عزيزي رئيس التحرير لماذا يتعرض كثير من الناجحين لمرحلة من الركود والتوقف، بل الاكتئاب احيانا.. ولماذا يقرر بعضهم ان يترك العمل او ان يخفضوا من انتاجيتهم بدرجة كبيرة، او ان يتجهوا في اتجاه غير ما كانوا يقومون به؟ يؤمن بعض الاطباء الخبراء بعلم النفس بان هناك نوعا من انواع السلوك المدمر للذات يظهر في بعض حالات النجاح المفرط او السريع. فهذا النجاح اما انه لا يرضي صاحبه، لانه كان يتوقع قدرا كبيرا من الرضا عن الذات. واما انه يرهقه الى درجة تدمير حياته الاجتماعية والشخصية، وكذلك صحته، حتى يكره هذا الشخص النجاح بكل صوره واشكاله. وفي كلتا الحالتين نجد رد الفعل المشار اليه في البداية. والمؤسف حقا هو ان هؤلاء الاشخاص يكونون عادة في قمة خبراتهم وعطائهم. ويمكن تلخيص الاسباب او تحديدها في التالي: العزلة الاجتماعية: التي اصيب الشخص الناجح، فبسبب شراسة المنافسة اصبح النجاح اليوم متطلبات كثيرة وعنيفة، اهمها ان يوجه الفرد كل طاقاته لعمله. فالتفاني والقيام بالمطلوب لم يعدا كافيين، والمطلوب ان يوجه الفرد حياته وساعات يومه وتفكيره كلها لعمله نتيجة لذلك نجد الفرد منعزلا عن اصدقائه وعائلته، ولان الانسان كائنا اجتماعيا، فان تلك العزلة، حتى لو كانت اختيارية في البداية فانها تصيبه بالاكتئاب بعد فترة طالت او قصرت، كل حسب قدرته واحتماله. طلب المزيد: فالنجاح لم تعد له حدود فاذا نجح الموظف في عمله رغب في الترقية واذا وصل الى اعلى المناصب، تمنى ان يعمل عملا خاصا وان ينشئ شركة باسمه، وان نجحت شركته على مستوى المنطقة، اراد ان ينجح على مستوى البلاد كلها، ثم ان ينتقل الى مستويات عالمية، والمجتمع يحفز الشخص ويدفعه نحو مزيد من النجاح والعمل. فاصبحت النتيجة انه غير راض على الدوام. واصبح الطموح نقمة لا نعمة. الملل: قد يبدو هذا سببا عجيبا، ولكن الانسان يعتاد كل شيء، حتى النجاح وبعد الاعتياد تأتي مرحلة عدم الاستمتاع به، ثم الملل منه. فالنجاح لا يأتي بجديد لهذا الشخص، وبعد ان اصبح ناجحا اصبح نجاح كل خطوة من خطواته متوقعا. ولم يعد له البريق السابق، ولا هذه الفرحة في القلب. فهل يستحق الامر بعد ذلك؟ * ضغوط المجتمع: يكتشف الشخص فجأة ان هذا النجاح والطموح ليس طموحه، انما هو ما يفرضه عليه المجتمع ويدفعه في اتجاهه ويحثه عليه وبعد ان يسير الفرد في هذا الطريق ويقطع فيه شوطا كبيرا، يتوقف ويلتفت للوراء، متسائلا: (هل هذا ما اريده من حياتي فعلا؟) وكثيرا ما تكون الاجابة (لا) ثم يحدث رد الفعل الذي تحدثنا عنه سابقا.. فهل من حل؟ نعم.. فالحل يكمن ببساطة في: * التوقف عامدا متعمدا بين الحين والاخر وان تذكر نفسك بان لك حياة اخرى غير العمل. والا تترك نفسك تنجرف مع تيار النجاح الذي لا يشبع ولا يتوقف. * عدم اهمال حياتك الشخصية او الاجتماعية وعدم تفضيل احد هذه الجوانب على غيرها. فاذا ضبطت نفسك متلبسا برفض الدعوة تلو الاخرى لكي تبقى في المكتب بعد ساعات الدوام مثلا، واذا اكتشفت فجأة انك لم تعد ترى اطفالك الا لماما، فعد الى قواعدك وضع لنفسك حدا للعمل، حتى لا تهضم حق نفسك عليك، وحقوق الاخرين ايضا. ان تحدد ما تريده بالضبط، وليكن ما تريده انت وليس ما يفرضه عليك المجتمع فمهما سرت مع التيار، فلابد ان يأتي يوم تعود فيه الى نفسك ومطالبها الحقيقية. فقم بذلك اليوم، قبل فوات الاوان. ان توقن تماما ان النقاط السابقة لاتعني انك غير طموح.. او انه يجب ان تلقي طموحك جانبا فالنجاح والحياة الاجتماعية والشخصية لا يتناقضان لكن ان جار احدهما على الاخر، يبدأ اختلال التوازن، الذي لا تتقبله نفسية الانسان، فيكتئب وينهار. ثم يكون قد فقد حلاوة النجاح . ناصر مطلق الدعجاني الظهران