مع استمرار رفض العراقيين على المستويين الرسمي والشعبي لدخول قوات تركية الى العراق يصر الامريكيون على استعجال وصول هذه القوات التي يريدونها بمثابة درع واق في وجه الهجمات المستمرة ضد قواتهم محاولين بذلك استباق حلول شهر رمضان الكريم الذين يتوقعون ان يكون شهرا اسود للامريكيين والقوات الغربية في العراق. فالرفض الشعبي لدخول القوات التركية الى العراق عبر عنه مجلس الحكم الانتقالي ووسائل الاعلام والشارع العراقي وحمله وفد عشائري زار أنقرة الشهر الماضي يمثل مائة عشيرة عراقية في المناطق التي ستتواجد فيها هذه القوات ورفض كردي وآخر شعبي إضافة لرفض المقاومة العراقية التي اتهمت بضرب السفارة التركية في بغداد قبل أيام ، الا ان الأمريكيين يصرون على ان تتولى القوات التركية مهامها في العراق قبل نهاية هذا العام بل ربما قبل شهر رمضان الذي من المحتمل ان تتصاعد فيه الهجمات ضد الأمريكان ومن المفضل ان يكون بديلها قوات تركية إسلامية ، وان تمارس مهامها العسكرية بدل قوات أمريكية في المناطق الساخنة حيث تشير المعلومات ان القوات الأمريكية تخطط لمنح اكثر من عشرة آلاف جندي أمريكي إجازات وقتية لزيارة أمريكا قبل نهاية هذا العام بعد ان استمر بقاؤهم في العراق لاكثر من خمسة اشهر مما سبب انخفاضا في معنوياتهم خاصة بعد زيادة الهجمات من المقاومة العراقية ضدهم . تحديد انتشارها مكانا وزمانا وجود القوات التركية في رأي العراقيين اذا لم يستطيعوا منعها لابد وان يكون محددا مكانيا وزمنيا خاصة بعد تدريب القوات العراقية المسلحة والشرطة الجديدة التي ستحل محلها على ان تخرج في حال استقرار الوضع الأمني . ومن معلومات استقتها ( اليوم ) من عضو مجلس الحكم الانتقالي العراقي الشخصية الكردية محمود عثمان فان المباحثات جارية بين ممثل الاحتلال بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي للعراق وأعضاء من مجلس الحكم بشأن الوصول الى حل للخلافات التي نشبت بين الطرفين فيما يخص دخول هذه القوات والأماكن التي ستنتشر فيها ، ونتائج ذلك على الوضع الأمني الإقليمي والداخلي للعراق . الخوف من مطالبة دول جوار بوجود مماثل بين الدكتور محمود عثمان عضو مجلس الحكم ان فتح الأبواب للقوات التركية يمكن ان يدفع دولا مجاورة للعراق للمطالبة بإدخال قوات أيضا كما هو الحال مع إيران التي قد تطلب ذلك او تدخل قوات غير نظامية لموازنة الأمن الإقليمي عقب دخول القوات التركية للعراق موضحا ان ذلك قد يسبب مشاكل كبيرة في العراق ، منتقدا في الوقت نفسه المبالغ التي ستصرف على القوات التركية والبالغة اكثر من 8 مليارات دولار والتي يمكن الإفادة منها في تدريب قوات عراقية لحفظ الأمن دون ان تكلف كثيرا من المال او الاعتماد على مؤسسات ( البيشمركة ) الميليشيات الكردية لحماية الأمن والنظام بدل القوات التركية . من جانب آخر وعلى الصعيد نفسه أكدت مصادر من مجلس الحكم العراقي لم تكشف عن هويتها ان قرار دخول القوات التركية الى العراق بات أمرا محسوما ولكن المباحثات التي تجري الآن هي لمجرد إعطاء التطمينات وإزالة مخاوف الأكراد بشكل خاص من دخول تلك القوات والتباحث بشأن تحديد بعض صلاحياتها بما لا يشكل مشكلة أمنية مستقبلية تهدد الاستقرار . انتشار بعيدا عن شمال العراق وخارج المدن وبينما تواصل اللجنة الأمنية المشتركة بين مجلس الحكم العراقي والقوات الأمريكية ممثلة ببول بريمر والجنرال جون ابو زيد والجنرال ريكاردو سانشيز قائد قوات التحالف في العراق ، رجحت مصادر سياسية عراقية مطلعة ان ينتهي الخلاف بين القوات الأمريكية في العراق ومجلس الحكم الانتقالي بشأن دخول القوات التركية للعراق بحل وسط وصفه الطرفان بالمقبول يسمح بدخول هذه القوات الى العراق لتستقر في مناطق بعيدة من شمال العراق الذي يضم الأكراد وبفترة زمنية محدودة ، وان تكون القوات التركية بإمرة القوات الأمريكية وان لا تتدخل في أمن المدن والأشخاص في سبيل احتواء حالة الرفض العراقية لقدوم هذه القوات وخاصة الرفض الكردي الذي ينذر بعواقب وخيمة في حال وجود هذه القوات قرب المناطق الكردية إذ من المحتمل ان تنتشر قرب مدينة الرمادي بدل مدينة تكريت القريبة من شمال العراق وهو الموضع الذي يجري الحوار حوله الآن.