اذا كانت حرية الرأي والتعبير لا ضابط ولا رابط لها عند الغير، فانها تمارس عندنا من خلال ثوابت دينية واخلاقية، لتحقيق المصلحة العامة بعيدا عن الاهواء والمصالح الخاصة التي لا ضابط لها.. وهي ثوابت تجعل للحرف مسؤولية.. وللكلمة امانة وتستدعي تجنب الاثارة.. والبعد عن التزلف لحاكم او سلطة او مسؤول. وحرية الرأي والتعبير في هذا الاطار كفلها الاسلام كتابا وسنة وكان سباقا اليها. والكاتب او هكذا يفترض يمارس رقابة ذاتية لا تخضع لتقلبات الطقس، وهو في نهاية الامر انسان يصيب ويخطىء، واذا اخطأ هناك فضيلة الرجوع عن الخطأ. @ وتحت ظلال هذه الثوابت تصدى الكتاب السعوديون للغزو الامريكي لارض عربية مسلمة مغرقة في عروبتها وموغلة في اسلامها.. وبينما كانت النار تلتهم احد اطراف السجادة العربية.. ولانهم يجيدون قراءة الاحداث واستشراف المستقبل.. ويرون الحقيقة من خلال ذلك الضباب الكثيف المتراكم من الاكاذيب ويتعاملون مع حقائق قائمة لا يرقى اليها شك.. لذلك تصدوا للدفاع عن الحقوق الانسانية لكل مواطن عراقي، ودعوا الى الحفاظ على ثقافته وهويته ووحدة ترابه واستقلاله.. كشفوا اهداف الاحتلال ودحضوا الافتراءات والاضاليل التي تروجها الجهات التشريعية والتنفيذية والاعلامية في (الامبراطورية الامريكية) ولعل ما قدموا من ثمرات اقلامهم اقل مما يجب. @ البعض (يعشق) ما يسمى الديمقراطية الامريكية و(الانموذج) الامريكي.. و(يحسن) الظن في سياستها لدرجة تسفيه وتجهيل من يكتب ضد نزعتها العدوانية.. وتطلعاتها الاستعمارية.. وهذا البعض ما بين مأخوذ ومخدوع او لحاجة في نفس يعقوب لا يرتضي مرادفا لاسمها سواء المديح والاطراء او الدعاء لها بطول العمر واستمرار (التوسع) ونشر (الديمقراطية) تحت فوهات المدافع وراجمات الصواريخ.. ولا بأس لو توقف الامر عند حرية الرأي والتعبير الا ان (الحب) الاعمى يبلغ عند بعض (المنتفعين) درجة ممارسة الارهاب الفكري كوكلاء، وكالة مطلقة عن كهنة البيت الابيض ودهاقنة وزارة الدفاع الامريكية. @ هؤلاء يؤمنون بحرية التعبير لهم فقط دون غيرهم.. ولا يجيزون لاحد التصدي لحملات التضليل الاعلامي.. والوان الحرب النفسية التي يروجها خبراء على مستوى عال في (حبك) الاكاذيب وصناعة الافتراءات واذا كان الكاتب العربي يعبر عن نفسه في قضية لا تقبل الحياد.. ولا ازدواجية الولاء ازاء ما يتعرض له اخوة في العقيدة والدم والجوار والمصير الواحد فان السواد الاعظم من العرب والمسلمين من جاكرتا الى طنجة يدعمه ويشد على يده، لانه يرفض الحرب والاحتلال وما يترتب عليهما من مصائب وويلات. @ يريد هؤلاء (المتأمركون) ان (يؤمركوا) كل شيء يتصل بالغزو.. والاحتلال وقبول الخطاب الامريكي كما وضعه (المحافظون الجدد) والخروج على الشرعية الدولية ونزعات الاستعلاء.. والهيمنة والغطرسة الامريكية.. والاستقواء على الشعوب والتسليم لان الحرب ضد العراق حرب (عادلة) و(نظيفة) تزرع (الديمقراطية) في ارض الرافدين. ولا ادري اي شعور يريد (المتأمركون) ان يحمله كل واحد منا ازاء دولة طاغية ومستبدة لا تقيم وزنا لكرامة واستقلال الشعوب، ولا تكترث بمصائرها وترتكب الحروب وجرائمها من اجل اطماعها؟ @ هم يريدوننا ان نشارك في الجريمة ونغض الطرف عن مشاهد الدمار وجثث الاطفال الصغار ودموع الثكالى وتعريض دولة عربية لاخطار التمزق والحرب الاهلية وان نسبح ضد تيار الحق والعدل.. ونسكت كالشياطين الخرس على المخططات الامريكية الاسرائيلية في الشرق العربي.. واحلامها التوراتية والتلمودية وتطلعاتها السياسية والديموغرافية وكأن الامر لا يعنينا من قريب او بعيد ويكفي الكتاب العرب فخرا وتميزا ترفعهم في طروحاتهم عن اسفاف وسطحية.. واكاذيب اجهزة الاعلام المحسوبة على البيت الابيض ومنظمة (ايباك) الصهيونية التي تفوقت فيها على (غوبلز) وزير اعلام (هتلر) و(احمد سعيد) اياه، وطيب الذكر (محمد سعيد الصحاف). @ تظاهر الملايين في كافة ارجاء المعمورة ضد الحرب وويلاتها بما في ذلك الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدتان. وتحت عنوان: (بيان املاه الضمير ليس باسمنا) نشر اكثر من خمسة وستين الف شخص في الولاياتالمتحدة بيانا في اكثر من خمسين صحيفة في امريكا وحدها يعترضون فيه على الحرب ويبدأونه بعبارة: (حتى لا يقال ان شعب الولاياتالمتحدة لم يفعل شيئا عندما اعلنت حكومته حربا لا حدود لها، واسست لمبادىء قمعية جديدة متصلبة) وسار في هذا الاتجاه الرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر، ونائب رئيس الجمهورية السابق ال جور، وصوت اربعة وستون نائبا في مجلس العموم البريطاني ضد شن الحرب ناهيك عن صحفيين وسياسيين ومنظمات ومفكرين ورؤساء دول ووزارات سابقين من كل انحاء الدنيا اعترضوا على الحرب، وشجبوا سياسة الغزو والاحتلال.. في ممارسة مشروعة لحرية الرأي والتعبير باساليب مهذبة. @ لكن على الجانب الآخر، رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي العجوز الذي لا يحترم احدا ولا يستطيع ان ينتقي عباراته اطلق وصف (اوروبا القديمة العجوز) على فرنسا والمانيا بسبب معارضتهما للحرب. ونشرت الصحف الامريكية صورا عن مقابر الجنود الامريكيين في بلجيكا مع عبارة: (ماتوا من اجل فرنسا.. اما فرنسا فقد نسيت ذلك) وقالت (نيوزويك) عن الدبلوماسيين الفرنسيين: (انهم مجموعة من الخونة الذين يحاولون التهرب من اي التزام محفوف بالمخاطر)، وغير ذلك من الاساليب غير المهذبة التي تفتقت عنها اذهان امريكية، واخرى متعاطفة مع الامريكيين، وشتان بين اساليب هؤلاء واولئك.