كان جالسا على أريكته الخشبية التي صنعها بنفسه من شجر البلوط الذي قطعه من الغابة, نعم كان وحده في كوخه الصغير وسط المزرعة التي لم تعرف طعم الماء منذ أيام مضت. يتأمل النار المشتعلة في الموقد ينتظر أن تلتهم الخشب المقطع الذي يضعه مرة بعد مرة مضت, خمسة أيام منذ ان نفقت بقرته وهو على هذه الحال يملأ معدته الخاوية بالقهوة التي لم يعد يميز طعمها يتأمل شرار النار المتطاير من الموقد .. يحس بان الحياة قد انتهت , شعوره بالحزن ينسيه جميع لحظات السعادة التي أمضاها. أخذ يتساءل في نفسه ما الذي انتظره؟ ماذا سأفعل ؟ .. اسئلة كثيرة تتضارب في مخيلته لا يجد لأي منها اجابة مقنعة. لفت انتباه صوت اعتاد سماعه انه صوت الكلب الذي يقتنيه في مزرعته , والذي بطات خطواته , وقلت حركاته , لربما هرم , فقد الامل هو الاخر مثل صاحبه؟ لا ادري ؟ لكن الذي اعرفه أنهما يشتركان في عدم وصول الطعام الى جوفيهما منذ أيام طويلة. شرد الرجل بتفكيره يتساءل فيما سيحدث لهما بعد أن أحس بأن قدميه قد أصبحتا جزءا لا يتجزأ من الارض. أصبح حاله مثل حال رماد الخشب المحترق في الموقد, إنه يحترق ألما لموت بقرته التي كانت تعينه في بعض الأمور ففي كل صباح يتناول حليبها , تقلل من وحدته .. تساعده في أعمال حقل المزرعة الذي اشتد جفافه لدرجة أن الطيور التي كانت لا تدع حبات الذرة على حالها لم تطق الاقتراب. انهض يا سمير هيا لا تجعل الدنيا تقضي عليك املأها بالامل والحيوية قبل أن تملأك بالحزن ويسيطر عليك الهم والكدر صرخ بأعلى صوته. (آه) كم الحياة جميلة , لكن ال.. البقرة لقد رحلت ماذا عساني ان أفعل؟ نسي الموقد بدأ وهج النار يتضاءل بعد أن اصبح الخشب رمادا , اصبح المكان يسيطر عليه الظلام شيئا فشيئا ما الذي يحدث بدأت العتمة تملأ المكان؟ انطفأت النار وما زال غارقا في التفكير.