القول إن مهمة المفتشين الدوليين الباحثين عن أسلحة الدمار الشامل التي قد تكون بحوزة العراق قد انتهت هو قول مشكوك في صحته, وازاء ذلك جاء الطلب من اكثر من جهة باستمرارية تلك المهمة, ويبدو ان تقرير بليكس المقروء في مجلس الأمن يصرح بذلك دون تلميح رغم ان الدخان الذي يدل على ظهور نار لم ينتشر بعد في سماء المنطقة, ورغم أن وجود الاسلحة التدميرية الشاملة بحوزة العراق لا يزال يدور داخل دائرة التكهن, بما يعطي فرصة سانحة للمفتشين لمواصلة مهمتهم الحالية, فحتى منغومة عدم تعاون العراق مع المهمة اذا ربطت ببعض التفاؤل الحذر بوجود تعاون عراقي فعلي مع المفتشين لا تدفع لشن حرب ضد العراق بفعل انتشار لون رمادي على لوحة الأزمة العراقية بعد قراءة التقرير مباشرة وقد ادى ذلك الى ظهور حالة من اللاحرب واللاسلم, وعدم وجاهة الضربة العسكرية الأمريكية القاصمة لحسم المسألة العراقية من جذورها, ويبدو واضحا للعيان ان خصوم الحرب والمتحفظين عليها متمسكون بآرائهم الناجمة بطبيعة الحال عن ردود الفعل الآنية على تقرير بليكس, ولا شك ان الامر في ضوء هذه الحالة سيغدو اكثر عرضة للتداول السياسي, وطرح مرئيات جديدة قد لا تخلو من المنفعة لاطراف متعددة يهمها كبح جماح الآلة العسكرية الأمريكية, غير ان من المسلمات التي يجب الاهتمام بها دون تأييد لاي تسلح نووي ان النزاعات الاقليمية حيال نزع اسلحة الدمار الشامل يفترض ان تتم في فضاءات منزوعة من السلاح النووي تماما, وهذا مالا ينطبق على منطقة الشرق الاوسط تحديدا وبعيدا عن مهمة نزع اسلحة العراق التدميرية الشاملة ان وجدت وبعيدا عن مهمة تغيير السلطة العراقية بالقوة, فلا يختلف اثنان على ان الجنوح الى السلم خير من الحرب, وان التفكير الجدي والعملي في تطوير بدائل للحرب افضل من الخوض في غمارها لاسيما ان الحرب اذا اشتعلت في المنطقة فان افرازاتها ستغدو وخيمة على المحاولات الدولية لاحتواء ظاهرة الإرهاب, فاحتمالات ظهور العديد من بؤر هذه الظاهرة في دول شرقية وغربية هي احتمالات واردة وغير مستبعدة.