لم يزل مفهوم الوسطية يتردد في المنابر والمؤتمرات والندوات وغيرها من التجمعات العلمية والشرعية، فما المقصود ب «الوسطية»؟ وماذا يترتب عليه من مفاهيم وسلوكيات؟ وكيف يجب أن يتعامل المسلمون مع بعضهم ومع غيرهم من الديانات الأخرى ضمن إطار هذا المفهوم؟ وما دور الانحراف الفكري والتعصب والتشدد الديني في التشويش على هذا المفهوم وانتشاره في أوساط الناس؟ هذه الأسئلة وغيرها تطرحها (الرسالة) في سياق الاستطلاع التالي: فمن جانبه قال عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الدكتور إحسان المعتاز إن القائمين على الجامعة الإسلامية أحسنوا صنعاً باختيار هذا الموضوع حيث إنه موضوع ذو شجون، لافتاً إلى أنه يأتي في ظل تنازع الكثير حول هذا المصطلح، وادعائهم أنهم وسطيون، مشيراً إلى أن الوسط يعني الخيار الأفضل، وليس مجرد التوسط بين أي شيئين؛ لأن الوسطية هي طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وهي الدين الذي ارتضاه الله لهذه الأمة، وهي المقصودة بقوله تعالى «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا» ومعنى قوله وسطا، أي: خياراً عدولا، فهي أمة الخيرية والعدالة والشاهدة لجميع رسل الله السابقين أنهم أدوا الأمانة وبلغوا الرسالة حين تنكر أممهم ذلك يوم القيامة. فتأتي أمة النبي صلى الله عليه وسلم تشهد لأولئك الرسل الكرام بالبلاغ والبيان؛ لأنهم سمعوا ذلك وقرأوه في كتاب الله، فيقبل الله شهادتهم ويصدقهم في مقولتهم لأنهم خيار عدول. وأوضح المعتاز أن تمسك بعض المفرطين والمتهاونين بهذه المقولة كلما دعي للمحافظة على شعائر الإسلام وبهدي النبي صلى الله عليه وسلم بأنه إنسان وسطي هو احتجاج باطل في غير محله، وهي كلمة حق أريد بها باطل. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم سيد الوسطيين مع أنه أخشاهم وأتقاهم وأطوعهم وأعبدهم لله سبحانه. فهو مصطلح يبينه العلماء بين إفراط أهل الغلو وتفريط أهل التقصير. إعمار لا خراب وأشار الباحث الشرعي الشيخ هاني بن أحمد دومان إلى أن هذه الندوة تأتي في وقت جيد مناسب خاصة وأننا بحاجة إلى العودة الصحيحة إلى الإسلام منهجا وشريعة والتي تعتبر الوسطية والاعتدال هما ركيزتان أساسيتان وعمودان لا يقوم الإسلام إلا بهما سواء في معاملاته أو عباداته، موضحاً أنه دين يدعون في جميع أدبياته وأخلاقياته وتعاملاته إلى نشر وتعزيز ثقافة الحب والخير والرحمة والمودة والاحترام والإنصاف والعدل والمساواة والتعاون والتواصل والصدق والوفاء والتسامح والتغافر وغيرها من الفضائل. كما أشار دومان إلى أن من معاني الوسطية العدل مع كل الناس حتى مع المخالف كما قال تعالى: (إن الله يأمركم بالعدل والإحسان)، وقال تعالى:(ولايجرمنكم شنئان قوم على أن لاتعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى)، ةغيرها من النصوص التي ينهانا فيها الإسلام عن الظلم والقسوة والتعدي على الآخرين لأننا دعاة خير وإعمار وبناء لا دعاة تخريب وتدمير وإرهاب. وأشاد دومان ب»ندوة الوسطية» التي تقيمها الجامعة الإسلامية والتي من شأنها أن تعزز منهج الإسلام الوسطي المعتدل، وتعالج السلوكيات الخاطئة وتعرف بالشريعة الإسلامية التي هي صالحة لكل زمان. الوسط بين الأمم كما بين أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور هاني بن أحمد عبدالشكور أن الإسلام دين السماحة والاعتدال وفي الحديث (بعثت بالحنيفية السمحة)، والأمة الإسلامية أمة الوسط بين الأمم بين المغالين والمفرطين فهم يرددون هذا المعنى على ألسنتهم في اليوم والليلة أكثر من سبع عشرة مرة حينما يقرؤون سورة الفاتحة في صلواتهم المفروضة والتي لا تستقيم صلاتهم إلا بها ولا يصح دينهم إلا بأداء هذه الصلوات على مدار ساعات الليل والنهار حين يقرؤون (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، فهم وسط بين الغلاة الذين وصل بهم غلوهم لقتل أنبيائهم وبين المفرطين الذين جعلوهم آلهة من دون الله وسمى الله هذه الوسطية الصراط المستقيم الذي ندعو الله أن يثبتنا عليه بعد هدايتنا له، وبين عبدالشكور أن المسلمين في شريعتهم أهل يسر وسماحة واعتدال (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، وقوله (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، موضحاً المنهج الحقيقي للمسلمين في دعوتهم، بأنهم وهم في دعوتهم لسائر الأمم يسلكون التيسير والتبشير ويبتعدون عن التعسير والتنفير(إنما بعثتم ميسرين)، (يسروا ولاتعسروا وابشروا ولاتنفروا)، (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )، وحتى في أخذهم لتعاليم دينهم لا يغالون ولا يفرطون (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا ) ، (مه أيها الناس عليكم من الاعمال ماتطيقون) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغضب حينما يعلم عن أحد من أتباعه سلوكه طريق المتشددين (إن منكم منفرين أفتان انت يا معاذ )، ويؤكد عبدالشكور أنه أجل ذلك استحقت هذه الأمة أن تكون خير الأمم بوسطيتها وصلاحية منهجها للتطبيق في كل زمان ومكان (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على ويكون الرسول عليكم شهيدا) أي خير الأمم وأعدلها وأشرفها وأوسطها دينا وتعاليماً، وأوضح عبدالشكور أن هذه القوة في تعاليم هذا الدين تأبى أن يتلاعب بها أحد ومن سولت له نفسه ذلك فإن الدين أقوى (ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) أي بيسره ووسطيته وقابلية أحكامه للتطبيق والعمل، مبيناً أنه ليس معنى التيسير التحلل من تعاليم الدين كما قد يفهم البعض فلا تساهل في الدين ولكن تسهيل وتيسير وحسن تناول وهذا في كل تعاليم الدين بدءا من المسائل الإيمانية والعقدية وانتهاء بالتعامل مع الآخرين من المخالفين، وأشار عبدالشكور أن من إعجاز هذه الشريعة أنها مع وسطيتها واعتدالها لاتخرج عن القسط والعدل الذي هو المقصد الأساس من الخلق والتشريع؛ فتجد تعاليمها تسير بيسر وتيسير في مظلة العدل والقسط وفي توازن تام وتكامل منقطع النظير لا تجده إلا عند المسلمين (وإذا حكمت بينهم فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين) ، (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) ربط التقوى التي هي محرك التدين بالعدل ونحن في هذا الزمان الذي يشهد فيه المسلمون عودة محمودة إلى الدين ظهر من بعض المسلمين بطبيعة الحال قصور في فهم بعض تعاليم هذا الدين وسوء في تطبيق البعض فلزم أن يكون للعلماء ودور العلم ومؤسساته أن يبينوا للناس هذا القصور ويعدلوه وهذا السوء في التطبيق ويرشدوه وأحسب أن الإخوة في الجامعة الإسلامية أدركوا هذه المهمة واضطلعوا بهذا الدور الخطير وحملوا على كواهلهم همه بإقامة هذا المؤتمر لبيان منهج الاسلام في التوسط والاعتدال ليكون بيانا للناس وتبصرة للمهتدين. بين الغلو والانحلال وأكد مدير إدارة الدراسات والبحوث بمجمع الفقه الإسلامي الدولي الدكتور أحمد عبد العليم عبد اللطيف أن الإسلام جاء بالوسطية دون إفراط بالغلو والتشدد وتجاوز الحد، أو تفريط بالانحلال وإتباع الهوى قال تعالي: «وكذلك جعلناكم أمة وسطاً»، مبيناً أن الأمة الإسلامية هي الأمة الوسط، لأنها الأمة التي تمثل القدوة والأسوة لسائر الأمم، وأن الله تعالى وصف المسلمين بأنهم وسط لتوسطهم في الدين، فلا هم أهل غلو فيه كالنصارى الذين غلو بالترهيب وقولهم في عيسى ما قالوا فيه، ولا هم أهل تقصير فيه كاليهود الذين بدلوا كتاب الله، وقتلوا أنبياءهم، وكذبوا على ربهم، وكفروا به ولكنهم أهل توسط واعتدال فوصفهم الله بذلك، وأوضح عبداللطيف أن أحب الأمور إلى الله أوساطها، مدللا على مفهوم الوسطية والتيسير بالنصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة كقوله تعالى: «إن مع العسر يسرا» ، وقوله صلى الله عليه وسلم :»يسروا ولا تعسروا» ، وقوله :»خذوا من العمل ما تطيقون « ، وقوله :»إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وأبشروا، ويسروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة «. وأوضح عبداللطيف أن من يمعن النظر في ما جاءت به شريعة الإسلام يجد أن الإسلام في كل تعاليمه يجنح إلى كل ما يحقق الوسطية والاعتدال بما يعود خيراً على الإنسانية، من رحمة وعفو ومحبة، ومن جهة أخرى يحارب ويتوعد كل من يدعو إلى التشدد والعنف ويعده من المفسدين في الأرض، موضحاً أن الوسطية في الإسلام تعني الالتزام بما رسمه الإسلام لسلوك المسلم في قوله وفعله و التزام الجادة، وإن أي تعد أو تجاوز لهذا الحد بالإفراط أو التفريط يخرج الأمر عن وسطية الإسلام وحكمه العظيمة. ويرى عبداللطيف أن «ندوة الوسطية» تأتي للتذكير بما ينفع الناس، لأن الناس ما بين حين وآخر يحتاجون وبخاصة في هذه الأيام التي تمر فيها الأمة الإسلامية بأحداث جسام، يلعب الفهم الخاطئ للإسلام فيها من تشدد وتعصب وغلو وتطرف دوراً عظيما في تأجيج أعمال العنف والترويع والانقسام بين أفراد الأمة، التي تحتاج إلى التذكير بوسطية الإسلام واعتداله، وأشاد عبداللطيف بهذه الندوة وعنوانها والتي تعرف الناشئة بالوجه الصحيح للإسلام ، كما تبصر المغرر بهم ممن وقعوا فريسة للفهم الخاطئ للإسلام بالغلو والتطرف الذي يقود إلى العنف، معتبراً أن الجامعات العلمية إنما وجدت لخدمة مجتمعاتها، وهي مطالبة ببذل الجهود لتبصير الناس وتعريفهم بما ينفعهم ويجنبهم ما يضرهم. استغلال العاطفة من جانبه قال الداعية الإسلامي خلوفة الأحمري إن المملكة العربية السعودية تنعم بنعمة تحكيم الشريعة الإسلامية، وجعلت كتاب الله تعالى وسنة رسوله منهجاً ودستور حياة بل وتحكمهما في جميع شؤونها، وأمورها ما جعلها تنعم بالاستقرار والطمأنينة والأمن والأمان. وأضاف الأحمري أن هناك جهوداً خبيثة من أعداء الدين للنيل من أبناء المملكة وتحريف أفكارهم، وإفساد عقولهم من خلال استغلال العاطفة الدينية المتأصلة فيهم، والعمل على إخراجهم من اعتدال ووسطية الإسلام إلى الغلو والإفراط بعيداً عن المنهج الذي كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام. وأوضح الأحمري أن هذا الغلو في الدين أدى إلى مفاسد عظيمة، وكوارث كثيرة، فخرج مجموعة قد غرر بهم على ولاة الأمر، وكفروا المجتمعات الإسلامية، وانتهى بهم الأمر إلى الإفساد في الأرض، وقتل الأنفس المحرمة وسفك الدماء، وإثارة الفتنة، والإساءة إلى الدين الإسلامي ، وعقيدته السمحة. وأضاف الأحمري أن أعداء الإسلام يستغلون الحوادث الإرهابية التي يقدم عليها بعض أبناء المسلمين ؛ فيتهموا الإسلام بالإرهاب بأنه دين عنف وقتل، و سفك دماء؛ فيصدوا المسلمين عن دينهم ، ويبعدوهم عن عقيدتهم ، ويسخروهم لعداوة دينهم وأمتهم. العزة والرفعة كما أكد إمام جامع موضي السديري الشيخ محمد السبر أنه يجب على الجميع الأخذ بالنهج النبوي الكريم في التعامل مع المسلمين بكل طوائفهم بل حتى مع أعدائهم من الديانات الأخرى. وأضاف السبر أنه يجب على الدول الإسلامية أن توجه الإعلام ووسائله لتثقيف المجتمعات أننا أمة وسط ونتمسك بهذه الوسطية في ألفاظنا وتصرفاتنا وتعاملاتنا مع الناس بكل طوائفهم، مشدداً على أن ديننا الحنيف جاء بالوسطية وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها في كل شيء. ودعا السبر المسلمين إلى أن ينتهجوا الوسطية لما فيها من الخير وسعادة عزة ورفعة، لذلك قامت دولتنا على أساس من التقوى والصلاح والوسطية التي عالجت بها كثيرًا من القضايا في مجتمعنا، فعشنا ولله الحمد في ألفة واتفاق وخير وسعادة، ونلحظ أثر ذلك في حياتنا، ولذلك وجب علينا أن نتهج المنهج الوسطي الذي ليس بالغالي ولا الجافي فنبين للجميع أننا أمة وسط. الحكمة والموعظة ومن جانبه قال عضو اتحاد علماء المسلمين والمستشار الشرعي الدكتور محمد شكري حجازي إنه في الفترات الأخيرة طغى صوت التطرف وإظهار الدين الإسلامي بالمظهر الذي يخالف حقيقته من خلال ممارسات لا تقبلها النفوس السليمة وتخرج عن طبيعة الفطرة النقية التي أوجد الله سبحانه وتعالى الناس عليها، كما استغل أعداؤنا بعض الأخطاء التي وقع فيها قلة متطرفة واستغلت وضخمت من بعض أعداء الدين الإسلامي للنيل منه ومحاولة إبعاد الناس عن معرفة حقيقته، وتصويره للآخرين بصورة خاطئة تنافي جوهره ومعدنه. ودعا حجازي جميع العلماء وطلبة العلم أن يظهروا بالمظهر الصحيح وليمثلوا شريعة الإسلام التمثيل الأفضل وفق ما أمر الله سبحانه وتعالى، ووفق منهج محمد صلى الله عليه وسلم في الدعوة والتعامل مع المسلمين وغير المسلمين، مشيراً إلى أن الأخطاء التي وقعت من قلة قليلة من المسلمين أعطت الآخرين صورة مشوهة ومشوشة عن الإسلام، لذلك على المسلمين أن يزيلوا هذه الغشاوة والصورة المشوهة بأخلاقهم ووسطيتهم حتى تتضح حقيقة هذا الدين العظيم فيدخل الناس في دين الله بكثرة ويقبلوا عليه بإذن الله تعالى.
الحكمي: بالوسطية والاعتدال انتشر الإسلام في أصقاع المعمورة قال معالي عضو هيئة كبار العلماء الدكتور علي بن عباس الحكمي إن مفهوم الوسطية يعني الاعتدال في الأمر بين الإفراط والتفريط والغلو والتقصير، وإن دين الإسلام هو دين الوسطية في كل شيء في العبادات والمعاملات والعلاقات بين الناس وفي سائر التصرفات، موضحاً أن جميع تكاليفه المطلوبة من العباد مقدور عليها لاتزيد عن طاقة المكلف ووسعه مرفوع فيها الحرج والإصر. وأضاف الحكمي أن نصوص الشريعة أكدت هذا المعنى في كثير من المواضع من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك قوله تعالى ( وماجعل عليكم في الدين من حرج) وقال تعالى:(لايكلف الله نفساً إلا وسعها)، وفي قوام حياة الناس الضرورية التي لاغنى لهم عنها قال تعالى ( وكلوا واشربوا ولاتسرفوا) كما قال جل شأنه ( ولاتجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولاتبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا)، وقد نهى أهل الكتاب عن الغلو في الدين فقال سبحانه ( يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم)، وفي الحديث الصحيح عند البخاري وغيره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فأوغلوا فيه برفق». وفي تعامل المسلم مع غيره من الناس أمره الشرع بالاعتدال بين الغلو عند الموالاة وبين البغي وتجاوز الحد عند المعاداة بل أمر بالعدل (ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى). وأضاف الحكمي أنه حتى في الدعوة إلى الله كان الاعتدال والوسط هو السمة المميزة للدعاة والرفق بالناس هو الغالب عليهم اقتداء بالمبعوث رحمة للعالمين الذي أودع الله في قلبه الرأفة والرحمة واللين بالأمة (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) ، موضحاً أن دعوة الإسلام وسطاً في كل جانب من جوانبها وفي كل أمر من أمورها. وأشار الحكمي إلى أنه لما حملها الرعيل الأول من المؤمنين صحابة النبي الرؤف بأمته الرحيم إلى الناس صافية نقية أقبل الناس عليها طائعين مستبشرين فانتشرت في أنحاء الأرض وعم خيرها ونفعها العالمين.
العقلا: لا تزال هذه الأمة بخير ما حافظت على هذه الخاصيّة ومن جانبه رفع معالي مدير الجامعة الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا شكره لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على موافقته الكريمة على تنظيم الجامعة لندوة «الوسطية في القرآن والسنة وتطبيقاتها المعاصرة في المملكة العربية السعودية وماليزيا»، وعلى ما تحظى به الجامعة من دعم ومساندة منه أيّده الله، أسهم في تحقيق الجامعة رسالتها في نشر الدين الإسلامي على المنهج الوسطي المعتدل، مؤكداً أن ذلك هو نهج المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها وحتى اليوم، فما فتئت تعتمد التوسط والاعتدال منهجاً لها في الحكم والسياسة والعلاقات الخارجية، وفي كافة مجالات الحياة، وهو المنهج الذي أكسب مواقفها الدولية وسياستها الداخلية والخارجية قبولاً وترحيباً على المستويين المحليّ والدولي. وأشار إلى أن الندوة تأتي لبيان الصورة الحقيقية للإسلام وسماحته، كما تُبرز الدور الرائد للمملكة في نشر الوسطية والاعتدال، وتسعى لتأكيد مبدأ الوسطية في الإسلام والإسهام في تعزيزها من خلال أنشطة متنوعة ومجالات متعددة، حيث امتنّ الله على هذه الأمة بأن جعلها أمةً وسطاً ولن تزال بخير ما حافظت على هذه الخاصيّة لما تمثّله من اعتدال واستقامة على صراط الله، مبيناً أن أحكام الإسلام كلها مبنيّة على الاعتدال والتوسّط والتوازن، مضيفاً أن حياة نبينا -صلوات الله وسلامه عليه- تمثل التوسط والاعتدال في جميع أمور حياته ومعاشه، وتؤكد أن الوسطية لا تشمل العقائد فقط، بل سائر أحكام الشريعة. وأضاف أن هذه الندوة يشارك فيها نخبة من الباحثين من الجامعتين، ويحضرها عددٌ من كبار المسؤولين الماليزيين والشخصيات العلمية والدينية والمهتمّين بالعلوم الشرعية، وعددٌ من مديري الجامعات والطلاب السعوديين المبتعثين في ماليزيا. وبيّن العقلا أن البحوث المقدّمة للندوة ستناقش موضوع الوسطية وتعزيزها في مجالات التربية والتعليم والدعوة والمعاملات والاقتصاد والحوار الحضاري والعلاقات الإنسانية والإعلام، وذلك عبر أربعة محاور يبحث أولها في تأصيل مفهوم الوسطية وتصحيح المفاهيم الخاطئة فيها، ويستعرض المحور الثاني منهج القرآن الكريم والسنة المطهرة في تقرير الوسطية والدعوة إليها، فيما يعرض المحور الثالث والرابع جهود كلٍّ من المملكة العربية السعودية ودولة ماليزيا في تطبيق ونشر منهج الوسطية والاعتدال.