وتذرف امام بوابتها دمعات الاسى والحزن.. كانت تتصور ان هذه البوابة التي طالما حلمت بلقائها واشتاقت معانقتها ستضمها بكل ترحاب وتقدير.. فالعلاقة الوطيدة بينهما نشأت منذ الطفولة.. مذ كانت عهود تحتضن السماعة الصغيرة في فراشها حين تخلد للنوم.. ومذ كانت تضع ميزان الحرارة في افواه اترابها حين يشكين المرض او يعلو انينهن من قسوة البرد وسطوة الحمى.. وكبر الحلم الوردي لتخرج المسكينة بمعدل 92 وهو مؤهل غير مرفوض فقد دفع من سبقوها للدخول الى الكلية وتحقيق الطموح وارضاء التألق في عالم الانثى العجيب.. عهود عملت المستحيل وبحثت عما هو اقوى منه علها تشفي غليلا اوجع صدرها وانحل ما بقي من جسدها المتهالك.. فقدمت اوراقها المكتظة بتعب السنين وسهر الليالي وعنف القلق والتوتر الى (الطب الموازي في جدة) ثم (الطب الموازي بالدمام) ثم رجاء ثم محادثات من مكتب الى مكتب ومن مسؤول الى اخر كانت مستعدة لدفع اية رسوم مادية مقررة يتم قبولها بها (في الطب الموازي) ولكن كتب لها حدث اجبرها ان تنسى كلية الطب وتمكث في بيتها تتأمل طالبات الجامعات وهن يرتدينها كل صباح.. التقيتها في المرة الاخيرة عاتبتها بهدوء. كان امامك كلية العلوم الطبية والصيدلة والتمريض لماذا الطب بالذات؟ ولماذا كل هذا الحزن عليه صرخت في وجهي: كفى ارحموني من العتاب والنقد.. احب الطب واحلم ان اكون طبيبة.. فقط طبيبة.. انا وطنية اطمع في ان اخدم ارضي الطاهرة بكل ما املك من قوة وانا على يقين ان ارقى ما لدي من عطاء لن اتمكن من تحقيقه الا في هذه الكلية (ومن حقي ذلك) من حقي ان ارد جميل هذا الوطن العظيم وهذه الارض المباركة من حقي ان اغرس العلم الاخضر في كل عمل ازاوله وابدع فيه واغرورقت عيناها دمعا اريحيا ثم اطلقت تنهيده عميقة اخالها لحنا جنائزيا حزينا يعزف في لحظات الوداع ويحمل ترنيمة الموت الذي لا يحبه الا من تذوق مرارة صراع الحياة. @@ تهاني حسن الصبيحة