إذا أردت أن تهدم مجتمعا رياضيا فسلط عليه الذين يجيدون النفخ والتطبيل فهؤلاء يمكنهم أن يقوضوه بمنتهى السهولة ومثل هذا المجتمع الذي يتأسس على التبن، فان هزة بسيطة يمكن أن تحوله إلى رماد! وإذا أردت أن تذبح لاعبا أو قلما أو مدربا أو إداريا فإن وسائل الذبح كثيرة لا تعد ولا تحصى ومن أهمها المديح والاطراء والتضخيم الإعلامي فتتحول النملة إلى أسد في طرفة عين. ان بناء المجتمعات الرياضية والأفراد لا يتم عن طريق التطبيل والتزمير، بل عن طريق النقد الرياضي الهادف والبناء، لأنه لا يمكن لهذه المجتمعات وهؤلاء الأفراد أن يكونوا معصومين من الأخطاء والوقوع في السلبيات وكل عمل عظيم يترك وراءه ناحية سلبية حتى لو كانت بسيطة من الخطأ عدم كشفها، فإن تركها يولد أخطاء جديدة تطول فترة علاجها فيما بعد. ان العمل الرياضي الجليل يستحق التقدير والثناء وهذا شرط لاستمراره. من الواجب الالتفات إليه ولكن تضخيمه يفقده حلاوته بل يفرغه من محتواه.. فالاسراف في تناول الدواء يضر ولا ينفع رغم أن الدواء ما صنع إلا للشفاء. في تاريخنا الرياضي أمثلة حية على ما نقول.. فكم من شخصيات أجبرناها على الرحيل من واقعنا، لأننا نفخناها وأعطيناها حجما أكبر من حجمها! وكم من لاعب حطمناه، لأننا نعتناه وأسبغنا عليه ألقابا لا تناسبه! وكم من حكم قلنا انه سيد زمانه ونشرنا صوره وأقمنا له حفلات وضمخناه بالعطور وألبسناه تاج التحكيم.. وصارت أخباره ومقابلاته أكثر من أخبار الأممالمتحدة ونحن بهذا الكمّ الكبير لا نعلم مدى الاساءة التي أسأنا إليه.. كل ذلك بسبب الجهل والافتراء وتشويه الحقائق وذبح التاريخ! ماذا لو كنا قد أعطينا كل ذي حق حقه من دون زيادة أو نقصان؟ ماذا لو قلنا : إن هذا طويل القامة وذاك قصيرها؟ ماذا لو ذكرنا أن هذا يستحق الثناء، وذاك لا يستحق؟ هل ستتغير موازين الكون وتقع السماء علينا؟! *أخبار الخليج البحرينية