خطاب الشرع بالتحليل أو التحريم أو الإباحة أو الوجوب أو الندب موجه للرجال والنساء جميعا، إلا ما قام الدليل على تخصيص الرجال أو النساء به، والشريعة حثت على تقوية الأبدان والمحافظة على الصحة، في أدلة عامة أشرنا إليها في مقال سابق. فالرياضة عمل مشروع, يحتاج إليه الفرد ذكرا كان أو أنثى, وتحتاج إليه الجماعة، ولو لم يكن الهدف منها إلا الترويح لكفى، فكيف وفيها الكثير من الفوائد الجسدية والصحية والعقلية والنفسية والاجتماعية، بل هناك من الألعاب ما حث الإسلام عليه كالرماية, وركوب الخيل, والسباحة، وهي من فنون الرياضة, والفنون العسكرية, لما فيها من تقوية الأجساد, واكتساب المهارات, وتنمية القدرات. تحدث الفقهاء عن نظر المرأة للرجل، ولا خلاف عند الفقهاء في جواز نظر المرأة للرجل عند الحاجة أو الضرورة والرياضة في الإسلام عموما حكمها الجواز والاستحباب لما كان منها هادفا إلى ما فيه التدريب على الجهاد, وتنشيط الأبدان وتقوية الأرواح على الأرجح من أقوال أهل العلم. فالرياضة إما أن تكون وسيلة للإعداد للجهاد -وهي أرفع صور الرياضة من حيث المشروعية- أو تكون وسيلة لتقوية الأبدان وتنشيطها, والاستجمام المباح ؛ لتعين المسلم على القيام بالواجبات المنوطة به في الحياة, ومراعاة المقاصد الحسنة عند مزاولة الرياضة ؛ سببا للثواب فإنه قد تقرر عند الفقهاء أن "الأمور بمقاصدها", استدلالاً بقول الرسول: "إنما الأعمال بالنيات" وهي قاعدة عظيمة تدخل فيها كل تصرفات المسلم. والأصل عموم الأحكام الشرعية للرجال والنساء، وقد سبق أن الأصل في الرياضة الجواز. ومما يدل على أن هذا هو الأصل في ممارسة الرياضة للنساء ما ورد في سنن أبي داود، ومسند أحمد عن عائشة أنها كانت مع النبي في سفر قالت: فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم سابقته فسبقني. فقال: " هذه بتلك السبقة". وبناء على هذا الأصل فإن للمرأة أن تمارس من الرياضة ما تحتاج إليه للترويح أو لتنشيط جسدها, فإن للرياضة أثراً في نشاط البدن وحيويته. الحدود الخاصة بالمرأة أثناء ممارسة الرياضة تتعلق بكشف العورة، والمعروف أن عورة المرأة أمام الرجال هي كل بدنها عدا الوجه والكفين، فإذا وجد نوع من الرياضة تستطيع المرأة ممارسته مع الالتزام بستر العورة ضمن الحدود المذكورة فهو جائز. أما عورة المرأة أمام المرأة فما بين السرة والركبة، فإذا استطاعت أن تمارس نوعا من الرياضة مع مراعاة ذلك عند النساء فهو جائز لها. كما يجوز للمرأة النظر إلى لعب الرجال ورياضاتهم، على ألا يكون النظر إلى العورة، وألا يكون النظر بشهوة، أما كون الفخذ عورة فمحل خلاف بين الفقهاء والراجح أنه ليس عورة. وقد تحدث الفقهاء عن نظر المرأة للرجل، ولا خلاف عند الفقهاء في جواز نظر المرأة للرجل عند الحاجة أو الضرورة. كما أنه لا خلاف بينهم في حرمة النظر إن كان ذلك لشهوة أو تلذذ، لكنهم اختلفوا في نظر المرأة للرجل من غير حاجة، وليست هناك شهوة. فيرى الأحناف، والصحيح عند الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد أنه يجوز للمرأة النظر إلى الرجل من غير حاجة، بعيدا عن عورته، أي لا تنظر إلى ما بين السرة والركبة، وعند بعض الحنابلة كل جسده عدا السوأتين. ويرى بعض الشافعية وبعض الحنابلة أن ما يجوز للمرأة النظر إلى الرجل، هو ما يجوز للرجل أن ينظر إليه من المرأة من غير شهوة ولا تلذذ، وهو الوجه والكفان. ويرى البعض أن للمرأة أن تنظر من الرجل ما ينظره هو من ذوات محارمه، فينظر إلى الوجه والشعر والأذن والعنق والصدر واليد إلى المنكب والرجل إلى الركبة. وذهب فريق إلى أن لها أن تنظر منه ما يظهر عند الخدمة، وهو: الوجه والرأس والعنق واليد إلى المرفق، والرجل إلى الركبة.. وللحديث تتمة. [email protected]