مباحثات اليوم بين المستشار جيرهارد شرودر ووزير الخارجية الامريكي كولن باول سوف ينظر إليها عن قرب باعتبارها علامة على إذابة الجليد في العلاقات الامريكية الالمانية التي وصلت العام الماضي لدرجة غير مسبوقة من التدني منذ عام 1945. وتعد زيارة باول الاولى من نوعها للعاصمة الالمانية التي يقوم بها عضو بارز في إدارة الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش عقب المباحثات التي أجراها بوش نفسه مع شرودر في العام الماضي. وقد وصلت العلاقات مع واشنطن لأدنى مستوى لها بمجرد مغادرة بوش المانيا، وتلويح شرودر بالمعارضة لشن حرب على العراق لتكون على رأس حملة إعادة انتخابه واستخدامه اللهجة الساخرة في القول إن ألمانيا لن تسير على نهج المغامرات الذي يتبعه بوش.وشعر المسئولون الامريكيون بالمزيد من الغضب تجاه الانحراف عن النموذج الامريكي للرأسمالية في خطب الحملة الدعائية لشرودر ولو كانت ألمانيا تعاني ارتفاع مستويات البطالة وهي الآن من أسوأ الاقتصاديات أداء في الاتحاد الاوروبي.وبالكاد أعيد انتخاب شرودر في منصبه ولكن بثمن غال دفعه من العلاقات عبر الاطلنطي. وفي مفاجأة مذهلة أخيرة عشية التصويت على إعادة انتخابه، شبهت عضوة في حكومته وهي وزيرة العدل هيرتا دوبليير جملين بوش بأدولف هتلر. وأعلن وزير الدفاع دونالد رامسفيلد، أن العلاقات الالمانية الامريكية قد تسممت، وعندما سئل عما يمكن أن تفعله ألمانيا لإصلاح العلاقات، أجاب: إذا كنت في حفرة فتوقف عن الحفر. ولكن شرودر المؤيد من قبل 80% من الالمان حسب استطلاعات الرأي ظل ثابتا على موقفه المعارض للحرب وانضم إليه الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي أصبح في النهاية الصوت الاوروبي البارز ضد استخدام القوة العسكرية ضد العراق. وقام المستشار بتعديل معارضته الصارمة للحرب قليلا عندما أصبحت القوات الامريكية على أبواب بغداد بقوله إنه سيرحب بالانتصار الامريكي لانه سوف يضع حدا لمعاناة الشعب العراقي. ولكن توماس ستيج المتحدث باسم شرودر أكد للصحفيين يوم امس الاول أن ألمانيا لاتزال تعتقد أن الحرب خطأ، وظل ستيج مترددا في الرد على مسألة إرسال ألمانيا قوات حفظ سلام إلى العراق. ويقول كريستيان هاكيه الخبير الالماني في العلاقات الدولية في جامعة بون إن شرودر هو الذي قاد أوروبا على ما سماه الطريق الخطأ بشأن العراق وعلاقات عبر الاطلنطي. وقال هاكيه في مقال ينشر في عدد الاسبوع الحالي من مجلةفوكس إن الحكومة الالمانية أثارت جوا من العداء للامريكيين في الداخل وفي أوروبا. وبسبب ذلك فجميع توصيات السياسة الخارجية التي تصوغها برلين حاليا باتت قليلة القيمة. ويقول هاكيه الذي كتب ما يعتبر نموذجا للسياسة الخارجية الالمانية إن المشكلة الحالية هي في حكومة شرودر. ففي الوقت الذي تقول فيه إنها تريد علاقات أفضل مع الولاياتالمتحدة نجد أنها لا تفعل شيئا لتعديل انتقاداتها لبوش. وقام شرودر في الحقيقة بإلقاء كلمة في غرفة التجارة الامريكية في برل ين الاسبوع الماضي ولكن لم يتضمن خطابه كلمة اعتذار واحدة. " لا تفسير ولا شكوى" هكذا قال شرودر وهو يشيد بما وصفه الصداقة الحيوية بين ألمانياوالولاياتالمتحدة، ولكنه أصر على وجود بعض الموضوعات التي تختلف فيها واشنطنوبرلين. وفي خطوة جديدة أثارت غضب الولاياتالمتحدة، قام شرودر في الشهر الماضي و معه زعماء فرنسا وبلجيكا ولكسمبورج وجميعهم عارضوا الحرب ضد العراق بتأسيس ما وصفوه بخلية جديدة للتخطيط العسكري الاوروبي ، وترى واشنطن أن ذلك يوجد ازدواجية عديمة الفائدة مع حلف الناتو. مع كل هذه الخلفيات، فإن الامال محدودة بالنسبة لاجتماع شرودر وباول، اللهم إلا إذا تحدثنا عن بيانات النوايا المستقبلية الطيبة واللهجة الحسنة وربما صدر بيان يقول إن لقاء شرودر وبوش سيكون أكثر من مصافحة بالايدي في قمة مجموعة الثماني الشهر القادم في ايفيان بفرنسا.