(1) في اطار نشاطاته الثقافية لهذا الموسم وضمن اهتماماته بالابداعات الشابة نظم نادي المنطقة الشرقية الأدبي مساء الثلاثاء الماضي امسية قصصية لثلاثة من القاصين الشباب هم: فاضل عمران، خالد المجحد، ومحمد المهنا.. الامسية التي حضرها مجموعة من المبدعين والمثقفين والمهتمين ادارها د. عبدالعزيز العبدالهادي امين سر النادي الذي اشار في تقديمه الى اهتمام النادي بالابداعات الشابة والى مشاركة قاصين لأول مرة في امسية قصصية وهما خالد المجحد ومحمد المهنا. هذا وقد انطلقت القراءات القصصية على جولتين قدم كل قاص في كل جولة قصة واحدة. (2) (السلطة الشيطانية) لخالد المجحد كانت مفتتح القص اعقبها بقصة (مجلس الفقراء الازلي) ..في الاولى يتناول حدثا تقليديا يتمثل في علاقة بين رجل وامرأة ولكنه يعالجها بفنية مستخدما العين الرائية والتداعي والقدرة على الرصد واستخدام الحوار وبجانبه (المونولوج والديالوج) مما اعطى للقص ايقاعه، والمجحد الذي وظف ضميرين مختلفين في قصته احدهما ضمير المخاطب والآخر ضمير المتكلم مما يوحي بوجود ساردين، يتدخل كقاص بين ثنايا السرد ليحكم على تصرفات بطله.. وتندس الجمل الرومانسية لتشكل نتواءت سردية بين ثنايا السرد، وتجيء خاتمته الدرامية مفاجئة لتؤكد كما العنوان ما يسمى بالعدالة الفنية التي ينتهجها القاص تجاه بطله. النص الثاني للمجحد (مجلس الفقراء الازلي) كان بمثابة امثولة حاكى فيها الواقع متمثلا الصراع الازلي بين الفقراء والاغنياء ومستخدما السخرية والتجريد كعنصرين فاعلين في بنائية النص لغويا وفنيا وما اشرنا اليه في النص السابق من ايقاعية وحوارية.. وتدخل القاص تحقق في (مجلس الفقراء) وان كان السارد (ضمير الغائب) مغايرا وموفقا، وكانت الحبكة التهكمية مناسبة ومؤكدة ايضا على ما يسمى العدالة الفنية للقاص.. فثمة شخصية مركزية خبيثة تنتصر في النهاية. (3) في جولتي الأمسية قدم القاص فاضل عمران قصتي (حانة المبكي) و(كف الجسر) تتبدي فيهما قدرات القاص ونضجه الذي بدأ بتشكل عبر توظيف الراوي والتكثيف باستخدام الحذف الزمني واغفال اللحظات الميتة وكذلك السرد الموجز وان سيطرت الوقفات الوصفية في نصه الاول (حانة المبكي) لتوقف مسار الحدث احيانا. (دموعه فوران ينبوع لا ينضب).. (ديدنه هو ذا منذ نزل عليه خبر رحيل والده, كالصاعقة المباغتة, ولعلمهم بهشاشة قلبه.. الخ). ورغم ان فاضل وظف راويا عليما في قصصه الا انه كقاص يتدخل ايضا بين ثنايا السرد (والابن البار ماكل..) (يضربون بها المثل).. لتتحقق العدالة الفنية. (كف الجسر) قصته الثانية كانت اكثر نضجا بموقع الراوي وانسيابية الحدث وان تخللتها نتوءات سردية مثل (حيث كان وكما كان).. (وكم من حادث شفيع وقع أثناء.. وتتفاوت نهايات قصتي فاضل لتأتي (كف الجسر) بنهايتها المفتوحة اكثر توفيقا. (4) محمد المهنا الذي قدم قصتين طويلتين نسبيا قياسا الى قصص زميليه وهما (حبيبتي شؤمي الذي اعشقه) و(تحت السارية) اهتم با لحكاية وراهن على ذكاء القارىء فلم يمنحه مساحة ما او بياضا يملؤه بفكره او برؤاه فأسهب في الوصف مما افقد القص ايقاعيته وجاء السرد مترهلا مليئا بالتفاصيل وان كان النص الاول (حبيبتي شؤمي) انضج من الثاني (تحت السارية). يمتلك المهنا قدرة على الحكي وتبقى الفنيات التي تمنح النص ابعاده وتشكله في عالم السرد في حاجة الى تأكيد نتمنى ان يراهن عليه المهنا خاصة الوعي بالزمان واستخدام الضمائر المناسبة فهو في قصتيه وظف (ضمير المتكلم) فالبطل في القصتين يروي حكايته ويحاول ان ينقل تفصيليا ماذا حدث له.. وهذا الضمير يحتاج الى قدرة ووعي بماهيته.. بخلاف ضمير الغائب الذي يعد والزمن الماضي البسيط جناحي السرد الفاعل. (5) تفاوتت قدرات القاصين الثلاثة وتفاوتت المداخلات التي بدأها رئيس النادي عبدالرحمن العبيد بالاشارة الى تفاوت المواهب واختلاف القدرات وان اكد على اختفاء النادي بالشباب والدعوة الى تفعيل السرد في امسيات النادي ومشاركة القاصين والنقاد. المداخلة الثانية كانت لعيسى قطاوي الذي جعل (المجحد) فارس الامسية بلغته الجيدة ووصفه وتصويره ورسمه للأبعاد النفسية كما اثنى على لغة فاضل عمران ووصفه وتصويره وطالبه بالاهتمام بالالقاء كما اشاد باستخدامه الأسلوب الرمزي. وعن المهنا قال ان اللغة جيدة ولكن الاخطاء النحوية عديدة وهناك مباشرة والقصة الثانية مجموعة قصص. اما مصطفى ابوالرز فقد اوضح في مداخلته انه لا يمكن الولوج الى اعماق النصوص من خلال انطباعات, ثم اطلاق احكام عمومية وقال ان هناك عناية بالمضمون وشفافية الرمز وان هناك بدايات للمجحد والمهنا وفي معظم النصوص كانت هناك وحدانية البطل وطغيان السرد في جميع النصوص. وأنا لن اطلق احكاما على المداخلات التي اكتفي بتعليق فاضل عمران الذي قال اننا لم نسمع ما يمكن ان نسميه نقدا. جانب من الحضور