ساهمت الحرب على العراق وارتفاع أسعار النفط والطلب المتزايد على خزنه، اضافة الى النمو الكبير في وتيرة الاقتصاد الصيني، في دفع أسعار الشحن البحري الى أعلى مستوياته منذ ما يزيد على 12 عاماً. وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، مررت نسبة بسيطة من الزيادات الى المستهلك لكن اعتباراً من منتصف الشهر الجاري سترتفع أسعار المستهلك في مختلف الأسواق الدولية على الأقل بنسبة تتراوح بين اربعة وتسعة في المائة وستكون منطقة الخليج، وتحديداً الكويت، الأكثر تأثراً بالزيادات السعرية لأنها داخل منطقة الخطر كما تفيد نشرة مشتركة أصدرتها لجنة مشتركة بين لويدز في لندن وجمعية شركات الشحن البحرية وأفادت النشرة ان الحرب دفعت كلفة التأمين في الخليج على السفن والناقلات الكبيرة من مستويات آلاف الدولارات الى الملايين (حسب الحجم والوزن والحمولة والوجهة). كما ان ارتفاع أسعار النفط بنسبة 40 في المائة كمعدل في ال 12 شهراً الماضية رفع كلفة استئجار الناقلة بنسبة لا تقل عن عشرين في المائة إذا لم يكن أكثر في بعض الحالات خصوصاً عندما كان الأمر يتعلق بنقل النفط العراقي أو نفط اليمن. ولاحظت النشرة ان الصين واليابان، وحتى بعض الدول الآسيوية الأخرى الأقل نمواً، استأجرت اساطيل واسعة من الناقلات وسفن الشحن لنقل النفط والمواد الأولية خصوصاً الفحم الحجري والحديد والنحاس والالمنيوم من منطقة الخليج. ولوحظ ان الصين استوردت كميات ضخمة من المعادن التي تحتاجها في صناعتها سريعة النمو وفي اعادة تخطيط بنيتها التحتية وتكييفها مع مستوى المشاريع المتعاقدة عليها. منطقة الحرب وجاء في النشرة التي أشرف على جمع معلوماتها نايجل براوننغ المدير الاداري لشركة "لامبرت" للتأمين ان كلفة التأمين على البضائع المشحونة الى منطقة الحرب (الكويت من ضمنها) ارتفعت نسبتها من خمسة في الالف الى أكثر من 5.3 في المائة وقد تصل الى خمسة في المائة أحياناً. وأشار الى ان كلفة شحن وتأمين ناقلة نفط عملاقة بين بريطانيا والخليج مثلاً تصل الى 15 مليون دولار في السنة بينما لا تتجاوز 7500 دولار لناقلة مماثلة بين بريطانيا وأي مرفأ أوروبي. وعلى سبيل المثال، ارتفعت كلفة التأمين بنسبة 5.2 في المائة الى الصومال وبنسبة 2 في المائة الى (اسرائيل)، كما ان مصر اضيفت أخيراً الى قائمة الدول الخطرة في حين ان الموانئ السورية لا تزال الأقل خطراً حتى الآن علماً بأن شركات التأمين تستعد الى زيادة مخاطر الحرب عليها بعد التصريحات الاميركية الأخيرة. وتشير النشرة الى ان كلفة شحن المواد الغذائية ارتفعت، خصوصاً الى منطقة الخليج التي تستورد من الالف الى الياء، مما يعني ان التجار والمستوردين سيمررون الزيادة في كلفة الشحن الى المستهلكين فور انتهاء المخزون الحالي وبدء طرح البضائع المستوردة في ظل الرسوم السعرية الجديدة. واعترف نايجل ان الشحن على باخرة ترفع العلم الاميركي اكثر كلفة من الشحن على سفينة ترفع العلم المالطي بسبب التأمين الأعلى على السفينة الاميركية خصوصاً عند الابحار في الشرق الأوسط أو الخليج. ويقيس الوسطاء في سوق لندن للشحن البحري (بورصة الشحن) الكلفة وفق أسعار التأمين والمخاطر الدولية والمحلية وأجور العاملين على السفن في مناطق الخطر. وارتفع مؤشر الناقلات في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية بين 25 و45 في المائة بينما ارتفع مؤشر سفن شحن المواد الناشفة، التي تدخل ضمنها مواد مثل الحديد والقمح والفحم، بنسبة 11 في المائة فقط. وارتفعت كلفة شحن برميل النفط من الخليج الى الولاياتالمتحدة الى الضعفين تقريباً وأصبح شحن البرميل يكلف نحو 5.3 دولارا. وحسب سوق لندن، من الصعب تأمين ناقلات نفط لاستئجارها بسرعة كمختلف اساطيل الشحن محجوزة مما أصبح يُعرف على رغم المخاطر بأنه "العصر الذهبي للنقل البحري". وتقدر سوق لندن ان ما يصل الى الف ناقلة محجوزة إما لاستخدامها في خزن النفط أو لنقل الخام بصورة طارئة الى موانئ لا تتعرض لأخطار مفاجئة.