قبل أشهر من موعد محدد لنقل السيادة للعراقيين قالت الولاياتالمتحدة إنها غير مستعدة للتدخل للحيلولة دون اتخاذ العراقيين قرارات قد تثير انقسامات بشأن السماح بقدر من الحكم الذاتي للاكراد. ورغم مشاعر القلق في واشنطن وفي تركيا حليف الولاياتالمتحدة من ان السماح بحكم ذاتي للاكراد قد يفضي الى اقامة دولة مستقلة ويعزز دعاوي كردية تطالب بالاستقلال داخل تركيا نفسها الا ان مسؤولين امريكيين قالوا ان اتفاق نقل السلطة للعراقيين الذي تم الاتفاق عليه في نوفمبر الماضي يعني ان الولاياتالمتحدة لا يمكنها املاء قرارات. ومع تزايد الخسائر في الارواح على اعتاب عام الانتخابات سرعت الولاياتالمتحدة من وتيرة جدولها الزمني لاقامة حكومة عراقية. وشمل هذا التخلي سيطرتها على الخريطة السياسية للعراق ذي التنوع العرقي رغم مخاوفها من ان تعصف الانقسامات بالبلاد. وقال سكوت ماكليلان المتحدث باسم البيت الابيض: الشعب العراقي هو الذي سيتخذ القرارات في هذا الاطار مشيرا الى اتفاق نقل السلطة لحكومة عراقية ذات سيادة بنهاية شهر يونيو القادم. وأضاف قوله: دائما ما قلنا انه من الاهمية الحفاظ على سلامة اراضي العراق. ونحن ملتزمون بقوة بهذا. لكن هناك اتفاق تم التوصل اليه في 15 من نوفمبر بين سلطة التحالف المؤقتة ومجلس الحكم العراقي. ويعتبر الاكراد الذين حاربوا الى جانب الولاياتالمتحدة للاطاحة بصدام حسين من اكثر الجماعات العرقية تنظيما في العراق بعد تمتعهم بحكم ذاتي اسبغت عليه الولاياتالمتحدة حمايتها منذ حرب الخليج عام 1991. وتقدم الاكراد بخطة الى مجلس الحكم العراقي الذي عينته الولاياتالمتحدة تقضي بمنح المنطقة الكردية حكما ذاتيا ذا شأن. وقالت صحيفة نيويورك تايمز امس الاول الاثنين ان حكومة الرئيس بوش قررت السماح للمنطقة الكردية في شمال العراق بان تستمر في التمتع بشبه حكم ذاتي في اطار دولة عراقية ذات سيادة. وقال مسؤول بوزارة الخارجية الامريكية: افترضت دوما ان الوضع الراهن سيستمر وانهم أكراد العراق سيتركون وشأنهم في ادارة شئونهم في اطار اتحادي. وفي حين اكد مسؤولون امريكيون على مسئولية العراقيين في تحديد مسألة الحكم الذاتي للاكراد الذين خاضوا الحرب الى جانب القوات الامريكية يبدو ان هناك مجالا للدبلوماسية الهادئة التي يمكنها تفادي حدوث أزمة. وقال بولنت اليزيرا الخبير بالشئون التركية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان بامكان الولاياتالمتحدة الاستفادة بعلاقاتها الطيبة مع الاكراد لاقناعهم بالتخفيف من دعواتهم للحصول على صلاحيات الحكم الذاتي. وقال مسؤول رفيع بوزارة الخارجية الامريكية ان الحكم الذاتي للاكراد في العراق وبخاصة السيطرة على مدينة كركوك الغنية بالبترول في الشمال يمثل قلقا بالغا للاتراك لكنه استدرك بقوله ان عملية اقامة حكومة قد لا تمضي بشكل سلس. وقال مسؤول آخر بوزارة الخارجية الامريكية: خلاصة موقفنا كانت تتمثل دائما في انه ما مادامت سلامة اراضي العراق مصونة ومادامت هذه العملية تلقى اتفاقا بين العراقيين فليست هناك مشكلة. من جهة اخرى يتوجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في نهاية الشهر الجاري الى الولاياتالمتحدة في زيارة رسمية سيخصص الجزء الاكبر منها للعراق خصوصا المسألة الكردية حيث يبلغ الامريكيين رفض بلاده القاطع لاقامة دولة كردية في شمال العراق. وقال مسئول امريكي ان اردوغان سيلتقي مع الرئيس الامريكي في الثامن والعشرين من الشهر الحالي وان العراق سيحتل حيزا كبيرا من المحادثات بين اردوغان وبوش يذكر ان انقرةوواشنطن تسعيان الى تحسين العلاقات بينهما بعد الفتور الذي تلا رفض تركيا في بداية العام الماضي، السماح للقوات الامريكية بعبور اراضيها لغزو العراق. وقال المسؤول الامريكي نفسه ان انقرة ما زالت قلقة من احتمال حصول اكراد العراق على نفوذ يخل بالتوازن قد يؤدي الى تقسيم والى ظهور كردستان مستقلة، موضحا ان تركيا تخشى من ان يؤدي وضع من هذا النوع الى مشاكل مع الاكراد الاتراك.واضاف ان انقرة تصر على اشراكها في اي ترتيب يتم التوصل اليه في التقسيم الاداري (للعراق) وتؤكد ان ذلك يجب الا يجري على اساس عرقي. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز امس الاول الاثنين ان الولاياتالمتحدة والادارة العراقية الحالية المؤقتة توصلتا الى اتفاق مبدئي حول منح الاكراد في شمال العراق حكما ذاتيا على الاقل في الامد القصير، بعد انتهاء الادارة الامريكية للعراق. وردا على سؤال عن هذه الانباء، اكتفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية آدم ايريلي بالقول: ان هذه المسألة ليست من اختصاص الولاياتالمتحدة. واضاف ان بنية دولة عراقية مقبلة بما في ذلك عناصر اتحادها الفدرالي مسألة دستورية تعود الى العراقيين. واكد مسؤول في وزارة الخارجية الامريكية طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس ما نشرته الصحيفة معتبرا ان ذلك يجب الا يثير قلق دول مجاورة للعراق مثل تركيا وسوريا. وقال: ستكون هناك منطقة تتمتع بادارة ذاتية لكنها ليست قضية خطيرة سيبقى الامر داخل العراق. واضاف: ايا كان الوضع الذي سيمنح للاكراد بعد عودة السيادة الى العراقيين في نهاية يونيو من الممكن اعادة النظر فيه بعد ذلك في اطار الاعداد لدستور جديد وانتخابات.