضل مني وللمعلومية فهو يلعب مهاجما ايضا ويشبه في بداياته الى حد كبير اسطورة الكرة الارجنتينية مارادونا حيث يملك قدما يسرى قوية. @ موقف كروي تعرضت له واثر في اسرتك؟ * عندما اصبت بارتجاج في الرأس في مباراتنا ضد الاهلي بالرياض على نهائي كأس الملك وانتهى اهلاويا بهدف يتيم حيث كانت في الاساس كرة مشتركة بيني وبين صمدو فعانيت كثيرا ومكثت في المستشفى لايام وكانت المباراة منقولة تليفزيونيا ولما حدثت لي الإصابة انزعجت اسرتي من الموقف واجهشوا بالبكاء على حالتي واثر ذلك على نفسياتهم. @ كلمة اخيرة تختتم بها هذا اللقاء؟ * اشكر جريدة (اليوم) ممثلة في (الميدان الرياضي) على اتاحة الفرصة لي للحديث وحقيقة ان مواقفكم ليست مستغربة على جميع الرياضيين في المملكة عامة والمنطقة الشرقية بشكل خاص، ولم تقصروا في طرح المواضيع المميزة والى الامام دائما. جمال محمد مع سمو الأمير عبد الله بن سعد - رحمه الله -