سرق جدار الفصل العنصري الذي يتمدد كالافعى في اراضي الضفة الغربية الفرحة من قلوب المزارعين الفلسطينيين، خاصة مزارعي الزيتون الذين انتظروا هذا الموسم بفارغ الصبر ليعود عليهم بالخير والبركة،ولكن الرياح اتت بما لا تشتهي السفن، فدمر هذا الجدار الذي تقيمه قوات الاحتلال الاف الدونمات الزراعية، حيث كان النصيب الأكبر من اشجار الزيتون المعمرة التي تعود الى العهد الروماني، مما كبد المزارعين خسائر فادحة جداً، اضافة الى حرمانهم من مصدر رزقهم الوحيد. كما فرضت قوات الاحتلال و المستوطنون إجراءات خاصة في موسم قطف الزيتون تتراوح بين منع المزارعين من قطف زيتونهم، وممارسة أبشع أشكال الإرهاب في مواجهتهم، وإعلان مساحات واسعة من البساتين والأراضي المزروعة بالزيتون مناطق عسكرية مغلقة يحظر على أصحابها دخولها، و فرض حظر التجوال على القرى الفلسطينية الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية. ففي محافظة جنين، صادرت قوات الاحتلال أكثر من 3350 دونماً من أراضي القرى الشرقية منذ أن قررت إقامة جدار الفصل العنصري، لتحرم بذلك مئات الأسر الفلسطينية من دخلها ومصدر رزقها الوحيد،هذه الأسرالتي باتت محرومة من مواسم اعتادت عليها خاصة موسم الزيتون، حيث تمنع من الاقتراب من حقول الزيتون القريبة من الجدار العنصري. عبد الرازق سعيد رئيس المجلس القروي في عربونة اكد في تصريح ل (اليوم)، أن سلطات الاحتلال صادرت 1000 دونم من أراضي القرية منها 800 دونم مزروعة بأشجار الزيتون ومائتا دونم تزرع عادة بالخضراوات والبقوليات، اضافة الى منع عشرات العائلات من الوصول إلى أراضيها المحاذية للأراضي المصادرة وقطف ثمار الزيتون منها. وقال: إن هذه الأراضي تعتبر مصدر الرزق الوحيد لأصحابها، مشيراً إلى أن ما زاد الأمور تعقيداً هو حصار وإغلاق الأراضي الفلسطينية ومنع العمال الذين يشكلون نسبة 70% من أهالي القرية من الوصول إلى داخل الخط الأخضر للعمل هناك. واكد على ان هذه ليست المرة الوحيدة التي تتعرض فيها أراضي القرية للمصادرة حيث صادرت سلطات الاحتلال منذ احتلالها الأراضي الفلسطينية أكثر من ألفي دونم زراعية وحرجية من أراضي القرية عام 1948. أما في قرية جلبون المجاورة فقد صادرت سلطات الاحتلال لصالح جدار الفصل هذا 1916 دونماً من أراضي القرية الزراعية، وقال رئيس المجلس القروي : إن قسماً من الأراضي المصادرة لا تبعد سوى أمتار قليلة عن منازل المواطنين، كما صادرت نحو 440 دونماً من أراضي قرية فقوعة حسبما أفاد عمر دخان رئيس المجلس القروي الذي كان يتحدث ل (اليوم). وفي سياق متصل أكد عاطف حنني رئيس بلديتها في تصريح ل (اليوم) أنه وقعت اعتداءات عديدة من قبل المستوطنين رغم بُعد هذه الأراضي عن المستوطنات، وتعرض المزارعون لإطلاق الأعيرة النارية وإتلاف وسرقة ما بحوزتهم من الزيتون ومعدات القطف. قرية برقة شمال غرب مدينة نابلس والقريبة من مستوطنتي حومش وشافي شمرون لم تسلم من اعتداءات المستوطنين أيضا، كما يقول سكرتير المجلس إياد عمر إن المزارعين تعرضوا للضرب وهناك مناطق عديدة لا أحد يستطيع الاقتراب منها. محمود ابو سمرة مدير عام وزارة الزراعة الفلسطينية في لقاء مع (اليوم): قامت قوات الاحتلال بتجريف 338.251 شجرة زيتون خلال الأعوام الثلاثة الماضية وهو ما أدى لخسائر في قطاع زراعة الزيتون بلغت أكثر من ستة عشر مليون دولار أمريكي. واكد ان ذلك اثر بشدة على كميات الزيتون التي يتم قطفها وبخاصة في قرى الضفة الغربية التي تعزلها قوات الاحتلال بشكل كامل عن محيطها، كما أن الجدار الفاصل سيشكل عنصرا خطيرا في حرمان ألاف الفلسطينيين من رعاية أراضيهم و جني ثمارها، و هو ما يؤثر على معدلات إنتاجية هذه الأراضي، و يجعل سيطرة الاحتلال أو المستوطنين عليها مسألة وقت. وأظهر ابو سمرة أرقاماً تتحدث عن أن إنتاج الزيتون سينخفض بسبب تقطيع آلاف الأشجار المثمرة والمعمرة بمعدل (2200) طن سنويًّا من الزيت في الأعوام المقبلة. وقال : لقد بلغت حصيلته 35 ألف طن من الزيت، و هو ما أوجد زيادة عن الاستهلاك المحلي بحوالي 17 ألف طن، لكن هذه الكميات لم يتم تسويقها بسبب سياسة الإغلاق المستمرة على كافة المناطق الفلسطينية، و هو ما تسبب في انخفاض سعر زيت الزيتون بشكل كبير، واُثر ذلك بطبيعة الحال على المزارعين الذين يعتمد اقتصادهم بشكل كبير على مدخولات موسم الزيتون . يذكر أن مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون في فلسطين تبلغ حوالي 936426 دونما، تشكل حوالي 80 % من مساحة الأراضي المزروعة بالأشجار و 50% تقريبا من الأراضي الزراعية بشكل عام و التي تبلغ مساحتها مليونا و 837 ألف دونم وفقا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فيما تشكل مساهمة هذا الفرع 15-20% من الدخل الزراعي، أي ما يتراوح بين 700 - 800 مليون دولار.