يحير الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش أصدقاءه قبل أعدائه .فالرئيس الأمريكى كانت لديه أسس قوية لتحدى النظام المتعفن للرئيس العراقى السابق صدام حسين .السبب سنوات من انتهاك حقوق الإنسان وقهر وتعذيب المواطنين ومهاجمة الجيران ودعم الإرهابيين واستخدام الأسلحة البيولوجية والكيماوية ومحاولة الحصول على الأسلحة النووية المحظورة .المشكلة ان كل هذه الاتهامات لم يكن كافياً من وجهة نظر بوش.فالرئيس الأمريكى ورئيس الوزراء البريطانى تونى بلير أضافا إلى تلك القائمة الطويلة ادعاءات غير مدعمة بالأدلة مفادها ان الرئيس العراقى لديه أسلحة نووية ويخفى أسلحة كيماوية وبيولوجية وأنه على استعداد لاستخدام أسلحة الدمار الشامل مباشرة او من خلال الجماعات الإرهابية .تلك الاتهامات الإضافية اقحمت كلاً من بوش وبلير فى جدل واسع بعد انتهاء الحرب حول ما إذا كانا قد اعتمدا على معلومات غير دقيقة او حتى ضللا العالم ومواطنى بلديهما .فمع وجود أسباب وجيهة ومدعومة بالأدلة لم تكن هناك حاجة لهذه الاتهامات الاضافية . الآن بوش واصدقاؤه فى موقف الدفاع يواجهون مشكلة حرب صحيحة شنت من أجل أسباب خاطئة .ما يثير الحيرة أيضاً فى أمر بوش هو طريقة تفكيره فى عراق ما بعد الحرب .فعند انتهاء الحرب كان هناك شبه اجماع دولى على أن وجود أمريكا متجبر لفترة طويله فى العراق لن يكون فى صالحها و على ضرورة تشكيل حكومة وطنية ديموقراطية على وحه السرعة.. بما يعنى وجود تحالف واسع ومتعدد الأطراف لإصلاح البنية الأساسية وإقرار النظام فى البلاد .بدلاً من ذلك عين بوش حاكماً عسكرياً للعراق (لاحظ ان لفظ حاكم عسكرى وهو نفس اللفظ الذى كان مستخدما ايام الامبراطورية الرومانية)وتعدالقوات الأمريكية نفسها على ما يبدو لإقامة طويلة هناك .بل انه لم يجعل أيضاً الوجود العسكرى فى العراق متعدد الأطراف .علاوة على ان خدمات المياه والكهرباء لا يمكن الاعتماد عليها (الأسبوع الماضى قضت بغداد أربعة أيام بدون مياه فى ظل درجة حرارة 50مئوية ). الجريمة والفساد منتشران (15جريمة قتل يومياً فى بغداد ). وتلقي المسئولية بالطبع عن هذه الأوضاع على كاهل المحتلين .وفى الوقت الذى وعدت أمريكاالعراقيين بالتحرير والحرية كان الفساد والقانون العسكرى هما النتيجة . على الصعيد الداخلى يمثل بوش لغزاً أيضاً .فقد أقر ثلاثة برامج أنفاق جديدة فى مجالات التعليم و الدعم الزراعى و المزايا العلاجية على مدى ثلاث سنوات علاوة على زيادة كبيرة فى الانفاق العسكرى والامنى مما أدى إلى زيادة معدل الانفاق الحكومى بمقدار 13% .وإذا ما أضيف ذلك إلى خفض الضرائب والعجز الكبير يصبح بوش كما تصفه مجلة الإيكونومست البريطانية أكثر الرؤساء الأمريكيين تبذيراً منذ حرب فيتنام ويقول حلفاء بوش أن ذلك يضع الديموقراطيين فى مأزق لأنهم إذا انتقدوا تلك البرامج سيبدون انهم ضد برامج مفيدة أو يدافعون عن خفض الضرائب إلا أن ذلك يعطيهم الفرصة للتباهى بحسن إدارتهم لميزانية البلاد حيث ترك بوش الأب لكيلنتون مهمة إصلاح عجز الموازنة. فهل المحافظون لا يهتمون بتوازن الميزانيات ؟ . حتى صورة امريكا ودرجة التأييد لها اهتزت ايضا بشكل درامى 0الدليل فى تقرير مركز بيو للابحاث حيث انخفض فى فرنسا من 62% الى31% فقط وبريطانيا من 83% الان 48% وفى المانيا من 78% الى 25% وفىايطاليا من76% الى34% اما روسيا انخفضت من 61 الى28% وتركيا من 52% الان 12% وحتى بولندا حدث انخفاض فى التأييد الشعبى من 86% الان 50%فقط0 الحقيقة التى يعلنها الحميع حتى فى كندا ان مشاعر عدم التأييد لاتعنى كراهية الامريكان ولكن تنحصر فى بوش وسياسته اىان بوش هو المشكلة0ربما هذه هى سمات القيادة حيث يقول لى صديق عزيز ان لم تكن حامل العلم فلن يهاجمك احد0الحقيقه ان بوش حقق بعض الانجازات المهمه اهمها قهر وتشتيت حركة طالبان واقصاء المجرم القاتل صدام0توحيد الشعب الامريكى بعد احداث 11 من سبتمبر0وضع العالم كله امام حقيقة ان امريكا لن تدع اى هجوم عليها دون رد مؤلم واخيرا مبادرته الجديد لمكافحه مرض الايدز فى افريقيا0والتقدم الحثيث فى خريطة الطريق من اجل السلام بين اسرائيل والفلسطينيين ولكن مازال تحت ايدينا: ترحيب عراقى فى حالة خروجنا من البلاد0حاله ابتعاد الحلفاء عنا0وانتفاخ العجز 0وهكذا يصبح بوش لغزاً على المستوى الداخلى والدولى على حد سواء0 صحيفه ترانتو ستار ديك اندرسون