نوه سماحة مفتى عام المملكة ورئيس ادارة البحوث العلمية والافتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ال الشيخ بما وفرته وبذلته المملكة من خدمات جليلة لحجاج بيت الله الحرام وما قامت به من تطوير لعمارة الحرمين الشريفين وما وفرته بهما من خدمات عظيمة مما يسر لضيوف الرحمن أداء نسكهم ومن عليهم بالاداء وهم فى أمن وطمأنينة وراحة بال. وقال سماحته فى المحاضرة التى القاها بكلية خدمة المجتمع والتعليم المستمر بجامعة أم القرى بعنوان (المنهج الصحيح فى التعامل مع الشائعات والفتن) ان دين الاسلام دين الشمول والعموم لان الله جل وعلا ختم به كل الاديان وختم بنبيه جميع الرسالات وبالكتاب العزيز كل الكتب وجعل هذا الدين ختام الاديان كلها فهو جامع لما قبله وهو المهيمن على ذلك فهو كفيل بحل كل المشاكل. وأضاف يقول: يتساءل البعض عن هذه الشائعات ما موقف الاسلام منها هل فى شريعتنا علاج لتلك الشائعات وهل فى شريعتنا علاج لهذه الفتن وكيف التخلص منها على ضوء الكتاب والسنة فأطمئن اخوتى بان شريعة الاسلام لم تهمل هذا الجانب بل عالجته العلاج الصحيح الناجح والنافع بان عالجته من اصله فلم تدعه ينتشر ولا يسرى وانما جففت ينابيعه من الاصل بما جاءت به من تعاليم سامية وتوجيهات قيمة. وبين سماحته ان الله جعل من أخلاق المؤمنين وصفاتهم الحميدة الصدق فى القول مفيدا أن الصدق من علامات المؤمن ومن اخلاقه وصفاته فأهل الاسلام أهل صدق فيما يقولون ويخبرون ويعملون صدق فى الظاهر والباطن سلم القلب واستقام فاستقام اللسان على الخير والهدى. وأشار الى ان الكذب خلق المنافق والصدق خلق المؤمن مشيرا الى ان الصدق يهدى الى البر وان البر يهدى الى الجنة ولا يزال العبد يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وان الكذب ليهدى الى الفجور وان الفجور ليهدى الى النار ولا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا فالصدق خلق المؤمن دائما وأبدا صدق الله فى ايمانه وأقواله ومعاملته وصدق نفسه واخوانه فى تعامله فيما بينه و بينهم. وأكد سماحة مفتى عام المملكة ان الامة اذا التزمت الصدق فى القول فيما تخبر به وفيما تتحدث عنه فان الشائعات يختفى دورها فى مجتمعنا فالشائعات لامحل لها بين المجتمع المسلم الصادق فدين الاسلام جاءنا بالعدل فى اقوالنا وارشدنا الى العدل فى افعالنا وحقيقة العدل فى القول ان لانجور فيما نقول ولانظلم فيما نقول وانما نتحدث عن حق و اقع فالمطلوب من المسلم ان يعدل فى الاقوال و الافعال ليكون مؤمنا حقا والشائعات فى الغالب لاعدل فيها هى شائعة و اخبار مستقاة من غير مصادرها متلقاة من غير ثقاتها هدفها الضرر العام وليس هدفها المصلحة فاذا صدقنا و عدنا كنا مساهمين فى الاقلال من الشائعات . وأضاف قائلا (لايخلو اى مجتمع من نقص فى بعض افراده ومن وجود اخطاء فى بعض افراده وهذه سنة الله جل و علا فى خلقه ان الناس متفاوتون فى ايمانهم متفاوتون فى عقولهم ومداركهم لما لله فى ذلك من الحكمة العظيمة فليس الناس على حد سواء فى العقل و الادراك واستيعاب الاشياء و تصورها على الحقيقة فكل له اتجاهه ومسلكه ومن الناس من لاتمييز عنده ولا فحص عنده انما هو مكبر صوت لكل ما يقال يشيع ليبلغ بنفسه كل ما سمع دون تمييز ولا فحص للاقوال ومنهم من يطمئن و يتأنى و يفكر طويلا و يتأمل طويلا ايقدم على هذا القول ام لا ينظر هذا القول من جميع الجوانب ما هى علامة الصدق عليه وما هى علامة الكذب عليه هذا القول يمر بمراحل فيقلبه ذات اليمين و ذات الشمال حتى اما ان يقبله واما ان يرده وهذه هى البصيرة و الفكر الصائب الذى لا تروج عليه الاباطيل) . وقال الشائعة شائعة على اسمها واذاعة و اعلام لكنها لاتعتمد على الواقعية انما هى شائعة غالبها مبنى على عدم الثقة بمشيعها وانما مجرد بث صوت وايصال الصوت الى ابعد مكان دون التأمل فيه وان نبينا صلى الله عليه وسلم حذرنا من ان نشيع الاقوال بدون ترو فقال (بئس مطية القوم (زعموا) وقال كفى بالمرء كذبا ان يحدث بكل ما سمع) فمن حدث بكل ما سمع فانه لا يخلو من كذب وان لم يكن هو فى نفسه كاذبا لكن القول الذى نقله كذب فينسب الكذب اليه من لا يدرى عن حقيقة الامر. وقسم سماحة مفتى عام المملكة الشائعات الى عدة أقسام ومنها شائعات من حيث الفرد و شائعات على المجتمع عموما شائعات تثار حول فرد ما وشائعات تثار حول المجتمع عامة و المسلم موقفه التثبت فى الامور كلها مشتهدا بقوله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) وقال أدب من ربنا لنا ان جاءنا فاسق بنبأ ان نتثبت و ان نتروى وان لانقبل القول على علاته بل ننظر فيه احق هو ام غير حق فبعد التبين نحكم على الخبر صحة او عدمها ويشاع احيانا عن الفرد اشياء ولو تأملها المسلم لتبصر فى الامر فبعض الناس يشيع عن الناس اشياء مغرضة لقصد تحطيم ذلك الانسان واذلاله و القضاء على معنويته سواء كان مسؤولا فيحب ان يحط من قدره و يشوه سمعته و يلفق به ما هو براء منه ويأخذ من هذا رواية ومن هذا رواية و يكون اساطير واكاذيب من اجل الانتقام من ذلك الانسان وان الشريعة الاسلامية ضد ذلك كله المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. واكد اذا اراد الفرد ان يكون مسلما حقا فليسلم المسلمون من شر لسانه لاترميهم بالعظائم لا تلفق التهم عليهم لا تنسبهم بما هم براء منه لا تقل فيهم ما ليس فيهم (والذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا و اثما مبينا). وبين سماحة الشيخ عبدالعزيز ال الشيخ ان الاسلام قضى على الشائعات فى الفرد ففى مجال الاعراض اذا اشاع شخص عن مسلم انه ارتكب جريمة اخلاقية توجب حدا من الحدود فاعلم انك بذلك اخطأت ووقعت فى المحذور ولا ينجيك من هذا الخطأ الا بينة واضحة تدل على صدق قولك و الا طبقت عليك العقوبة الشرعية حيث جعل الاسلام عقوبة هذه الشائعات جلد الحد ثمانين ورد الشهادة و الحكم بالفسق مؤكدا ان ضعف الايمان هو الذى حمل بعض الافراد على اثارة الشائعات. وابان ان كثيرا من هذه الشائعات فى هذا العصر محطها الآن بعض اجهزة الاتصالات كالانترنت وامثاله فتراها مليئة بالشتائم والسباب و تلفيق التهم بالمسلمين كل يقول ما ساغ له لانه لا اسم له ولا ايمان يحجزه عن ان يقول فى الناس ما ليس بحق مشيرا الى ان هناك شائعة ايضا بان يضاف للانسان ماهو برىء منه فيقال هذا يسلك المسلك الفلانى ومنهجه كذا و معتقده كذا وعقيدته كذا و طائفته كذا و يصنفون الناس اصنافا متعدده كذبا و افتراء وهم يعلمون كذبهم لكن الهوى يعمى و يصم . وكشف المفتى العام ان هناك شائعات سيئة واعظمها ما يشاع عن تكفير بعض الناس و تبديع بعض الناس وتفسيق بعض الناس وبلى المسلمون باناس قل علمهم وضعف ايمانهم و قلت مداركهم واصبح التكفير و التفسيق و التبديع و التضليل خلقا لهم فى الناس تسمعهم دائما فلان كافر وفلان مبتدع و فلان فاسق متسائلا سماحته لماذا كفرت هذا استبنت الكفر عن علم هل سمعت منه تكذيبا لله ورسوله هل سمعت منه تحليلا للحرام المجمع عليه اوتحريما للحلال او سب الله ورسوله ودينه ماذا حملك على التكفير. ومضى سماحته يقول (حمله على التكفير انه اختلف معه فى قضية ما من القضايا فالمحك الاختلاف و الاتفاق ان وافقته فى هواه ورأيه فانت المؤمن الكامل وان خالفته فى رأيه و تصوره فانت الكافر الضال المبتدع فاصبح التكفير و التبديع والتفسيق امورا يمليها الهوى و ضعف الايمان ولو علم اولئك ما يترتب على ذلك من البلايا لأحجموا عن ذلك وقوم احيانا لايحسنون الوضوء فى صلاتهم و لا يعرفون احكام الدين وليس لهم قدم راسخ فى العلم فى شباب خدع و غرر به تراه يتحدث عن تكفير هذا و تبديع هذا و تفسيق هذا لماذا اشاعة هذه الاشياء مؤكدا ان اشاعته لذلك هو ضعف الايمان عنده فهو لايبالى بما يقول وهذا كله من الخطأ و النقص فالواجب تقوى الله وان نمسك السنتنا عما لايعنينا وان لانقول الا ما نحن عليه يقينا جازما وننصح و نتعاون فيما بيننا ونتصل بمن قيل عنه لنعرف هل ما قيل حق ام باطل و كذب). وتطرق سماحته الى اثار الشائعات فى تفريق صفوف المجتمع المسلم و تبديد شمله و تفريق كلمته لان خطرها عظيم لابد للمجتمع ان يعالجها وفق قواعد الشرع فالعلماء فى تعليمهم و توجيههم والدعاة فى اساليبهم و الخطباء فى منابرهم والاعلاميون فى وسائل اعلامهم لابد ان تتضافر الجهود لنقطع خط الرجعة عن اولئك المكفرين و المبدعين الذين تنطلق منهم هذه الكلمات البذيئة بلا روية و لا تعقل فيجب علينا ان نتكاتف وتتضافر الجهود فى سبيل تضييقها والقضاء عليها امة ربما غرر بها فكفروا وبدعوا واستباحوا دماء المسلمين محذرا سماحته من هذه الافكار السيئة والشائعات الباطلة ولنكن على حذر منها ومن اهلها ان لا يزجوا بنا ولا بمجتمعنا فى هذه الهوة السحيقة التى لانجنى من ورائها الا الشر والبلاء وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز ال الشيخ ان مجتمعنا مجتمع مسلم تعلو فيه شعائر الاسلام ويحكم فيه شرع الله وان الاخطاء لا احد معصوم منها ولكن الخطأ يعالج بالحق لابالباطل ومن الشائعات ما يشيعه ضعفاء الايمان ليضعفوا كيان الامة امام الاحداث ويرجفوا بها ويقولوا اقوالا بعيدة عن الواقع لاجل الارجاف بالمسلمين وهم بهذا يشابهون المنافقين فمن الناس حيال الفتن من يشيع شائعات باطلة يريد فت عضد الامة وان يزيد الشر شرا والبلاء بلاء بدل ان يثبت المسلمين ويقوى شأنهم ويربط قلوبهم ويقوى وحدتهم ويجمع كلمتهم يشيع ما يشيع ارجافا بالامة وتخذيلا لها وتثبيطا لعزائمها لكى تستسيغ كل ما يسمع . واستطرد سماحته قائلا (نعلم ايها الاخوة ان اعداءنا يستعملون فى اعلامهم الحرب النفسيه ضد الامة بكل ما اوتوا من اسلوب وبامكانيات وربما استغلوا بعض ضعفاء المسلمين وضعفاء البصائر من الامة لكى يكونوا عونا لهم على تنفيذ مرادهم ومقصودهم) محذرا سماحته من ذلك وان تكون عزائمنا قوية والتفافنا حول قيادتنا التفافا قويا ثابتا يشد الازر ويقوى العزائم ونكون كالصف الواحد وكالبنيان يشد بعضه بعضا دون ان نصغى الى شائعات فيها الارجاف والتهويل واضعاف شأن الامة وان هذه الفتن والمصائب يجب على المسلمين ان يرجعوا الى ربهم قبل كل شىء ولنحذر ان نصغى الى الاراجيف والاباطيل فاعداؤنا دائما يحاولون تثبيط عزائمنا واضعاف نفوسنا اعلام جائر يصور الاشياء على غير حقائقها وينشر الاكاذيب وربما كانت على ايدى بعض افراد المسلمين ممن لابصيرة عندهم ولاوعى صحيح يدركون به الاخطاء ويتصورون به الواقع على حقيقته . وقال سماحته ان ولاة الامر يرجع اليهم بعد الله امام هذه الفتن والمدلهمات لحل المشاكل التى تجنب الامة تلك المصائب وتحقق لهم الخير وهذا ما نأمله وان ولاة امرنا يسيرون على النهج القويم زادهم الله هداية وتوفيقا مشددا على ان نكون على حذر من كل مانسمع سواء فى حق فرد اوجماعة او فى حق الافراد او الامة ونكون على حذر مما يشاع ويذاع وان نتبصر فى الامور وان لانعطى للعدو فرصة فى ان يجلب علينا اكاذيب واراجيف وحربا نفسيه يحطم به كياننا ويضعف به عزائمنا. بعد ذلك اجاب سماحة مفتى عام المملكة عن اسئلة واستفسارات الحضور.