مع مرور الايام تزداد الازمة العراقية تعقيدا وتفاقما، ويبدو الانقسام واضحا بشأنها ليس على صعيد القرار الاوروبي فحسب، بل على صعيد اممي ايضا، فبينما اعلن بليكس يوم امس الاول ان العراق بدأ يبذل جهودا مكثفة من التعاون مع المفتشين الدوليين، وهو اعلان يكاد ينشر ظلالا من التفاؤل بامكانية حل الازمة سلما، في هذا الوقت تحديدا اخذ بوش من جديد يلوح بالحرب تصريحا لا تلميحا ويؤكد ان (اللعبة مع بغداد قد انتهت) فيما يفهم منه ان الحرب ضد العراق اضحت وشيكة للغاية، ويظهر على سطح الاحداث ان الادارة الامريكية على عجلة من امرها لحسم الازمة بالقوة دون دراسة أية عواقب محتملة قد تعود بأضرار جسيمة على الولاياتالمتحدة نفسها، والا فان ما أعلنه بليكس من مواقف عراقية مرنة قد يؤدي الى نزع فتائل الازمة لاسيما ان العراق سمح للخبراء الدوليين باستجواب العلماء العراقيين كل على حدة دون حضور أي مسؤول عراقي، وتلك خطوة مرنة قد تؤدي الى حل للازمة دون استخدام القوة العسكرية، غير ان الامر يغدو اكثر خطورة عندما يؤكد بوش انه سيدعم قرارا امميا ثانيا حيال الازمة شريطة ان يتيح القرار استخدام القوة لنزع اسلحة العراق وهنا تدخل المسألة في دائرة التصميم الفعلي لخوض الحرب مهما كانت نتائجها وافرازاتها المحتملة على استقرار منطقة الخليج، وعلى امن الولاياتالمتحدة، فالاستعدادات للحرب اضحت مكتملة الا ان التكهن بمنع ردود فعلها ان حدثت يبقى ماثلا للعيان، ولا يمكن تجاهله بأي حال، وازاء ذلك جاءت النداءات الدولية والعربية والاسلامية بضرورة حل الازمة وفقا لمعطيات الشرعية الدولية وفي نطاق القرارات الاممية التي من المفترض ان تكون ملزمة للعراق، الا ان ذلك يقتضي استمرارية مهمات المفتشين الدوليين الى امد غير محدود بما لا يتوافق شكلا او مضمونا مع الرؤية الامريكية التي تنادي بسرعة حسم الازمة عسكريا، ويبدو واضحا للعيان ان الحلول الوسط غائبة تماما عن الساحة، فاما ان يستمر التفتيش او ان تبدأ الحرب.