ماذا يحدث حين يجد متفرجو المسرح أنفسهم وقد صاروا ممثلين على الخشبة؟ في وقفة، ووضعيات، وأدوار لم يخطر ببالهم أن يجدوا أنفسهم عليها، وخصوصاً أمام حشد من المتفرجين الآخرين؟ هذا ما حدث بالفعل في عرض مسرحي للممثل والمخرج السوري نمر سلمون، صاحب فرقة “مسرح الجمهور الخلاق”. عرض حمل عنوان “درس درامي” وقدم الاثنين على خشبة المسرح الصغير في دار الأوبرا السورية. دخل الممثل سلمون إلى الخشبة داعيا الجمهور إلى هدم الجدار الرابع بين خشبة الممثل، وصالة الجمهور، الجدار الذي يعتبره سميكاً، وشفافاً في الوقت نفسه. ودعا الممثل متطوعين من جمهوره للوقوف على الخشبة، بعض الجمهور انصاع لطل الممثل، متطوعاً وراغباً، أو محرجاً، أو مكرها بسبب إلحاح الممثل والجمهور على خروجه إلى الخشبة. فجأة صارت الخشبة الخالية إلا من ممثل واحد ممتلئة بحوالى ثمانية عشر ممثلا. وعلى الفور دخل هؤلاء في تمرين مسرحي تحت قيادة سلمون، الذي طلب منهم أن يقفوا في وضعيات يختارونها، لتمثال، أو سواه، أو ليجسدوا أحلاماً يفكرون بها، وأخيراً واضعاً بين أيديهم نصاً مسرحياً بسيطاً يحكي حكاية طرد آدم وحواء من الجنة في مشهد تمثيلي لا يتعدى دقائق. لكن المسرحية سرعان ما خرجت عن جديتها لتتحول إلى كوميديا انقلب لها المتفرجون على ظهورهم من شدة الضحك. المضحك هو في الاستجابات البسيطة والعفوية والمتنوعة ل “الممثلين”، وزاد من جرعة الضحك تلك السخرية، وذلك التوبيخ الذي واجه بهما المخرج ممثليه الجدد، بل وأيضا ذلك الحرج البالغ الذي وضع به من يمثل دور آدم ومن تمثل دور حواء حين طلب منهما المخرج سلمون، مازحاً، أن يقفا عاريين كما ينبغي لرجل وامرأة هبطا للتو من السماء. الناقد المسرحي عبدالناصر حسو قال لوكالة فرانس برس العرض “إنه مجموعة ارتجالات هدفها إشراك المتفرج باللعبة، وذلك يدغدغ حلم كل متفرج بأن يكون ممثلاً”. وأضاف “هي في النهاية سهرة، أضحكتنا، بعد أن خلقت جوا من المشاركة، في وقت يعيش فيه كل منا في جزيرة معزولة، لقد افتقدنا هذه المشاركة في السنوات الأخيرة حيث لم يعد هنالك مسرح”. وأكد حسو أن “المسرحية لا تخلو من انتقادات للمعهد المسرحي (المؤسسة التعليمية الرسمية الوحيدة للممثلين في سوريا)، وعموما لأساليب الأداء”. أما الصحافي نبيل محمد فقال “إن محاولة الإضحاك عبر هذه السخرية وعبر اللعب على الكلام ووضع الجمهور في مكان الممثل، ثم التعليق على حركاته وأفعاله، هي محاولة ناجحة في خلق الضحكة لحظيا، ولكنها خاسرة تماما في صناعة عمل فني حقيقي”. وأوضح محمد أن المخرج “يستغل الفراغ المسرحي وانعدام حركة الصالات السورية ليقدم عرضاً بأقل الخسائر الممكنة”. المخرج سلمون قال لوكالة فرانس برس “فاجأني الجمهور السوري بطريقة تعاطيه وتجاوبه، هو المعروف عنه خجله”. وأضاف كنت أطمح أن يكون معي على الخشبة من هم أكبر من سن الشباب، التحدي الحقيقي يظهر مع كبار العمر، كيف يمكن أن تخلصهم من أشياء كثيرة”. لقطة من أ ف ب | دمشق