تابعت واشنطن عن كثب نتائج انتخابات ألمانيا موضحة أنها لن تندفع في تهنئة المستشار الالماني جيرهارد شرويدر إذا عادت حكومته الليبرالية إلى السلطة. ويرجع هذا التأني إلى الاستياء الذي خلفته الضجة التي حدثت في الاسبوع الماضي بسبب التصريحات التي أدلت بها وزيرة العدل الألمانية هرتا دوبلر جميلين عندما شبّهت الرئيس الامريكي جورج دبليو. بوش بأدولف هتلر بشأن موضوع الضربات العسكرية الوقائية للعراق. وأصبح من الواضح داخل إدارة بوش أن فوز شرويدر لن يرأب هذا الصدع وأن بوش كان يفضل أن يتولى المحافظ ادموند شتويبر السلطة. وقد أظهرت النتائج الرسمية التمهيدية باكر امس /الاثنين/ فوز الائتلاف الحكومي بين الاشتراكيين الديمقراطيين وبين الخضر وبقاء شرويدر في السلطة بفارق ضئيل للغاية في الاصوات. ولكن ارتفعت أصوات في واشنطن لتقول أن الضرر يمكن إصلاحه. فقد قال السناتور الديمقراطي جوزيف بيدن أن العلاقات بين البلدين "متينة" أساسا رغم الخلافات في الرأي بين شرويدر وبوش التي ترجع إلى انسحاب بوش من اتفاق كيوتو بشأن ارتفاع درجة حرارة الارض. وصرح بيدن لشبكة "سي.ان.ان." الاخبارية التلفزيونية بأنه يثق في القدرات الدبلوماسية لوزير الخارجية كولين باول وقدرة بوش على إصلاح العلاقات الشخصية. ورفض النائب الجمهوري هنري هايد كل هذه الضجة مؤكدا أنها تدخل في عداد عادة "معارضة الاسلوب الامريكي" داخل أوروبا. ولم يدل بوش بأي تعليق على نتائج الانتخابات الالمانية عند عودته من مقره الريفي الرئاسي كامب ديفيد مع قرينته لورا والكلبين بارني وسبوت. ومع ذلك ظهرت إشارات انفتاح واضحة من الجانب الالماني لاصلاح الموقف. فقد اعتذر شرويدر لبوش عن أي مشاعر سيئة نجمت عن تصريحات وزيرة العدل الألمانية ، وأبدى استعداده لاقالتها من حكومته في حالة إعادة انتخابه. وفي خضم الضجة التي أحدثها تشبيه بوش بهتلر أعلنت الولاياتالمتحدة أن من دلائل المصالحة تولي ألمانيا القيادة العسكرية للقوات الامنية الدولية في أفغانستان. وأعلنت برلين استعدادها لذلك ويرجح أن يكون هذا الموضوع محلا للمناقشات بين وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد وبين نظيره الالماني بيتر ستراك في وارسو خلال المشاورات الراهنة لحلف شمال الاطلنطي (ناتو) وإن لم يتضح ما إذا كان من المزمع عقد اجتماع ثنائي. وقد شاب العلاقات بين البلدين بعض التوتر بسبب قضية العراق حتى من قبل تصريحات وزيرة العدل ، وأعلن شرويدر بوضوح أن ألمانيا لن تساند أي مبادرة عسكرية ضد العراق حتى لو دعت الاممالمتحدة إلى ذلك. وأثار هذا الموقف غضب بوش ولكن إدارته لزمت الصمت إلى أن شبهت الوزيرة بوش بهتلر. وقال المحللون الامريكيون وكتّاب المقالات الافتتاحية أن شرويدر يلعب لعبة السياسة الانتخابية بموقفه المعارض للولايات المتحدة بشأن العراق وأنه يجازف بتعريض نفسه للعزلة الدولية في هذا الامر. وفي داخل الولاياتالمتحدة عكس نقّاد بوش الحجج فقالوا أن الرئيس الامريكي يثير ضجة بشأن العراق لتحويل انتباه الناخبين الامريكيين في نوفمبر المقبل عن تدهور الاقتصاد المحلي. وبعد صدور التصريحات بشأن هتلر اتهمت مستشارة الامن القومي كونوليزا رايس الحكومة الالمانية بتسميم الاجواء ولكن يبدو أنها قالت ذلك قبل أن تصل رسالة شرويدر إلى بوش. وجاء في هذه الرسالة "أود أن أؤكد لكم أن ليس هناك مكانا على مائدة حكومتي لاي شخص يذكر الامريكيين في سياق الحديث عن مجرم". وقد أنكرت وزيرة العدل الالمانية الادلاء بهذه التصريحات ولكن شاهدين أكدا أنها شبهت بوش بهتلر حسبما ذكرت صحيفة فلت ام سونتاج الألمانية. وقد قالت صحيفة شوابيش تاجيبلات الألمانية في الاسبوع الماضي أن هرتا دوبلر جميلين قالت في اجتماع لاتحاد عمالي في توبنجين "الامريكيون لديهم ما يكفي من الزيت. بوش يريد صرف الانتباه عن مشاكله الداخلية. إنه أسلوب معروف. كان هتلر أيضا يلجأ إليه".