لقد كان من المفترض ان ينشر هذا الجزء الاسبوع الماضي ولكن لظروف العيد والتزاماته لم يتمكن القلب من ذلك ولعل من ايجابيات ذلك انني اطلعت على صفحة الساحة الحرة والتي يقدم فيها من اطلق على نفسه قرقاص بوضع بعض كتاب اليوم على صفيح الرأي الآخر.. واحسب بانني لن استعرض ماسطره قرقاص عن الجزء الاول من هذه المقالة اذ على المتابع ان يعود الى عدد جريدة اليوم الصادر يوم الجمعة 13 ذو الحجة لكي لايكون ذلك على حساب هذا الجزء من المقالة. لقد سعدت كثيرا بهذه الصفحة كونها تمثل نقدا لما ينشر في الجريدة ولاشك بان النقد هو افضل اداة ابتدعها الانسان من اجل التطوير ولكن ينبغي ان ندرك بان للنقد مكونات يجب وضعها في الاعتبار والا اضحى النقد كما اسلفت قطنيا هشا لافائدة منه ومن مكونات النقد هو الفهم العميق للنص المستهدف من النقد. كما على الناقد فهم المصطلحات بمدلولاتها في سياق الجملة المذكورة على اية حال للتوضيح وليس للرد على القرقاص ان لفظ المتخرصين لا تعني الكذابين البتة انما تعني اصحاب الادعاءات الباطلة وهنا علينا ان نفرق بين المعنيين اذ ان اصحاب الادعاءات الباطلة هم من لديهم القدرة على تغليف الاكاذيب وتهذيبها حتى يمكن تمريرها على السذج من العامة في حين ان الكذب بين وواضح اما ثانية الاثافي فعلى القرقاص عندما يوجه نقدا ان يذهب برؤيته بعيدا عن البيئة المحلية بمعنى اننا قد كنا قبل سنين قصيرة عندما نكتب وننقد نعمل ذلك في محيط البيئة من حولنا. في عصر العولمة وثورة المعلومات الامر في غاية الاختلاف اذ عندما نكتب او ننقد ينبغي ان يكون ذلك من رؤية عالمية تتجاوز الحدود وللتوضيح ليس الا, فعلى عكس ماذكر القرقاص فانني لا اعني بالمتخرصين (اصحاب الادعاءات الباطلة) هم من ابنائنا وبناتنا.. ابدا وهذا فهم ناتج عن قراءة سطحية بعيدة عن القراءة الفكرية للكاتب.. ان المتخرصين اذا وضعنا الرؤية العالمية في الاعتبار هي وسائل الاعلام المعادية وكذلك اصحاب التنظير الفارغ من كتاب الصحف وغيرهم, اذ لاشأن لابنائنا وبناتنا فيما ذهبت. نعود مرة اخرى الى موضوع المقالة الرئيسي وازعم بأن هناك العديد من المعوقات ولكنني سأبتعد تماما عن تلك المثاليات والاحلام التي تشبعت منها الصحف والمؤلفات وقواعد المعلومات وسأكون واقعيا اكثر مما يلزم لالشيء الا لتكون هذه المعوقات قابلة للاذابة من خلال تحويلها الى فرص يتم اغتنامها لتحقيق مانهدف اليه ولو كان التأثير قليلا ولكنه افضل من ان نحلم بتأثير كامل دون ان نتمكن من تحقيقه اما المعوقات والتي تحد من استيعاب خريجي الثانوية العامة فهي حديث السطور القادمة. الغموض في المسارات التعليمية والتدريبية ليس طلاب الثانوية ولكن احسب بأنه لو سألنا مسئولا حتى في المجالات التعليمية والتدريبية عن سرد المسارات التعليمية والتدريبية في القطاعين العام والخاص لما استطاع ذلك فكيف بالطالب وهو عند تخرجه لا يرى امام انظاره الا الجامعات او الكليات المدنية والعسكرية في حين ان في المملكة العديد من المسارات التعليمية والتدريبية والتي ازعم ان بعضها يبحث عن طلاب في بعض التخصصات ناهيك عن مسارات التعليم والتدريب في القطاع الخاص والتي اعزف عن ذكرها حتى لانتهم بالدعاية المجانية لها اذا نحن بحاجة ماسة الى تبيان ذلك للطلاب اثناء دراستهم في السنة الثالثة من الثانوية العامة وليكن هناك دور مكثف ولو من خلال ساعات النشاط تؤهل قدراته الذهنية بان المسار الجامعي ليس هو الافضل بل ان هناك فرصا تعليمية وتدريبية قد تفتح له آفاقا عملية اوسع ومجال ارحب في سوق العمل واعلم بان هناك دليل تصدره وزارة المعارف يوضح المسارات التعليمية فقط خاصة في القطاع العام ولكن ماقصدته هنا ان يكون هناك دليل شامل عن المسارات التعليمية والتدريبية سواء في القطاع العام او حتى الخاص كالتي في الشركات الكبيرة على سبيل المثال. غياب الارشاد والتوجيه المهني اصعب مايواجه خريجي الثانوية العامة في بلادنا هو الصعوبة التي يواجهها لتحديد مستقبله سواء التعليمي او الوظيفي خاصة في ظل غياب دليل المسارات التعليمية والتدريبية الذي تحدثنا عنه فنجد ان الطالب مما يؤسف له لا يعي الى اين يتجه بمستقبله فتراه يطرق كافة الابواب حتى تفتح له احدها فيدخل.. ان دخوله هذه الجامعة او الكلية او تلك ليس نتيجة لتحديد ميوله واتجاهاته بل مبنية على اساس ان هذا هو المتاح وبالطبع فان مثل ذلك قد يتسبب في التسرب وخلق جيل من المتسربين من مؤسسات التعليم العالي وهؤلاء مشكلتهم اكثر تعقيدا من خريجي الثانوية العامة اذ انتهت صلاحية تخرجهم من الثانوية وفي نفس الوقت لم يتمكنوا من الحصول على مؤهل جامعي يرخص لهم الدخول الى سوق العمل التبعية الاخرى لغياب الارشاد والتوجيه المهني هي التكدس بالاف الطلاب امام جامعة او كلية معينة في حين ان مسارات تعليمية وتدريبية تبحث عن طلاب.. خاصة في القطاع الخاص ولعل الدليل الذي ذكرته يساهم في علاج مثل ذلك. اذا في خضم المسئوليات الكبيرة الملقاة على عاتق الوزارات ذات الشأن ومع سرعة وتيرة النمو المتزايدة لعلنا نقترح هنا ان نفكر بجدية في ان يفتح المجال امام القطاع الخاص في انشاء مكاتب خدمات ارشادية وتربوية للطلاب, مرخص لها من الجهات ذات العلاقة وتعمل وفق معايير محددة تنظم سير عملها وتحقق الاهداف التي انشئت من اجلها وهناك تجارب بهذا الشأن في العديد من الدول النامية او المتقدمة. اما لدينا مكاتب تعين الطلاب على حصول قبول في الجامعات الخارجية هنا نحن نريد مكاتب تقدم خدمات ارشادية وتوجيهية ليس ذلك فحسب بل تعمل على تحديد ميول واتجاهات الطالب لتكون المشورة مبنية على نتائج هذه الاختبارات الخيار الآخر والذي ازعمه فانه مصاحب للاول هو ان تقوم وزارة المعارف باجراء اختبارات ميول لكافة طلبة السنة النهائية من الثانوية العامة لتسليم الطالب نتيجة هذا الاختبار مع شهادته وبذلك على الاقل تكون له رؤية عن اتجاهاته وميوله وبشهادة تحديد الميول والاتجاهات مضافة الى الخدمات التي تقدمها المكاتب الاستشارية المقترحة سيتم الاستغلال الامثل لكافة المسارات المتاحة كما ان هذه المكاتب قد تقدم استشارات للطلاب لاعانتهم لدفع رسوم الدراسة في المسارات التي تتطلب تمويلا ماليا كأن تضمن لهم منح دراسية من الشركات والمؤسسات الدولية العاملة بالمملكة والتي خصصت اساسا جزءا من ميزانياتها للتدريب ولكن لعدم التنسيق لم يستفد منا طلابنا. فقدان مبدأ المشاركة بين المدارس والجامعات وسوق العمل تفتقد مساراتنا التعليمية والتدريبية الى مبدأ المشاركة سواء بين مدارس التعليم العام ومؤسسات التعليم العالي من جهة او بين المدارس ومؤسسات سوق العمل من جهة اخرى فالطالب في مقاعد الدراسة بالمرحلة الثانوية لا يضع امام عينيه الا ان يدخل الجامعة بعد التخرج ولكن ينبغي الا نوقع اللوم عليه لانه اسس على ذلك ولو اتيحت له الفرصة بمعايشة الواقع الفعلي لسوق العمل سواء من خلال محاضرات متبادلة بين المدارس واصحاب الاعمال او الزيارات المنظمة الهادفة الى تمهين هؤلاء الخريجين لاصبح التفكير مغايرا الى حد ما ليس ذلك فحسب بل لنا ان نتساءل هنا لماذا لا تكون هناك شراكات قائمة بين طلاب السنة النهائية من المرحلة الثانوية وبعض مؤسسات سوق العمل من خلال وضع آلية مناسبة وبناء على نتائج اختبارات الميول يحدد من خلالها مسار الطالب المهني خاصة مع وجود صندوق تنمية الموارد البشرية ان مثل ذلك بالطبع يخفف العبء من على ابواب الجامعات ومؤسسات التعليم العالي المسألة الاخرى اين الشراكة بين المدارس ومؤسسات التعليم العالي من جامعات وكليات لماذا لانعقد شراكات يتم بموجبها انتقاء الطلاب المتميزين وذوي الميول الدراسية من على مقاعدهم اثناء دراستهم في السنة النهائية من المرحلة الثانوية بل ويطلب من هؤلاء اخذ بعض القرارات الجامعية الاساسية اثناء دراسته في السنة النهائية ولانستغرب مثل ذلك اذ ينبغي علينا ان نخرج باهداف جامعاتنا الى خارج المفهوم التقليدي وبالطبع ان مثل ذلك سيساعد على رصد الطلاب من ذوي الميول الدراسية وسيخفف العبء عليهم بعد انتهائهم من الدراسة الثانوية ونفس المنهجية لو تطبق على ذوي الميول العملية من خلال شراكات مع مؤسسات سوق العمل وهم على مقاعد الدراسة بالسنة النهائية. غياب الالتزام الاجتماعي من المؤسسات الكبيرة تجاه المجتمع يوجد لدينا الكثير من المؤسسات الكبيرة جدا والكبيرة من التي لديها مراكز تدريب او من التي تستعين بمؤسسات تدريبية خاصة لتأهيل موظفيها الجدد واكسابهم القدرات اللازمة للقيام بالوظائف التي ستسند اليهم ومؤخرا بدأت بعض الشركات الكبيرة تفكر جديا بالاستعانة بالكليات الحكومية القائمة لاستيفاء احتياجاتها التدريبية الامر الذي يعني بأنها ستتخلى عن دورها الاجتماعي تجاه المجتمع وخدمة شريحة من افراده لذا ينبغي ان ندير الدفة مرة اخرى في ان تقوم هذه الشركات الكبيرة بالتوسع في المسارات التعليمية والتدريبية في شركاتها وعدم التفكير بالخروج الى المؤسسات الحكومية لكي تتفرغ هذه المؤسسات الحكومية لاستيعاب اكبر اعداد من نواتج التعليم الثانوي ولو تعاملت الشركات الكبيرة على انها مساندة للدولة وانشأت كل شركة مركزا او معهدا للتعليم او التدريب والتزمت باستيعاب اعداد لابأس بها من خريجي الثانوية العامة حتى ولو لم يتم توظيفهم اذ يكفي ان تلتزم بتعليمهم او تدريبهم الامر الذي سيزود السوق بالسعوديين المتدربين مما يسهل عليهم الحصول على وظائف متاحة يشغلها الوافدون. وبالمناسبة فان هذا الدور مناط بالشركات الكبيرة في معظم دول العالم المتقدم منها او النامي اذ لا تقتصر دور هذه المعاهد والمراكز بتأهيل الداخلين الجدد لهذه الشركة او تلك بل تعمل على تأهيل الخريجين الجدد من الثانوية العامة وتستوعب اعدادا لابأس بها وبنظرة بسيطة ندرك حجم هذه المؤسسات سواء من شركات او مصانع او بنوك او مؤسسات مدنية او خلافه فلو عملت كل مؤسسة من هذه المؤسسات معهدا تعليمية او مركزا تدريبيا يستوعب اعداد من خريجي الثانوية العامة وفق منظومة متكاملة وآليات عمل واضحة ومحددة موزعة الادوار وبمتابعة رصينة ومعايير جودة شاملة لتغير الوضع نحو معالجته للافضل. من يتعلم؟ ومن يعمل؟ هذا سؤال محير للغاية والسعي في اجابته تزيد الامر حيرة. وكما هو الحال العديد من الدول ليس من الضرورة ان يذهب كافة خريجي الثانوية العامة الى الجامعات والكليات ولكن الى المسارات التدريبية المتاحة سواء بالقطاع العام او الخاص والذي تنتهي عادة بالوظائف البسيطة المتاحة في السوق وما يحدد ذلك هو المعدل الذي يحصل عليه الطالب وايضا نتائج اختبارات الاتجاهات والميول التي تحدثنا عنها سالفا. واجابة هذا السؤال تثير مسألة هامة وهو لماذا لانشرع باستحداث مكاتب لتنسيق القبول كما هو الحال في بعض الدول والذي اثبتت فعاليتها؟ باعتقادي بان هذه المسألة بحاجة الى مقالة منفردة ولكنني احسب بان ايجاد مثل هذا المكتب يعني التزام بتوفير مقاعد سواء للدراسة او للعمل لكافة الخريجين.. ولكن دعونا نستطرد الى الاهم وهو لو تم حصد كافة المسارات التعليمية والتدريبية العامة والخاصة ولو تم حث بعض المؤسسات والشركات الكبيرة باستحداث مسارات تعليمية وتدريبية والرفع من الطاقة الاستيعابية للمسارات الموجودة ولو علمنا بميول اتجاهات طلابنا من يعمل ومن يتعلم ولو تم بتنسيق متكامل بين كافة الجهات ذات العالقة هل بامكاننا استيعاب كافة الاعداد؟ وهذا ماسنتحدث عنه في الجزء القادم. بعد كل ذلك.. لنا ان نتخيل لو ازيلت كل هذه المعوقات وحولناها الى فرص كونها ليست معوقات تعيق العمل ولكن في واقعها تحديات بالامكان التعامل معها اقول لو ازيلت هذه التحديات وهي التي كما قلنا بانها ليست من الصعوبة ازالتها اذ انها في متناول الامكانات والانظمة المتاحة وليست بحاجة الى ميزانيات ضخمة بل اجزم بان مانحتاجه في هذه الفترة هو ايجاد حلول فورية بعيدا عن التنظير والذي يبدو في مجمله فارغا في اغلب الاحيان بل وازعم باننا لسنا بحاجة الى مزيد من اللقاءات والندوات حول هذه المسألة ولقد حان الوقت لاحداث النقلة النوعية والعملية من مرحلة التنظير الى مرحلة التطبيق فالتوصيات والحلول كما نراها على الارفف واذا ما استمر الجدل فاننا سندور في حلقة مفرغة لن تزيد الامر الا تعقيدا.