العطارة اصطلاحا تعني حرفة العطار أو بائع العطور وإذا ما تجاهلنا عن قصد المعنى الحقيقي لمفهوم العطارة في معجم اللغة وتناولناها بمفهومنا الشعبي السائد والذي يعرّفها بأنها الاتجار في الأعشاب والزيوت وغيرها من المنتجات الطبيعية فلا تتعدى المهنة كونها تجارة تعتمد على ترويج الوهم باعتباره علاجا شافيا للكثير من الأمراض ولاسيما المستعصية منها. فإذا ما حظيت بزيارة لهذه المحلات التي تطلق على ذاتها مراكز الطب الشعبي والمعرّفة بمحلات العطارة والمنتشرة في كل مكان رغم أنف القانون الصحي والتجاري معا ستجدك محاطا بتشكيلة متنوعة من المساحيق والأعواد والأوراق والزيوت المعبأة محليا والتي عادة ما يروج عنها عن جهل أنها الأفضل غالبا في علاج الكثير من الحالات المرضية المزمنة كالصلع والحساسية والسكر وغيرها وليس هذا فحسب بل إنك ستجد لديهم أيضا علاجا ناجعا لكافة الأمراض التي عجز العالم عن معالجتها كالإيدز وغيره.وليس ثمة شك أن طب الأعشاب علم قائم بذاته وهو مطلب علمي في الكثير من الأحايين حيث باتت معظم المؤسسات العلمية في شتى أنحاء العالم تعتمد على الطبيعة في الكثير من مركباتها الدوائية الأمر الذي جعل البعض من تجار العطارة ممن يدعون المعرفة الطبية استغلال هذا المنحى العلمي المحض وراحوا يروجون لبضائعهم من الزيوت والأعشاب وغيرها بطرق تفتقر تماما لمقومات المعرفة الطبية أو العلمية. ومهنة العطارة باتت مهنة من ليس لديه مهنة.. فهي كما تبدو مهنة تعتمد على ترويج الوصفات الطبية الغير مسؤولة كالتركيبات الشعبية السائدة وبعض الوصفات المصنعة بعشوائية والتي غالبا ما تأخذ مسميات دعائية ماجنة ك (الخلطة العجيبة.. فياجرا الأعشاب.. النبتة السحرية.. الأدوية السبعة.. لسان الحمل وغيرها) وهذه الوصفات غالبا ما تكون مضارها أكثر من نفعها كونها غير خاضعة للاختبارات أو الدراسات التحليلية أو الطبية والتي بدورها تكشف الآثار الجانبية التي يمكن أن تحدثها بعد استخدامنا لها وما مدى فاعلية مكوناتها في مكافحة المرض أو تأثيرها على وظائف الجسم الأخرى حيث يعتمد مروجوها غالبا على إيهام زبائنهم بجدوى التداوي بها وأفضليتها على الأدوية الطبية الكيماوية. والغريب في الأمر كله أن مهنة العطارة برغم ما تشكله من أخطار صحية على حياة الفرد والمجتمع نتيجة الوصفات والادعاءات التي يصدرها العطارون في كل حين بصفتهم أطباء هذه المرحلة التي تشكل نقلة شاسعة بين العلاج بالكيماويات والعلاج بالأعشاب ويرغم الأسعار الخيالية التي يتقاضاها العطارون مقابل وصفة ما تم تحضيرها في المنزل أو في المحل بطريقة تقليدية غير علمية إلا أن المهنة لم تزل تمارس تحت سقف عال من الحرية دون مراقبة صحية أو تدخل صارم من قبل الجهات المعنية أو الهيئات المختصة أو مراكز الأبحاث أو المعامل الأخرى حتى بات البعض من العطارين يروجون وصفات يدعون أن الطب الحديث لم يتوصل إليها. يقول عبدالرحمن سعيد السيد: أن الله جعل النباتات غذاء للإنسان وإلى جانب فوائدها الغذائية أوجد فيها أيضا الدواء لكثير من الأمراض.. كما أعطى الحيوان الذي لا يعقل ولا يفكر غريزة الاهتداء إلى نوع النبات الذي يشفيه من مرضه.. وترك للإنسان العاقل أن يهتدي إلى النباتات الشافية من الأمراض بالدراسة والتجارب والاستنتاج مشيرا إلى أن البلدان الأوربية تحرص دائما على معرفة كل نبتة تنبت في أراضيها من أعشاب ونباتات كما تحرص أيضا على دراستها وتحليلها ومعرفة فوائدها وأعراضها الجانبية كما تضع الأسماء الحقيقية أو التقريبية لها لكن الأمر في بلداننا العربية يبدو مختلفا تماما حيث لم يبرح الغالب من أعشابنا ونباتاتنا الطبية غير معروفة كما أن البعض ممن يعرّفون أنفسهم بأطباء الأعشاب لا يتعدون كونهم سماسرة أعشاب وزيوت يستغلون المساحة المتاحة من الحرية للاتجار والعبث بصحة المرضى. وأضاف: أن علم طب الأعشاب ازدهر بعد اكتشاف أمريكا وما فيها من كنوز كثيرة من الأعشاب الطبية حيث حينها كثرت المؤلفات عن التداوي بالأعشاب وقد عم انتشار هذه المؤلفات كافة البيوت الأوروبية وظل التداوي بالأعشاب حتى ذلك التاريخ مستندا إلى التجارب والنتائج العلمية وكان الأطباء يمارسون منهج جمع الأعشاب وتحضير الدواء منها بأنفسهم حتى سنة 1224 حيث افتتحت أول صيدلية في العالم في إيطاليا وأصدر القيصر فيها مرسوما خاصا يحصر مهمة تحضير الأدوية من الأعشاب على الصيادلة فقط على أن يبقى للطبيب مهمة تحديد مقدار ما يجب أن يستعمل منها ممزوجا وكيفية استعمالها. وقال:أن هناك قانونا ينظم مسألة الإعلان عن الأدوية العشبية وهذا القانون أوجب على أصحاب هذه الإعلانات الحصول على موافقة من الجهات المختصة وعلى الرغم من هذا فان هذا القانون لا ينفذ بشكل كامل حيث تطالعنا بين الحين والحين إعلانات في الصحف والمجلات عن وصفة عشبية جديدة كما أن العطارين أينما كانوا يدعون دائما انهم يحملون رخصا من قبل الجهات المعنية تجيز لهم الاتجار وتحضير وصناعة الأدوية المختلفة في حين أن الكثير من هذه الأدوية والزيوت والأعشاب تبدو غير صالحة للتداوي بأي حال من الأحوال