عندما انتقل ابو تراب الظاهري الى الرفيق الاعلى نشرت احدى الصحف المحلية قصيدة طويلة نسبت اليه قيل انها اطول قصيدة لشاعر سعودي، ومالبث الشاعر المبدع علي بن احمد النعمي ان اخرج ديوانه (قسمات وملامح) ويضم قصيدة واحدة اشبه بالملحمة، ولو تعددت احداثها وشخصياتها لأصبحت ملحمة شعرية يشار اليها بالبنان، ومع ذلك فان هذا الديوان سابقة محمودة، لامثيل لها في تاريخ الادب السعودي اذ قاربت ابياتها نحو خمسمائة بيت من بحر واحد وقافية واحدة. واعتمد الشاعر فيها على الحوار بين اثنين جرت على لسانيهما الحكمة بعد ان جربا من الحياة حلوها ومرها، فاكتنزت هذه القصيدة بنظرات جادة حول الحياة والناس، الحياة بما فيها من تقلبات وألوان ، والناس بما فيهم من صفات وطباع، وتوزعت بين ثناياها اطياف من الرؤى الجميلة والصراع الازلي بين الخير والشر، تجمع ذلك كله في قدرة شعرية فائقة، وتمكن ابداعي رزين، واسلوب محكم العبارة والصورة، ولاسبب لعدم عناية النقاد به سوى انه حديث الصدور. يفلسف الشاعر علاقته بالآخرين فيقول في هذه القصيدة البائية العملاقة:==1== حسب نفسي العمر أني لم أسئ==0== ==0==لامرئ مهما أسالم أغتب لم أنافق لم أخادع لم أكن==0== ==0==مثلا للخادع المستلب عشت أيامي بصمت الأقوياء==0== ==0==وثبات الصابر المحتسب في صحاب بعضهم ثاب وما==0== ==0==زال بعض جامح لم يثب لست بالمستاء منهم لست في==0== ==0==هلع من عاصف مصطخب ما تعدى السطح لم ينفذ الى==0== ==0==أعمق الأشياء لم ينسرب إنه إن عابني عرفني==0== ==0==بعيوب.. حينما لم أعب وأراني عيبه ثم بدا==0== ==0==عاريا رغم الثياب القشب==2== وهذه أبيات ذكرتني بما تتعرض له بعض رموزنا الثقافية من اذى على ايدي بعض ادعياء الثقافة الذين لايحترمون انفسهم باحترام الآخرين :==1== إن لله عبادا عرفوا==0== ==0==قدرهم لم يبحثوا عن لقب جاهدوا واجتهدوا فاتصفوا==0== ==0==بصفات الاريحي الأغلب غمسوا أقلامهم في دمهم==0== ==0==ليضيئوا الدرب للمرتقب لم تؤثر طعنة من حاقد==0== ==0==في عطاهم أو أذى من نخب ليت من أكر بهم أكرمهم==0== ==0==كرموز ترتقي كالشهب ليت من لامزهم لازمهم==0== ==0==كصحاب من كرام الحسب==2== ومقاطع اخرى كثيرة جديرة بأن تذكر لكن يقصر المجال عن استيعابها بقي ان نقول ان هذا الديوان - القصيدة - صدر ضمن مطبوعات نادي جازان الادبي، وهو الديوان السابع، مما طبع للشاعر علي بن احمد علي النعمي، ولديه من الدواوين المخطوطة ما يقرب من هذا العدد.