يواصل وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر محادثاته في وزارة الخارجية الامريكية لمحاولة تهدئة العلاقات المتوترة بين بلاده والولاياتالمتحدة منذ أثار المستشار الالماني جيرهارد شرويدر حفيظة واشنطن بانتقاد السياسة الخارجية الامريكية خلال حملة إعادة انتخابه. والتقى فيشر بوزير الخارجية الامريكي كولين باول فيما يعد أبرز لقاء بين مسئولين من الحكومتين منذ بدأ التوتر في العلاقات. غير أن محاولاته الالتقاء بمسئولين في البيت الابيض ووجهت برفض. وخلال أجواء خريفية باردة ومطيرة تعكس حالة العلاقات الامريكية- الالمانية الراهنة، شدد فيشر وباول على الصداقة التقليدية القوية والمصالح المشتركة بين الولاياتالمتحدةوألمانيا وذلك عقب لقائهما الذي استمر 30 دقيقة حيث تحدثا إلى الصحفيين خارج وزارة الخارجية. وفي حين لم يكرر باول ما قاله مسئولون أمريكيون سابقون من أن العلاقات مع ألمانيا قد جرى تسميمها من جراء انتقادات شرويدر، فإن كلا من باول وفيشر أكدا أن الخلافات مازالت قائمة حول القضية الرئيسية المتعلقة بالعمل العسكري الذي تبحث واشنطن القيام به ضد العراق. وقال باول لن أقول أن هناك أجواء مسممة، بل أقول أننا أصدقاء وحلفاء نجد من وقت لآخر أنفسنا في محل خلاف وبعض التوتر .. سنجد بعض الوسائل لتجاوز تلك الخلافات والتوترات في الوقت المناسب. كما تحدث فيشر عن الخلافات والاضطرابات في العلاقة وقال أن التوترات التي ذكرها باول قد تم التطرق إليها ببعض التفصيل خلال المناقشات بينهما. غير أنه قال، خلافا لما ذكره شرويدر خلال حملته اللاذعة خلال إعادة انتخابه، سنبحث هذه المشكلات داخل الاسرة. وبلغة تودد غير مألوفة بالنسبة للقاء طبيعي بين صديقين أو حليفين، أعرب فيشر علنا عن امتنان بلاده للولايات المتحدة لتحريرنا من النازية، ودعم الديمقراطية الالمانية الجديدة، وحمايتها خلال الحرب الباردة، وخاصة عملية جسر برلين الجوي. كما شكر باول أيضا لما قام به خلال خدمته العسكرية في ألمانيا، ومن أجل الدعم الامريكي لتوحيد ألمانيا في أعقاب انهيار سور برلين. وكانت العلاقات بين البلدين قد أصابها التوتر خلال الصيف حينما حشد شرويدر، الذي كان متأخرا في استطلاعات الرأي بالنسبة لاعادة انتخابه، حملته بانتقادات حادة لسياسة الرئيس الامريكي جورج دبليو. بوش بالنسبة للعراق. وأعلن شرويدر أن ألمانيا تحت زعامته لن تدعم أبدا مغامرة عسكرية أمريكية في العراق، سواء بمباركة الاممالمتحدة أم دون ذلك. ثم ثارت حفيظة الولاياتالمتحدة أكثر حينما قارنت وزيرة بحكومة شرويدر التكتيكات السياسية الداخلية لبوش بما كان يفعله الزعيم النازي أدولف هتلر. كما تحدث شرويدر عما وصفه بالطريقة الالمانية للسياسية الخارجية، مثيرا المخاوف في واشنطن وفي أنحاء أوروبا من أن تكون برلين بصدد الشروع في دبلوماسية أكثر استقلالية عن نطاق حلف شمال الاطلنطي (الناتو) والاتحاد الاوروبي. وحتى بعد فوز شرويدر بالمستشارية بفارق ضئيل، واصل بعض المسئولين الالمان انتقاد السياسة الخارجية الامريكية بعبارات أثارت حنق واشنطن أكثر. وأشار باول إلى أن بوش وشرويدر سوف يحضران قمة الناتو في براغ الشهر المقبل، وقال أنه قد تكون هناك فرصة للزعيمين لاصلاح الامور حينئذ. وفضلا عن التوترات الثنائية، بحث باول وفيشر خطط توجيه الناتو والاتحاد الاوروبي الدعوة لدول جدد لعضويتهما، فضلا عن مبادرة الامن الاوروبي، والصراع الاسرائيلي-الفلسطيني، والحرب على الارهاب. كما أطلع باول فيشر على جهود الولاياتالمتحدة للخروج بقرار جديد من مجلس الامن حول العراق. وبرغم أن ألمانيا ستنضم للعضوية غير الدائمة للمجلس في كانون ثان /يناير/ المقبل، فإن فيشر رفض القول ما إذا كانت بلاده ستدعم القرار الذي تطرحه الولاياتالمتحدة أم البدائل التي تطرحها فرنسا. غير أنه قال أن ألمانيا تأمل في أن يكون هناك موقف موحد لمجلس الامن الدولي يسمح باستئناف عمليات التفتيش على الاسلحة فورا في العراق، ودعا إلى التنفيذ الفوري من قبل بغداد لكافة قرارات الاممالمتحدة ذات الصلة.