تحت عنوان (في الغرب لها اكثر من وجه: حرية الرأي واغتصاب العقل) كتبت في (الجزيرة) الغراء 10472 في 8/ 3/ 1422 الموافق 31/ 5/ 2001م ان لهذه الحرية قيودا ومحرمات في صحافة الغرب واجهزة اعلامه واعطيت امثلة على تحامل الاعلام الغربي على الاسلامي ورموزه وما تحفل به المناهج الدراسية في التعليم العام والعالي من تشويه وصور نمطية لا تمت للحقيقة بصلة واستشهدت بامثلة تعرض لها كتاب ومفكرون غربيون منصفون بسبب مواقفهم المتزنة من قضايا عربية واسلاميةخاصة منها ما يتعلق بالقضية العربية المركزية قضية فلسطين من بينهم (بول فندلي) عضو الكونجرس الامريكي الذي دفع عضويته ثمنا لمواقفه الشجاعة (وروجيه جارودي) المفكر الفرنسي الذي حوكم بسبب تأليفه كتاب بعنوان (الاساطير المؤسسة للسياسات الاسرائيلية) والمؤرخ البريطاني (ديفيد ايرفنج) والباحث الفرنسي (هنري روكيه) اللذان تعرضا لاعتداءات جسدية وتشهير لانهما كذبا المحرقة النازية المعروفة ب (Holocoust). كانت هذه ملامح عن واقع حرية الرأي والتعبير في الغرب بعامة والولاياتالمتحدة بخاصة اي قبل احدث سبتمبر2001م اما بعد هذا التاريخ فقد اصبح هذا الواقع اكثربشاعة وبذاءة والدليل مانرى ونسمع من انتهاكات صارخة لهذا الحق الذي اضحى قائما ومكفولا وبحماية مطلقة من القوة الاحادية مؤقتا في العالم عندما يمارس ضد الاسلام والمسلمين والعرب ورموزهم الديية والسياسية والثقافية وما عدا ذلك يندرج تحت بند الكراهية ضد امريكا او (معاداة السامية) ما يجعل (مقترف) هذا (الذنب) خاضعا للمساءلة القانونية وتاليا الحكم عليه بالسجن او الغرامة المالية. من هنا جاء اعتراض الحكومة الاسرائيلية على برنامج لقناة ابو ظبي الفضائية العام الماضي عن شارون ودمويته الذي ازعج حكومة اسرائيل (الدولة الاكثر ديمقراطية في الشرق الاوسط) حسبما يتبجحون وعلى مقال حول دم لفطير صهيون الذي صدرت عنه رواية لنجيب الكيلاني منذ اكثر من ثلاثين عاما وجاءت في المسلسل ذاته المطالبة بمحاكمة ابراهيم نافع رئيس تحرير صحيفة الاهرام القاهرية في محكمة فرنسية (وجريمة) كل هؤلاء ما يسمى ب (معاداة السامية) وفي السياق ذاته اثار السفير الامريكي في مصر ضجة واسعة لانتهاله العرف الدبلوماسي واصول الضيافة عندما نشر مقالا في صحيفة (الاهرام) انتقد فيه كتابا مصريين كتبوا موضوعات تناولت السياسة الامريكية وشككت في احداث 11 سبتمبر/ايلول 2001 والدعم الامريكي الاعمى لاسرائيل ولما ووجه بحملة انتقاد صحفية عنيفة بلغت ذروتها بدعوته الى مغادرة مصر اضطر مكرها لا بطلا للاعتذار. وضمن رؤية ساذجة ومنهج جائر جاء دور مسلسل مصري يحمل اسم (فارس بلا جواد) اقلق الولاياتالمتحدة واقض مضجع الصهاينة لدرجة مطالبة الحكومة المصرية عدم عرض المسلسل في شهررمضان كما هو مقرر بحجة انه معاد للسامية ويشكل خرقا لمعاهدة السلام ويعتمد على كتاب مزور بزعمهم يرجع الى القرن التاسع عشر هو (بروتوكولات حكماء صهيون) بل لقد بلغت وقاحة النائب اليهودي الامريكي الديمقراطي جيرالد نادلر حد الدعوة الى تعليق المساعدات العسكرية الامريكية لجمهورية مصر العربية اذا لم تذعن لاوامر الباب (العالي).. جوبه هذا التدل الامريكي الصهيوني السافر برفض مصري رسمي وحملة استنكار ودفاع عارمة في مصر قادها مثقفون وصحفيون عبر مقالات ولقاءات وندوات تصدت بشجاعة وجرأة ل (الهجمة الصهيونية الامريكية) و(الحملة الصفراء ضد الفن المصري والعربي) وجاء في افتتاحية لصحيفة (الاخبار) ان (حرية الابداع والتعبير احد اركان الديمقراطية التي تتشدق بها الولاياتالمتحدة وكل دول الغرب لاجدال ان اخضاع الابداع الادبي او الفني للتسلط والارهاب الفكري استنادا الى القوة هو اهدار للفكر الانساني ولابسط قواعد الديمقراطية ان مايجري الان من حملات تنظمها ابواق الدعاية الصهيونية في اسرائيل والدول المؤيدة لها انما يستهدف ايضا تجريدنا من حقنا في التعبير عن فكرنا وتاريخناوواقعنا الاليم) واعتبرت وكالة (انباء الشرق الاوسط) المصرية ان الحملة على المسلسل الذي بدأ بثه فعلا مع بداية شهر رمضان المبارك (تأتي في اطار الموجة المتصاعدة على المسلمين والعرب في امريكا وان اسرائيل استغلت الفرصة لانهاكانت في انتظار الضوء الاخضر من واشنطن). في ظل هذا الواقع المزري يحار المرء ويتساءل بمرارة (ترى لو وقف العرب والمسلمون قادة وشعوبا وقفة رجل واحد وقيض للعالم العربي والامة الاسلامية) هيئة لمكافحة التشهير كما الهيئة الصهيونية التي تقف وراء هذه الضجة المفتعلة هل كانت الجرأة عند امريكا واسرائيل تبلغ هذا المبلغ من التطاول والغطرسة والتهديد بالويل والثبور وعظائم الامور؟ هل كان يتجرأ القساوسة (جيري فالويل) و(بات روبرتسون) و(فرانكلين جراهام) و(جيري فاينز) اطلاق تصريحاتهم البذيئة المعادية للاسلام ورموزه المقدسة وعلى وجه الخصوص الهادي البشير محمد صلى الله عليه وسلم؟ لو كان ذلك كذلك لبلع (جون اشكروف) وزير العدل الامريكي لسانه قبل ان يطلق في فبراير الماضي تصريحاته المسيئة للاسلام الخارجة عن كل اصول الادب والباقة والدبلوماسية ولكانت شلت يد العجوز المتصابية الكاتبة الايطالية (اوريانا فلاتشي) قبل ان تكتب حرفا واحدى من بذاءات (الغضب والكبرياء) ولتردد دهاقنة جائزة نوبل كثيرا قبل ان يمنحوا الجائزة للكاتب البريطاني الحاقد (اف اس نايبول) لعام 2001م ولكان اقتدى بهم منظمو جائزة الاداب الايرلندية امباك (IMPAC) فحجبوا الجائزة عن مؤلف رواية (المنصة Platforme) اليهودي الفرنسي (ميشيل هولبيك) التي اشتملت على هجوم وقح وسافر على الاسلام والمسلمين (هولبيك) الذي يردد دائما فض فوه: (ان الاسلام هو الدين التوحيدي الاكثر غباء وبلادة) و(عندما نقرأ القرآن نسقط نسقط) فكان ان اقتعد بعد روايته الساقطة مقعدا في (الصف الاول بالمسرح الادبي) على حد قول (توماس داير) محرر الصفحة الثقافية في ال (نوفيلست) الذي يقول عن (هولبيك) اننا لانعتبره اكثر من مراهق.. نعم مراهق يسعى بكل الطرق الى الاثارة والاستفزاز والعراك والاهانة انه يسعى لجلب الانظار اليه) والامثلة تفوق الحصر والاحصاء. كم يحز في النفس ان تتصدى لهذه التجاوزات مؤسسات ومنظمات اسلامية على ضعف امكاناتها المالية مدافعة عن كرامة وشرف اكثر من مليار ومائتي مليون مسلم او تنبري لهذه المهمة صحف غربية كماحدث عندما نشرت مجلس (News Week) في عدد 22 اكتوبر الماضي مقالا كتبه (فريد زكريا) استنكر فيه حمل (فالويل روبر تسون وجراهام) وقال (انها تفيض بالحقد والكراهية وتشغل النار التي يمكن ان تكبر لتصبح حريقا هائلا فظيعا) وانتقد زكريا صمت البيت الابيض الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع الشياطين الثلاثة بقوله (بينما كانت هناك ادانات في افتتاحيات هنا وهناك فان هذه البيانات ووجهت بالصمت من قبل البيت الابيض ومن غالبية القادة السياسيين والدينيين).. واشنطن (التي تشعر بالقلق لعرض المسلسل) وتغط دونما فائدة ترتجي على دول عربية لتعديل مناهجها الدراسية واشنطن لم ولن تنبس ببنت شفة لاقتطاع اليهود اجزاء من توارتهم المحرفة تدعو للكراهية والانتقام من الفلسطينيين ينشدونها في كنسهم ويرقصون ملوحين بالفؤوس والسكاكين منها دعاء لسيئ الذكر شمشون يقول فيه (اذكرني وساعدني هذه المرة فقط فانتقم نقمة عيني من الفلسطينيين) وانشودة اخرى تقول (نبني الهيكل ونحرق المسجد) امريكا التي ينص دستورها بعد التعديل الاول الصادر عام 1791م على (ضمان حرية الرأي والصحافة) والذي تضمن عبارة ConGress shall make nO law of ridging the freedom of speech (لا يجوز للكونجرس ان يصدر قانونا يحد من حرية القول) الولاياتالمتحدةالامريكية التي كانت من بين اول من وقع على الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الجمعية العمومية للامم المتحدة في 10 ديسمبر/ كانون الثاني 1948م الذي تنص مادته التاسعة عشر على ان (لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة وفي التماس الانباء والافكار وتلقيها ونقلها الى الاخرين باية وسيلة ودونما اعتبار للحدود) امريكا (بلاد الاحلام) لم تحم عضو الكونجرس السيدة (سينيثيا ماكيني) لمواقفها المتعاطفة مع العرب ولم تتوان عن اهانة وتجريم (روبرت جيسن) الاستاذ في جامعة تكساس لانه وصف امريكا بالارهاب وقال ان سياستها في افغانستان (حرب من الاكاذيب) على ذمة صحيفة (وول ستريت جورنال).. ولان الهجوم على الاسلام والمسلمين يشكل البوابة الاوسع للشهرة والثروة ولما كان ولا يزال لكل ساقط لاقط كما يقول المثل العربي وفي ظل ما يسمى الحرب ضد الارهاب فان علينا كمسلمين وعرب ان نتوقع المزيد من الاهانات والتجريح وخدش الكبرياء والكرامة والتدخل في الشأن العربي العام وانتهاك حقوق السيادة بمختلف اللغات وبكل الوسائل الاعلامية مسموعة ومكتوبة ومرئية طالما التزمنا صمت القبور او تحركنا على استحياء واذا لم نعد حساباتنا من الجذور وننطلق من نقطة الصفر الواعية. ان اصدق تعبير عن واقع حرية الرأي والتعبير في الغرب ما قالته (السيدة رولاند) Mme Rolland احدى زعيمات حزب الجيروندين الفرنسي المعارض وهي تضع رقبتها بين اعواد المقصلة قالت ايتها الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك!