قرأت ماكتبة الدكتور غازي القصيبي في هذه الصفحة الاسبوع الماضي عن سليمان العليان - رحمه الله - وبقدر ما اتحفنا العليان بسيرته، اتحفنا القصيبي بعرضة الجميل لسيرة رجل عصامي استطاع ان يؤسس امبراطورية تجارية صناعية ساهمت بدور كبير في تنمية اقتصادنا الوطني، بقدر ما ساهمت في اعطاء صورة حسنة عن رجال الاعمال السعوديين والعرب على المستوى الدولي بما حققه من انجازات متميزة. سيرة سليمان العليان كانت مدرسة حقيقية لكل طالب مجد وتقدم ، ليس على المستوى المحلي فقط، بل على مستوى العالم، واعتقد ان الكتاب الذي ألف عنه باللغة الانجليزية يمثل من وجة نظري درسا حقيقيا لرجال الاعمال السعوديين، في خدمة المجتمع، فهو عندما رغب في ان يسجل تجربتة وكفاحه في كتاب يستفيد منه الجميع، لم يكن ينظر لمجد شخصي يوثق، وانما كان يهدف لسيرة تفيد وتدرس، قد تفتح ابواب المجد للكثيرين. لم يسعدني الحظ بأن اقابله في حياته، لاحاوره واستفيد منه وافيد، وقد يكون من القلة القليلة من كبار رجال الاعمال الذي لم اقابلهم ، الا انني كنت شغوفا بقراءة كل ما يكتب عنه ، وقد استقيت من ابنه خالد (خليفته قيادة وفكرا) الكثير من المعلومات عن رحلة كفاحة الطويلة التي كللها بوضع اسمه في قائمة انجح رجال الاعمال في العالم. وقد يكون العليان رجل الاعمال السعودي الوحيد الذي كتبت عنه صحافة العالم اكثر مما كتبت عنه صحافتنا، فلم يكن ميالا للظهور واطلاق الرؤى والتصاريح، الا ان دوره الكبير في اسواق العالم دفع صحافته الاقتصادية والسياسية الى القاء الاضواء على شخصيته. وبداية العليان المتواضعة في دنيا المال والاعمال بالفعل تستحق ان تكون نموذجا للكفاح والعصامية، فمن دخل يومي يبلغ روبية ونصف الروبية الى دخل يبلغ مئات الآلاف من الدولارات، تكمن قصة رائعة لفتى قاده طموحه لترك عنيزة من اجل مستقبل افضل، وبالفعل حققه في البحرين والخبر، الا انه لم يتوقف عند ذلك, واقتحم الوول سترتيت ليصبح من اشهر شخصياته على مدى التاريخ. وعندما اصدر كتابه الوثيقه كتب مبررا لذلك قال فيه ان اي نجاح حققته في حياتي لن تكون له قيمته الحقيقية اذا لم تستفد منه الاجيال القادمة من رجال وسيدات اعمال سعوديين، الذين سوف يتوفر لهم من الفرص اكثر مما توفر لي، لكن الكثير من التحديات ستواجههم وامل ان يكتشفوا الرضا العميق الذي سيجنونه بعد بذل كل ما يستطيعون من جهد بصرف النظر عن الصعوبات ثم يتعلمون ما يستطيعونه من كل خطوة يخطونها عبر الطريق. رحمك الله يا ابا خالد، بالتأكيد فان الفرص اكثر، وذلك الدرس الذي يلخص خبرة السنين لايصدر الا من شخصية فذة، الا ان جيلا جديدا من رجال الاعمال لايستوعبون ذلك، لقد تعودوا على الربح السهل، وليس مهما التعلم والاستفادة من الاخطاء او الطريقة التي يجنون بها ارباحهم ، وآمل ان يستفيدوا من ذلك. جميل ما قدمه العليان لوطنه من خلال الدور الخيري والاجتماعي الذي قام به وركز عليه، فاعطى ولم يبخل ودعم وساهم واجزل العطاء، بل ان كتابه الرائع خصص ريعة من اجل الخير. الكتاب يجب ان يدرس في الجامعات السعودية، قبل ان تسبقنا جامعات العالم لاعتماده مقررا في كليات الادارة والاقتصاد، وستكون الصحيفة السعودية التي تنال حقوق نشره على صفحاتها قد حققت سبقا وخدمة لقرائها، لاستعراض سيرة رجل اعمال بدأ من الصفر ولم يتوقف حتى بلغ قمة المجد.