الاقتصاد المتوثب هو الاقتصاد الاكثر انفتاحا على العالم. والانفتاح على العالم نتيجة طبيعية للاحتكام الى آلية السوق او ما يعرف بالاقتصاد الحر. وانفتاح أي اقتصاد لايجب ان يفهم، في المنظور الاقتصادي، بالانفتاح التجاري فحسب. اذ ان مضمون الانفتاح الاقتصادي يجب ان يقوم على اساس علاقته المباشرة بالتنمية الاقتصادية. وتشير الدراسات الى ان الاستثمارات الاجنبية المباشرة، وليست التجارة، هي العامل الاساسي في تحقيق التنمية الاقتصادية في عالم جديد يعيش استحقاقات العولمة. ووفقا للارقام المتاحة في هذا المجال، فان الاستثمارات الاجنبية قد زادت بنسبة 16% خلال الفترة من عام 1987م الى 2000م مقابل زيادة التجارة في الفترة نفسها بنسبة 5ر5% فقط. ولهذا فان الاقتصاد الحر يرتكز في المقام الاول على درجة حرية ومرونة انتقال رؤوس الأموال وحركتها. ولعل هذا ما فطن اليه المشرع السعودي باصدار نظام الاستثمار الاجنبي الجديد، وما اقدمت عليه الحكومة بانشاء الهيئة العامة للاستثمار. والهدف هو تفعيل هذا الجانب والعمل على جذب الاستثمارات الاجنبية. والاهتمام بالاستثمارات الاجنبية وتسهيل انسيابها وحركتها لايجب ان ينظر اليه على انه امر يقتصر على الدول التي تحتاج الى تمويل مشروعاتها فقط، اذ ان اكثر الدول في العالم سعيا الى استقطاب رؤوس الاموال الاجنبية وتهيئة المناخ المناسب لها هي الولاياتالمتحدةالامريكية وبريطانيا. ويمكن القول اجمالا انه من الصعب ان تجد دولة لاتهتم بأمر جذب الاستثمارات الاجنبية، اذ يصعب، بالضرورة، ان تكون هناك دولة لديها التمويل الكافي لتنفيذ كل مشروعاتها او تطوير توظيف مواردها الاقتصادية المتاحة. وهنا يكمن الربط المباشر بين جذب الاستثمارات الاجنبية وتحقيق التنمية الاقتصادية التي تقوم على حسن استثمار واستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة. والقدرة على جذب الاستثمارات الاجنبية ترتبط، بالضرورة، بحزمة من الاستحقاقات التي يجب ان تكون مهيأة لتوفير مناخ آمن وعائد منافس لرؤوس الاموال في عالم تتزايد فيه وتيرة المنافسة الدولية. وهذا الامر يتطلب مرونة في تنفيذ الانظمة والاجراءات، اذ لايكفي اصدار الانظمة بل يجب ان يصاحبها حسن الادارة والتطبيق. وحسن الادارة والتطبيق مهمة يجب ان ينظر لها في هذا السياق على انها مهمة وطنية تشترك فيها فعاليات القطاعين العام والخاص على حد سواء تكون محصلتها ايجاد مناخ منافس يقدم فرصا استثمارية حقيقية تستطيع ان تستقطع جزءا من حركة رؤوس الاموال الدولية، ناهيك عن نجاحها في التأثير على رؤوس الاموال الوطنية المهاجرة. وفي هذه الرؤية، يكون على المجتمع كله، دون استثناء، مسؤولية ان يقول نعم للاستثمارات الاجنبية، ويتبع القول بالعمل. رئيس دار الدراسات الاقتصادية الرياض