فنان من جيل الرواد ، ابتدأ الرسم مبكراً ، لكن الحياة والعمل صرفاه عن متابعة مشواره في الطريق الذي أراده ، وانتظر قرابة عشرين عاماً ليعود للانطلاق من جديد بين اول معرض فردي أقامه في العام 1982م لكن ثمة سنوات طويلة أمضاها برهان نظامي يقرأ ، يتابع ، يتأمل ، وبعد إحالته على التقاعد و الفراغ الذي وجد نفسه يعانيه عاد يمسك بالسكين ، ويقرر أن حياته الحقيقية هي في مزج الألوان وتحويلها الى لوحة تحمل حلماً أو تحكي حكاية ، التقينا برهان نظامي حيث يقيم معرضه الدمشقي في صالة المركز الثقافي الإسباني بمشاركة ابنه وليد ، والمعرض هو تحية من الفنانين الى الشاعر السوري الكبير علي الجندي ، عن تجربته مع الرسم وعن أحلامه تحدث إلينا برهان نظامي حيث قال كنت مهتماً منذ صغري بالطبيعة ، وكوني ابن بيئة ريفية ، فقد شغلت بمراقبة الموجودات حولي ، وبدأت أرسمها ، كل ما يحيط بي شكل لي منظراً للتأمل ومن ثم للرسم ، حين عملت في التدريس ، وجدت نفسي أرسم أكثر مما أدرس ، وكانت دروسي للطلاب أغلبها دروس في الرسم . ويضيف نظامي علمت الصغار في البداية كيف يخطون الخطوط الأولى لكني تعلمت منهم فيما بعد الصدق والعفوية ، كنت أعلمهم فصرت أتعلم منهم، بدأت بعدها أرسم لوحات واقعية ، ولم آخذ الموضوع جدياً يعني احترافاً إلا بعد التقاعد. مؤكداً قوله بعد التقاعد طرحت نفسي، صرت أفكر بالرسم أكثر مما أفكر بأي شيء آخر ، صار الرسم هاجسي ، أنشأت محترفاً صغيراً ( يضحك) ليس محترفاً تماماً. وعلى الرغم من أنه ابن البادية إلا أنه لم يتأثر بطبيعته الصحراوية ويقول أنا أرسم ما نفتقده و من خلال لوحتي أبحث عن شيء ينقذني، عن شيء ينتشلني من هذه البيئة وهذه الطبيعة الصحراوية، فرسمت المرأة لانها أجمل ما أراه حولي، وأنا أرسمها زهرة لأن الزهور هي رمز الجمال. أرسم ما يعشش في داخلي، لا أراقب وأرسم ما أراه ، بل أرسم ما تصبو إليه نفسي، كي أعوض من خلال لوحتي ما ينقصني في الواقع. وعن الواقعية يقول نظامي أنا أبتعد عنها في رسوماتي، وذلك ليس هروباً، بل هو تعبير أحسه أقرب إلي، وأنا لا أرسم رمزاً مطلقاً لكني أبحث عن الواقع، الشيء الوحيد الذي أخذته من بيئتي هو هاجس التمرد الدائم ، هاجس البحث عن الحلم. وعن معرضه الحالي يقول إنه تحية الى علي الجندي الإنسان الكبير قبل علي الجندي الشاعر لأن قصيدته الحقيقية هي في حياته ووجوده وحضوره ، وليس في كتابته فقط. وعن الرسم والشعر قال أنا أكتب الشعر ، والرسم هو شعر ملون ،بدل أن أصف الكلمات والجمل أضع الألوان ، الرسم هو شعر للعين كما الموسيقى شعر للأذن. ويعتبر الورق الأبيض بالنسبة للفنان نظامي رهبة منذ الوهلة الأولى، لكنه يضيف ينتاب الفنان الحرص على ألا يلوث هذا البياض بأشياء دون قيمة ، الأمر في البداية أشبه بالجلوس أمام محقق ، أنت لست مذنباً في شيء لكن ثمة شعورا بالخوف ينتابك ، لكن بعد الخط الأول ، النقطة الأولى لا أظل خارج البياض بل أصير داخله ، وأترك اللون يقودني حيث يريد . وعن تعدد الألوان داخل لوحته يقول أنا أحب التنوع اللوني ، والغزارة في استخدام الألوان ، لأني أميل إلى أن تكون اللوحة غنية باللون ، وليست باهتة . ويعتقد الفنان برهان نظامي أن الرسم بالسكين يريحه، ويضيف حين أضرب الألوان على القماش بالسكين أحس براحة ، وكأني أفرغ ضغوطات الحياة ، وأطلق سراح السجناء الذين في داخلي ، وينتابني انفراج وارتياح ، أظن أنه لا إبداع بلا إحباط ، والفنان هو إنسان محبط ، أنا أستخدم السكين لأفرغ إحباطاتي ويأسي ربما، مؤكداً قوله ليس لدي هم شخصي، كل ما أحمله في داخلي هو عام ، ولوحاتي هي انعكاس له. وعن تجربته التي بدأت متأخرة جداً قال أريد أن أعوض ما فاتني من سنوات بعيداً عن الرسم ، كنت أرسم لكن ليس بهذه الكثرة، أنا الآن رسام ، ولست أي شيء آخر ، ليس لي أي عمل آخر سوى الرسم.