تحلم خمس فتيات سعوديات بإنشاء أول مستشفى متخصص للنساء يدار بكوادر طبية سعودية نسائية، بمستشفى يضم مختلف التخصصات الطبية يقدم خدمات طبية على أعلى مستوى. حلمهن ليس بعيد المنال، في ضوء ارتفاع عدد الخريجات من الكليات الطبية في القطاعين العام والخاص في السنوات الأخيرة. بعض خريجات كلية ابن سيناء للعلوم الطبية في جدة، واللاتي سيحتفلن بتخرجهن الاثنين المقبل في حفلة تخريج الدفعة الأولى والثانية للكلية، أكدن أن الحلم الذي يراودهن ليس حلم الطبيبات السعوديات فقط "وإنما هو حلم كل امرأة سعودية". ما يجعل الخريجات مستيقنات بهذا الشكل من رغبة السعوديات في تحقق "الحلم"، أن كثيرات منهن يفضلن الكشف عند "طبيبة" متخصصة، بدلاً من "طبيب"، نظراً لعادات وتقاليد المجتمع السعودي، إلى جانب أن الشريعة الإسلامية التي تحث على "ألا تكشف المرأة عند الطبيب إلا في حالات عدم وجود طبيبة والحاجة الملحة في حالات المرض أو العمليات الجراحية الكبرى" من وجهة نظرهن. واعتبرت الطبيبة الخريجة آلاء الجفري، المتخصصة في الأنف والأذن والحنجرة من كلية ابن سيناء للعلوم الطبية أن وجود مستشفى متخصص للنساء يضم كل التخصصات الطبية ويجهز على مستوى عالٍ من الإمكانات والتجهيزات والكوادر الطبية ويدار بطاقات نسائية فقط، ابتداء من مدير المستشفى إلى الأطباء والممرضين والفنيين "ضرورة ملحة". وأشارت إلى أن الصعوبات في خلق مثل هذا المشروع لم تعد موجودة نظراً لارتفاع عدد الخريجات الإناث من كليات الطب من مختلف الجنسيات، حيث تخرج كليات الطب في المملكة كل عام ما لا يقل عن 1000 طبيبة من كليات الطب الأهلية والحكومية في مختلف التخصصات، لافتة إلى أن "العدد في ارتفاع ملحوظ ما يسهل نجاح المشروع". في حين وصفت الطبيبة أبرار سلطان المتخصصة في الأمراض الباطنية من كلية ابن سيناء أن مشروع إنشاء مستشفى يدار بطاقات نسائية "مطلب مجتمعي"، مضيفة: "كثيرات هن من يفضلن العلاج عند المرأة الطبيبة، وبخاصة في بعض الأمراض التي لا يمكن أن تفصح عنها المرأة للطبيب، بسبب الحياء والحرج". وشددت على أهمية دعوة قطاع الأعمال إلى العمل على إقامة مشاريع لمستشفيات نسائية متخصصة عن طريق إجراء دراسات اقتصادية، والتنسيق وتوقيع الاتفاقات مع الكليات الطبية الأهلية من أجل إمدادها بالكوادر الطبية والفنية من أطباء وممرضين وفنيين وصيدلانيات وغيرهن، منوهة إلى أن الفكرة تعد نموذجية وناجحة "في وقت يرتفع فيه عدد السكان". وعبرت الدكتورة أبرار عبدالعزيز سلطان عن أن المرأة في المجتمع السعودي لا تختلط في أعمالها مع الرجال إلا في ما ندر، "الأسر السعودية بشكل عام تفضل أن تكشف المرأة عند امرأة مثلها، إلا إذا دعت الضرورة، وضربت على ذلك مثال تخصص النساء والولادة، مشيرة إلى أن أكثر من 90 في المئة حين الحمل لا يكشفن إلا عند طبيبة نساء وولادة. رفيقتهن الثالثة الطبيبة غادة فقيه المتخصصة في طب الأسنان، تجد أن تخصصها من أكثر التخصصات التي تتطلب احتكاك الطبيب بالمرأة، "وهذا لا شك يزعج المرأة السعودية بكل عاداتها وتقاليدها، فهي تفضل أن تكشف عند طبيبة أسنان". وتوقعت أن فكرة وجود مستشفيات متخصصة تعمل بطواقم نسائية ستكون ناجحة ومثمرة وذات عائد اقتصادي كبير، وتساءلت: "لا أعرف؛ لماذا لم يفكر قطاع الأعمال حتى الآن في وجود هذا النوع من المشاريع في ظل وجود كليات طبية تخرج كل عام أعداد من الطبيبات في مختلف التخصصات. ووصفت الطبيبة عالية بن يمين المتخصصة في طب الأطفال فكرة المشروع ب"الرائعة"، وقالت: "ربما لم يفكر رجال الأعمال في وجود هذه المشاريع في السابق، نظراً لعدم وجود مخرجات في هذا التخصص، لكن الأمر اختلف اليوم في ظل انتشار الكليات الطبية وارتفاع عدد الملتحقين بها، وكذلك عدد الخريجات". ورجحت ان يجد المشروع في حال نفذ صدى واسعاً وإقبالاً منقطع النظير مع تغير وجهة نظر المجتمع تجاه الطبيبة السعودية. أما خامستهن رندا اليافعي وهي طبيبة أشعة، فتبني فكرتها على أن "الكل يدرك أن كل المستشفيات تضع طبيبة أشعة من أجل إجراء وإتمام عملية التصوير، فالأشعة تتطلب من المرأة أن تكشف أعضاء جسمها، وبالتالي لابد من وجود طبيبة أشعة تقوم بهذا الإجراء". وتستطرد: "من هنا، فإن وجود مستشفيات تدار بطواقم نسائية سيكون له مردود ايجابي، كما أن وجود مثل هذه المشاريع سيوفر العديد من الوظائف للمرأة السعودية والمقيمة باعتبار أن المستشفى سيحتاج كوادر إدارية وفنية وهندسية وتقنية". من جهته، أيد كل من رئيس مجلس إدارة كلية ابن سيناء للعلوم الطبية شالي الجدعاني وعميد كلية ابن سيناء الدكتور رشاد قشقري وجود مثل هذه المستشفيات في ظل تنامي مخرجات كليات الطب الأهلية والحكومية في مختلف التخصصات. وأكدا أن كليات الطب خلال الأعوام الخمسة المقبلة "ستغطي جزءاً مهماً من التخصصات الطبية الأكثر احتياجاً لسوق العمل، مبيناً أن مشروع مستشفى يدار بطاقات نسائية سيحقق النجاح، وستكون له عوائد مجزية متى ما تمت دراسته بشكل علمي.