وأعود للحديث عن الحج استنادا إلى ما رأيته فأقول ان للمواقف المؤثرة تعبيرا صادقا ينفذ الى القلب فيسيطر على المشاعر وينشىء في النفس روحا جديدة تعي الحياة وعيا صحيحا بما يغذيها ويختصر لها المسافات.. وكلما كانت المواقف بالغة الروعة من القدوة الصالحة كان تأثيرها أبلغ في النفس, يعمق فيها أصول الخير ويربيها على صورة أتم, وأفضل تدعم الفضيلة وتتعالى على الأهواء وتتحصن بالخلق الكريم. لقد رأيت أولئك الفتية كذلك, فشدني الاعجاب لكثرة الأعمال والمهام والمسؤوليات التي لا تنقطع على مدار الساعة, ومع ذلك يتم اداؤها في وقتها بإتقان وأحكام, ومن ورائها جهد منظم ومتابعة مباشرة.. أحد ضيوف الوزارة الذي استيقظ مع عشرات الضيوف في صالة مبنى الشؤون الإسلامية في مزدلفة عندما أذن للفجر وطوى فراشه وذهب ليتوضأ, وكانت الصالة مليئة بالحجاج, وبينما أنا أقترب من المغاسل سألني منذهلا من هذا الشخص الواقف وسط الصف الأول في الصالة؟ قلت: لماذا تسأل؟ قال: لقد راعني وروعني؟ قال اصطدمت به, وما في ذلك والعجب ألا تصطدم بأحد في هذا الكم من الناس؟ قال: ولكن أليس هو الشيخ الوزير؟ ونظرت فقلت: نعم هو.. وهل أروع من ان يقف المسؤول الأول بين الموظفين يأمر بمعروف او يوقظ نائما او يجيب عن سؤال او يرشد او يعظ او يؤم الجميع. ان للأسوة الحسنة من التأثير على النفس ما لا تبلغه المواعظ والخطب, لقد رأيت جملة من المشاهد والمواقف في حج هذا العام 1423ه, ذات دلائل ورسائل واضحة, وأرتأيت عددا من الاقتراحات طرح بعضها بعض الزملاء, وجرت بيننا مناقشات محدودة في مدى الجدوى منها.. واني استميح القارىء الكريم بأن أعرض بعض ما رأيت. 1 رأيت الحجيج هذا العام أكثر وأشد زحاما من الأعوام التي قبله, وأرتأيت ان ينظر في المساحات الخاصة ببعض القطاعات والحملات نظرة متوازنة مع الحاجة, واعداد الحجاج التابعين للقطاع او الحملة. 2 رأيت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد تقوم بجهود عظيمة, وأعمال جليلة في تنظيم الحج, وخدمة الحجاج وتوعيتهم.. رأيتها سخرت جميع ما امكنها واستنفرت قطاعاتها, وباشر المسؤولون الاشراف والمتابعة, وتم التنسيق والتنظيم على وجه لا نملك إلا ان نسأل الله لهم أوفر الجزاء وأتمه.