من خلال قراءة التقرير السنوى التاسع والثلاثين لمؤسسة النقد العربى السعودى والمتضمن التطورات الاقتصادية المحلية للعام المالى 1422/ 1423ه, وأحدث التطورات لعام 2003م الذي قام بتسليمه لخادم الحرمين الشريفين محافظ مؤسسة النقد العربى السعودى حمد السيارى امس الاول يمكن ان يستشف العديد من التوقعات و المناهج التي يتوقع انتهاجها لدعم مسيرة الاقتصاد الوطني والذي اثبت الاقتصاد الوطنى خلال عام 2002م والفترة المنصرمة من هذا العام متانته وقدرته على تجاوز الآثار السلبية للازمة التى شهدتها المنطقة العربية من خلال نسبة نمو الناتج المحلى الاجمالى الاسمى المحققة خلال عام 2002م والبالغة نحو 8 ر 2 فى المئة . كما اثبتت سياسة توسع نشاط القطاع الخاص التي انتهجتها المملكة ايجابياتها حيث أدى ارتفاع نشاط القطاع الخاص بنسبة0ر4 فى المئة الى المساهمة في تحقيق معدلات النمو المذكورة والتي ساعد على تحقيقها ايضا تحسن نمو القطاع النفطى نتيجة استقرار أسعار النفط الخام عند مستويات ملائمة حيث زاد بنسبة 5ر2 فى المئة بالاضافة الى تراجع الاسعار المحلية حيث انخفض الرقم القياسى العام لتكاليف المعيشة خلال عام 2002م بحوالى نصف الواحد فى المئة. كذلك ارتفع فائض ميزان المدفوعات ليبلغ 5ر44 مليار ريال وتراجع العجز الفعلى للميزانية العامة ليبلغ 5ر20 مليار ريال. وعلى ضوء الاجواء السائدة حاليا من تماسك واستقرار أسعار النفط عند مستويات ملائمة للمنتجين والمستهلكين واستمرار التوسع فى نشاط القطاع الخاص و صدور أوامر ملكية كريمة باعادة هيكلة عدد من الوزارات بالاضافة الى موافقة مجلس الوزراء على مشروع نظام السوق المالية ونظام مراقبة شركات التأمين التعاونى ونظام مكافحة غسل الاموال وغير ذلك من الانظمة , وهي قرارات تعد مكملة لما سبق أن اتخذته الدولة من اجراءات كانشاء المجالس المختصة واقرار مجموعة من الهيئات والانظمة اضافة الى تخصيص عدد من الانشطة الاقتصادية العامة يمكن أن يحقق الاقتصاد الوطنى خلال عام 2003م نتائج أفضل مما سجله العام السابق , كما تساهم تلك الاجراءات بشكل فاعل فى دعم تهيئة الاقتصاد المحلى لمواجهة تحديات المرحلة القادمة. ( خفض الدين العام ) ويتوقع دعم الجهود الهادفة لخفض الدين العام وتحقيق نتائج ايجابية فى اطفائه ورفع معدلات النمو الاقتصادى وايجاد فرص عمل مناسبة لابناء هذا الوطن المعطاء و تطوير آلية مناسبة لاطفاء الدين العام مع المحافظة على توازن الميزانية العامة للدولة من خلال الاستمرار فى ترشيد وبرمجة المصروفات العامة وزيادة حجم وقنوات الايرادات العامة غير النفطية وذلك امام النجاح الملموس الذي حققته الجهود الرامية الى ضبط المصروفات العامة واعادة التوازن الى الميزانية العامة للدولة. ( برنامج التخصيص ) ومن المؤمل أن يساهم نظام السوق المالية الجديد فى الارتقاء بالجهود المبذولة لنجاح برنامج التخصيص فى المملكة لاهميته فى تخفيف الاعباء المالية عن الميزانية العامة ويزيد من حسن استغلال الموارد المتاحة ويرتقى بجودة الخدمات اضافة الى أنه يعزز فرص الاستثمار الخاص المحلى والاجنبى فى قطاعات مهمة كالاتصالات والكهرباء والماء والمواصلات والنقل وغيرها من القطاعات الحيوية ومدفوعا بالتجربة الناجحة لطرح جزء من أسهم الشركة السعودية للاتصالات للاكتتاب العام والتى تشجع على المضي قدما فى نهج تجارب مشابهة فى المستقبل القريب . ( مشاركة القطاع الخاص ) كما سيستمر السير فى تعزيز أساليب وفرص مشاركة القطاع الخاص فى مجالات التنمية المختلفة امام التغيرات المتسارعة التى يشهدها الاقتصاد المحلى والعالمى ( التعليم وسوق العمل ) يتوقع ان تتخذ خطوات جديدة تستهدف تطوير مناهج التعليم والتدريب لتتلاءم مع احتياجات سوق العمل للمساعدة في اعداد الفئة الشابة لتولى الاعمال التى تحتاجها قطاعات الاقتصاد الحديث , نظرا لما يتميز به المجتمع السعودى من ارتفاع معدل نموه السكانى خاصة الفئة الشابة منه وقد أدى ذلك الى زيادة أعداد الشباب التى تدخل سوق العمل سنويا بمعدلات أعلى من فرص العمل الجديدة مما أوجد تحديا لمسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية وقد حظيت هذه القضية باهتمام المسؤولين فى مختلف القطاعات وعلى رأسها مجلس القوى العاملة ومؤسسات التعليم والتدريب والغرف التجارية والصناعية . ( استقرار سعر الصرف ) كما ستتواصل السياسة النقدية للمحافظة على استقرار سعر صرف العملة الوطنية والاسعار المحلية وضمان سلامة ومتانة النظام النقدى والمصرفى المحلى. ويعد هذا الاستقرار شرطا ضروريا لتحقيق تنمية اقتصادية مستديمة خصوصا وان تقرير مؤسسة النقد اشار الي انه في ظل هذه السياسة فقد زاد عرض النقود خلال الارباع الثلاثة الاولى من عام 2003م بنسبة 1ر4 فى المئة وارتفعت الودائع المصرفية بنسبة 8ر4 فى المئة وزادت مطلوبات المصارف التجارية من القطاعين العام والخاص بنسبة 8ر10 فى المئة. كذلك عززت المصارف قاعدتها الرأسمالية وركزت على الاصول ذات العوائد العالية والمخاطر المتدنية وطورت خدماتها المصرفية وكثفت استخدامها للتقنية الحديثة وقد ساهم ذلك كله فى زيادة أرباحها بنسبة 0ر5 فى المئة وتسجيل معدل ملاءة عالية نسبتها 7ر18 فى المئة مقارنة بنسبة 8 فى المئة للمعدل العالمى للجنة بازل. ( الاسهم المحلية ) يتوقع ان يساهم نظام السوق المالية الذى يعد نقلة نوعية هامة فى تاريخ السوق المالية السعودية فى اعادة هيكلة رأس المال بالمملكة على أسس جديدة ومتطورة من شأنها تعزيز الثقة بهذه السوق وجذب الاستثمارات لها وتوفير مرجعية نظامية متكاملة لها تشمل أهم المبادئ والاسس والنصوص التى تغطى كافة الجوانب المتعلقة بالسوق. وواصلت سوق الاسهم المحلية أداءها الجيد للعام الخامس على التوالى مما يعكس حالة التفاؤل المشرق لمناخ الاستثمار المحلى فقد ارتفع مؤشر أسعارها فى الارباع الثلاثة الاولى من عام 2003م بنسبة 1ر61 فى المئة ومما يدل على متانة الاقتصاد السعودى وتوازن النظام المصرفى والمالى المحلى منح وكالة التصنيف الدولية ستاندر اند بورز هذا العام المملكة تصنيف (أ) لمديونية العملة المحلية وتصنيف ( أ) لمديونية العملة الاجنبية طويل الاجل وتعد هذه معدلات عالية مقارنة بالمستويات الدولية والاقليمية ( شفافية البيانات ) من المأمول ان تتجه كافة الجهات الحكومية والخاصة الى مزيد من الشفافية والافصاح فى نشر البيانات والمعلومات التى لها أهمية بالغة فى مساعدة المسئولين فى القطاعين العام والخاص لاتخاذ القرارات الاقتصادية والاستثمارية السليمة وفقا لموافقة مجلس الوزراء الموقر على نشر البيانات الاقتصادية والمالية وغيرها بشكل دورى ومنتظم وذلك لاهميتها فى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير قواعد البيانات بالبلاد.