من الأمور الشائعة في أوساط المجتمع الكويتي ظاهرة الحسد الاقتصادي، فتأخر التنمية سببه عائد إلى التنافس المحموم، الذي وصل حدا لا يطاق، بين القوى النافذة والقطاعات الاقتصادية، مما أوقف أي حركة للاقتصاد وأدى إلى وقف المشاريع واعادة بناء البنية التحتية على أسس اقتصادية تتلاءم مع طبيعة المتغيرات السريعة في العالم، خاصة فيما يتعلق بالخصخصة، كما تعطل العديد من مشاريع القوانين التي تعالج الخلل الجاري في الاقتصاد الكويتي, ولهذا فإن المراقب يرى التردي والتدهور المستمر في الأداء، وقد انعكس ذلك على مجمل الانشطة الاقتصادية، فلا وجود لمعايير، و لا استقرار في سوق الاسهم او العقار او الصناعات التحويلية، وحتى الانشطة التجارية الخدمية باتت هي ايضا في مهب الريح، فلم تستثمر التحولات الاقتصادية الجارية في العراق ودخول الشركات العربية إلى سوقه، خصوصا من الدول المحيطة به، بينما قطاعاتنا تنتظر إنشاء السوق الحرة، ورفع القيود الأمنية، وغيرها من الاجراءات العقيمة. والتساؤل الذي يتبادر إلى الذهن: هل توجد امكانية للتخلص من هذه العقدة، وازالة مرض الحسد من النفوس، وبالتالي العمل كل حسب جهده وقدراته وامكاناته ضمن قوانين وتشريعات تعطي كل ذي حقه حقه، وتوجد تنافسا شريفا لايجاد اقتصاد حر متنوع ومنفتح على الدول والشعوب، وبالتالي نطلق على أنفسنا أننا دولة ذات اقتصاد حر، أم اننا نستمر حاملين هذا المرض اللعين؟ الواقع يقول، ومع الأسف، ان الاوضاع ستستمر، وحالة الحسد تتعمق وتأخذ ابعادا اخرى، حيث يرافقها تناحر سياسي, بل نستطيع القول إنه لم يعد الحسد الاقتصادي هو السائد، بل الحسد السياسي، لان الاستحواذ على المنصب يمكن البعض من المشاركة او الوصول إلى المناقصات او الممارسات وغيرها من ادوات الاستيلاء على المال العام بطرق مشروعة أو غيرها. وهناك حروب غير معلنة بدأ الاعداد لها وساعة الصفر لم تحدد بعد، لأن الاطراف المتنازعة والمتصارعة لا توجد لديها مبررات لهذا الصراع الحامي الذي سيشل حركة الجميع، بل إن آثاره يمكن ان تكون ضربة قاضية ليس فقط على الاقتصاد، بل على الوضع السياسي المحلي، ويضر إلى حد بعيد بمكانة الكويت اقليميا، خصوصا اذا ادركنا أنه لا أحد يستطيع التكهن بالنوايا والخطط الأمريكية تجاه ايران أو سورية، وهل هي وسيلة ضغط ومحاولة لاجبارهما على السير مع الركب، أم انها تغيير شامل؟ ومع قلة حيلة حكومتنا، حيث سمحت لنفسها إما أن تكون سمسارا، أو أن تنشئ طبقة من السماسرة كما انها استجابت لضغوط الحاسدين وساهمت في عرقلة عملية البناء واقرار المشاريع, ويا ويلنا اذا تعدى ذلك ووصل حد العظم، والله يكفينا شر الحسد السياسي. الرأي العام الكويتية