تسمو المشاعر الانسانية لمراتب الفداء والتضحية لتعانق بعطائها اللامحدود عنان السماء.. وحين يكون الايثار هو الخلق الجميل الذي يبعث في صاحبه وقار الرحمة والعطف!! تتبلور المعاني الصادقة داخل النفس ليتحول شموخ الارض الجدباء الى روضة خضراء وارفة الظلال والاطلال.. ويزهر الخير بعبير ينثر شذاه على قلوب محرومة تجتر آلام العوز والحاجة وترجو الاحسان من اياد بيضاء ميسورة.. تلك الايادي التي تجود دون مقابل او منة وتجزل العطاء لوجه الله لا تريد بذلك جزاء ولا شكورا. ومن رحمة الله بعباده ان جعل اناسا تملأ جوانبهم عواطف جياشة وقلوبهم مليئة بالرحمة.. تسعى لعمل الخير والجور بما تملك من مال وعلم وخلق واقلها الكلمة الطيبة التي هي بمثابة البلسم الشافي التي بها تنتشي المشاعر وتلين الافئدة. تلك الخصلة التي تضفي على صاحبها الروح الشفافة التي يختلج داخلها حب الفداء والتضحية والايثار بمعناه الجم. تأسرهم دمعة طفل يئن او يتيم يبحث عن مأوى او ارملة مسكينة عدت عليها الايام الزمن وتخطفها شبح الشجن او مسن انهكه الاعياء والعوز فالتجأ بعد الله لمن يفرج كربته ويفك اسره (وفي اموالهم حق معلوم للسائل والمحروم). ومما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها في سيرتها الطيبة انها تصدقت ذات مرة بمائة الف درهم من عطاء لها وهي صائمة لا تلبس الا ثوبا باليا فقالت لها خادمتها: لو ابقيت لنا ما نفطر عليه لكان خيرا. فقالت رضي الله عنها: وقد نسيت نفسها وذكرت امتها لو ذكرتني لفعلت. نعم هذا هو الايثار الذي يشحذ المشاعر رحمة ورأفة، هذا الخلق الجميل الذي يعتمل في النفس ليصقل ذاتها ويكشف مكنونها ويسمو بها الى اعلى عليين وفي منزلة الصالحين الذين اختصهم الله لقضاء حوائج الناس فحببهم للخير وحبب الخير اليهم فهم الآمنون باذن الله من عذاب يوم القيامة.. اللهم اجعلنا منهم.. اللهم آمين. فاطمة محمد الخماس