مسرحية "اللعب في الدماغ" وجبة فنية دسمة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ان الاحلام مازالت ممكنة في تقديم فن جاد هادف انها لغة المسرح التي جذبت الجمهور للتفاعل مع احداث العمل والتفكير في كل التفاصيل الدقيقة على مدار ساعتين من الزمن اختلطت فيها الضحكات الممزوجة بالالم على واقعنا العربي الصعب، لقد انتفض المخرج خالد الصاوي على كافة القيود الرقابية ليعيد الينا من جديد المسرح السياسي الحر الذي كاد يتناساه الجمهور. اعتمد خالد الصاوي الذي كتب النص المسرحي ايضاً على الاسقاطات السياسية بشكل مباشر ومفهوم يبدا العرض المسرحي من خلال احدى المحطات الفضائية التي تؤدي الى تسطيح فكر المشاهدين من خلال احدى المذيعات التي تفتقد لأي ثقافة او فلسفة تمكنها من التواصل مع الضيف الذي كان مختلفاً هذه المرة فهو الحاكم العسكري الامريكي تومي فرانكس الذي جاء الى البرنامج ليؤكد ان الامريكان ليسوا غزاة لأنهم جاءوا لتحرير الشعوب المقهورة وفي ظل حديثه عن الديمقراطية يظهر التناقض الشديد في تصرفات الجنود الامريكان مع الشعب حيث يقومون بقطع ألسنة المتمردين والرافضين للوجود الامريكي ووصل العرض لقمته في مشهد يقوم فيه احد الممثلين بتعذيب احدى الفتيات الثائرات وذلك بسحبها "كالحيوانات" على خشبة المسرح وعندما ينتفض احد افراد الشعب على هذا القهر ويحاول الاعتراض يتم تصفيته في الحال وقبل اسدال الستار يفاجأ الجمهور بظهور شخصية الرئيس الامريكي جورج بوش على خشبة المسرح وينتهي العرض المسرحي بالتأكيد على ان الحلم العربي مازال ممكناً مهما ابتعدت المسافات حيث تجمع ابطال العرض على خشبة المسرح ليتغنوا بصوت واحد: حيبجي يوم مهما يطول الانتظار.. والحب يقدر على الجدار ويطل من طاقته الجميع.. يتهد سور الانتظار فوق الوحوش الشرانيه.. تدبل على الدم الشظية ويولد الحب انفجار.. ويبقى اخيراً الاشادة بأبطال العرض المسرحي الذي اجاد فيه بشدة المتألق دائماً خالد الصاوي والذي لعب دور الحاكم العسكري الامريكي تومي فرانكس وكذلك الفنان الشاب عطية الدرديري الذي اجاد بشدة في تجسيد دور الشاب العربي المهمش الذي يفتقد الرغبة في المقاومة، اما فاكهة العرض المذيعة فاطمة السردي فقد نجحت في تقديم صورة واقعية لمذيعات النشرات الاخبارية فضلاً عن دور الفتاة انتصار التي تحلم بالشهرة والتمثيل. كذلك اجادت الفنانة نرمين زعزع في دور المذيعة التي تفتقد أي قدر من الثقافة وايضاً المطربة الشابة اوديت شاكر ومعهم الفنان حمادة بركات، ومن خلف الستار لعب مهندس الاضاءة دوراً كبيراً في اضفاء المصداقية على العرض من خلال الانوار الحمراء التي غطت المسرح لتعكس حجم الدم العربي الذي يسيل على ايدي الغزاة وجاء مهندس الديكور على نفس الشاكلة.