استمع مجلس الامن امس الجمعة وسط انقسامات عميقة بين اعضائه للتقرير الذي قدمه رئيس فريق المفتشين الدوليين في العراق هانس بليكس ومدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي.وشارك في الجلسة عشرة وزراء خارجية بينهم وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن التي اعرب بعضها عن استعداده لاستخدام حق النقض اذا لزم الامر. ويكاد يجمع المراقبون على ان الخلافات بين اعضاء مجلس الامن بشأن كيفية نزع اسلحة العراق التي تزايدت قبل ساعات من تقديم هانز بليكس ومحمد البرادعي لتقريرهما عن الاسلحة العراقية المحظورة ستعيق اصدار قرار يلبي رغبة واشنطن المتعطشة للحرب باطلاق يدها لضرب العراق. فقد تمكنت القوى المناهضة للحرب ومنها ثلاث دول تمتلك حق النقض هي الصين وروسيا وفرنسا من تأليب الرأي العام العالمي قبل وقت كاف من عقد هذه الجلسة التاريخية واحداث انقسام كبير داخل المجلس جعل الشكوك تخيم حول امكان حصول واشنطن بسرعة على قرار جديد يجيز الحرب في العراق. وكان مراقبون قد استبعدوا قبل بدء الاجتماع ان يخفف تقرير بليكس /البرادعي من حدة هذه الخلافات بين فرنسا والمانيا وروسيا من جهة وبين الولاياتالمتحدة وبريطاينا من جهة اخرى. وكان هناك شبه اجماع على ان بليكس لن يستجيب لضغوط كونداليزا رايس مستشارة الرئيس الامريكي التي اجتمعت به لمدة ساعة الاسبوع الماضي في محاولة لاقناعه بركوب القطار الامريكي المتجه الى بغداد و يبلغ مجلس الامن ان مهمة فرق التفتيش قد فشلت. اضف الى ذلك ان الاعضاء الدائمين داخل المجلس ينقسمون الى فريقين متعارضين تماما حول معالجة المسألة العراقية، يضم الاول الولاياتالمتحدةوبريطانيا ويدعو الى اعتماد الحل العسكري لنزع اسلحة العراق فيما يضم الثاني فرنسا وروسيا وتسانده الصين ويدعو الى منح المفتشين الدوليين مزيدا من الوقت في العراق. وترى الولاياتالمتحدة والى جانبها بريطانيا ان الوقت لم يعد للدبلوماسية وقد اعربت مرارا عن نفاد صبرها وهي تريد لهذا التقرير ان يكون الاخير قبل شن الحرب التى تقول واشنطن انها ستخوضها بموافقة او بدون موافقة الاممالمتحدة. فيما ترى فرنسا وروسيا تساندهما الصين والمانيا التى تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الامن ان هناك بديلا عن الحرب وان اللجوء الى القوة يجب ان يكون الخيار الاخير. كما ان عدة صحف غربية توقعت سلفا ان يكون تقرير بليكس الاخير حيث لاتزال فرق التفتيش تحلل المعلومات التى سلمها العراق الى بليكس والبرادعى خلال زيارتهما الاخيرة الى بغداد. وعشية الاجتماع دعا وزير خارجية الصين تانغ جياكسوان قادة العالم الى بذل كل جهد ممكن لتجنب الحرب على العراق. وشدد تانغ في تصريحات اوردتها وكالة انباء الصين الجديدة لدى وصوله الى نيويورك للمشاركة في جلسة مجلس الامن على مواصلة مفتشي الاممالمتحدة مهماتهم في العراق لتوضيح المسائل العالقة. اما وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف فقد قال انه لا ضرورة لقرار جديد يصدر عن مجلس الامن بشأن العراق. واوضح ايفانوف لدى وصوله الى نيويورك ان مسألة قرار ثان او ثالث او رابع حول العراق ليست امرا مناسبا الان. واضاف الوزير الروسي مناشدا المجموعة الدولية الحفاظ على وحدتها بشأن العراق لدينا القرار رقم 1441 والهدف ان نعرف هل تم الالتزام به تماما. الشرع أول المتحدثين وباول السابع وقد شاءت القرعة ان يكون اول المتحدثين بعد تقرير بليكس والبرادعي فاروق الشرع وزير خارجية سوريا الدولة العربية الوحيدة في مجلس الامن. ويلى الشرع في الحديث وزير خارجية فرنسا دومينيك دو فيلبان. اما وزير الخارجية الاميركي كولن باول فهو الخطيب السابع بعد بريطانيا وروسيا. وكان الرئيس الامريكي قد حث الاممالمتحدة عشية تقديم المفتشين الدوليين لتقريرهم الحاسم إلى مجلس الامن مجددا على إظهار التصميم على نزع أسلحة العراق أو المخاطرة بأن تصبح منتدى نقاش عديم الجدوى. فخلال كلمة وجهها للبحارة الامريكيين في قاعدة بحرية في فلوريدا، قال بوش أنه متفائل بأن دول العالم لن تسمح لمجلس الامن بالانعزال من خلال عدم فرضه تطبيق القرارات التي تطلب من النظام العراقي التخلي عن الاسلحة البيولوجية، الكيماوية والنووية. وقال بوش للقوات في قاعدة مايبورت نافال اير أعتقد أنه عندما يقال كل شيء وينتهي العمل، فإن الامم الحرة لن تسمح للامم المتحدة بأن تختفي في التاريخ كمنتدى نقاش عديم التأثير وعديم الصلة. وقد تعهدت الولاياتالمتحدة بالتحرك عسكريا مع دول أخري إذا لم ينصاع صدام لطلبات الاممالمتحدة، وأعلنت بالفعل أن العراق ينتهك قرار مجلس الامن الذي أقره في تشرين الثاني /نوفمبر/ وحذر من عواقب وخيمة كنتيجة لعدم نزع السلاح. وقال بوش للبحارة ستعمل أمريكا عن عمد، ستعمل أمريكا بحسم، وستعمل أمريكا بنصر مع أعظم جيش في العالم. وقال بوش أيضا إن الاغلبية العظمي لاعضاء الناتو تعارض تهديد العراق وتفهم أن الخيارات الصعبة قد تصبح ضرورة للحفاظ على السلام. وقد يكون تقرير بليكس والايام التالية لذلك آخر جولة للدبلوماسية الامريكية الساعية لدعم مجلس الامن من خلال تخويل استخدام القوة العسكرية. وإذا لم تنجح واشنطن في تأمين قرار ثان لاستخدام القوة فقد تعهد بوش بتشكيل تحالف للراغبين في مهاجمة العراق.