كما توقعت بعض الاوساط السياسية فان تقريري بليكس والبرادعي أمام مجلس الأمن يوم امس الاول كانا كالتقريرين السابقين مثيرين للجدل حول اسلحة الدمار الشامل العراقية, ويكاد من اصغى للتقريرين الجديدين وامعن في تفاصيلهما وجزئياتهما لا يفهم على وجه التحديد ان كان النظام العراقي يمتلك شيئا من تلك الاسلحة او ان العراق خال منها تماما, وهو أمر ادى بطبيعة الحال إلى استمرارية حالة اللاحرب واللاسلم في المنطقة, غير انها حالة لا تقطع الشك باليقين في امكانية تجنب الحرب بشكل حازم, وهذه الحالة (الباردة) تنشر سحابة كبيرة من القلق على أجواء المنطقة, الا ان الامل الذي يحدو العالم بأسره هو ضرورة اعطاء المفتشين الدوليين فرصة كافية لمواصلة التأكد من ان العراق خال من اسلحة الدمار الشامل تماما, وتلك فرصة تحتاج إلى وقت يحدده المفتشون أنفسهم, غير ان اضاعة تلك الفرصة او اهدارها واللجوء الى خيار الحرب سيضع العالم بأسره وليس دول المنطقة وحدها داخل دائرة من الفوضى, لاسيما في ظل انقسامات ظاهرة من الدول الخمس الكبرى حيال الازمة العراقية, واعطاء فرصة جديدة للمفتشين الدوليين يعد من انسب الحلول وأمثلها وأفضلها لتسوية تلك الأزمة العالقة لاسيما ان العراق قبل كل مطالب المفتشين دون قيد أو شرط, كما ان الانقسامات الواضحة داخل مجلس الامن حيال الازمة ستحول قطعا دون اصدار قرار يلبي رغبة الادارة الامريكية في شن حرب ضد العراق, إلا اذا ارادت واشنطن ان تدخل في معمعة الحرب بمنأى عن قرار دولي يخولها الاقدام على هذه المغامرة, وهو أمر لايزال محل شك نظير ما سوف يفرزه هذا العمل المنفرد من أضرار وخيمة ليس على العراق أو دول المنطقة فحسب, بل على الولاياتالمتحدة ايضا, غير ان ذلك لا يعني ان الحالة الباردة الحالية هي في صالح العراق, فلابد من الحيلولة دون استمرارها لوقت طويل على ضوء الفرصة الجديدة التي يجب ان تتاح للمفتشين الدوليين لمواصلة مهماتهم.