عزيزي رئيس التحرير الانسان محور التنمية وصانعها والمستفيد منها، المجتمع على ابواب عصر ومرحلة اقتصادية جديدة بكل مواصفاتها، ومتطلباتها وتحدياتها في ظل منافسة شرسة ومتشعبة الاتجهات، التدريب عنصر اساسي لبناء الانسان المنتج، القادر على الاستجابة لمتطلبات واحتياجات هذه المرحلة وتحديات المستقبل، لاشك ان تدريب وتطوير واستثمار الخبرات والموارد والكوادر والثروات البشرية، والعناية بالاجيال والشباب تدريبا وتأهيلا هدف وطني استراتيجي، فالعلم بدون تدريب، يكون علما نظريا مجردا، والعمل بدون تدريب اهدار للوقت والجهد والطاقات والامكانات والموارد المالية والبشرية، فالتطبيق هو محك النجاح. التدريب استثمار في المستقبل، لتأهيل وبناء القوى العاملة والكوادر البشرية المنتجة لمواكبة معطيات العصر العلمية والتقنية، والمؤهلة للتعامل مع مفاهيم واساليب واستراتيجيات العمل الجديدة، والقادرة على تطبيق النظريات واستخدام التقنيات الحديثة في ادارة القطاعات التنموية الاقتصادية. التدريب يزود الموظف بالمعلومات والمهارات والمعارف وتنمية وتطوير خبراته وكفاءاته لتحسين ادائه لعمله، أو اعداده لأداء اعمال ذات مستوى اعلى، يساهم التدريب في تنمية رأس المال البشري وتحسين نوعية المدخلات من الموارد البشرية في عمليات الادارة والانتاج، كما يزيد من انتاجية الموظف، وزيادة دخله وتحسين مستوى معيشته مما ينتج عنه رفع حالته المعنوية، واقباله على العمل. يعالج التدريب سلوكيات الموظف وطريقة تفكيره، وصقل المواهب وتشكيل سلوكيات ايجابية في الموظف ينتج عنه تصرف ايجابي في مواقف العمل، بما يمكن الاستفادة من ملكاته الابداعية وتنمية شعوره واحساسه بالمسؤولية وبقيمة العمل يؤدي ذلك الى ضمان استمرارية التميز والالتزام في العمل. لذلك كله شدد معالي وزير المياه الدكتور غازي القصيبي خلال ترؤسه للاجتماع الثاني لمديري فروع الوزارة على اهمية تدريب وتأهيل الشباب السعودي للعمل بكافة قطاعات وفروع الوزارة، سواء بالتدريب داخل او خارج المملكة، وضرورة وضع تصورات مستقبلية لعمل مركز تدريب خاص بالوزارة...). ومن هنا اود ان يسمح لي معاليه لعرض تصوراتي في هذا الموضوع، ان حرمت اجرى الصواب فلن احرم اجر الاجتهاد ان شاء الله لأن اموالا تهدر هنا وهناك نتيجة اجتهادات وتجارب فرديةمعزولة ليس في اخلاصهم ادنى شك، ولكن قد ينقصها الخبرة والرؤية الاستراتيجية، قد لا يستوعبون المتغيرات وتأثيرها على القرارات بل وينظرون للظروف على انها ساكنة static. التدريب صناعة قائمة بذاتها له مؤسساته، وعلم له ادواته واساليبه وتطبيقاته ومفرداته وقاموسه ونظرياته الفنية والمهنية كما له بنيته الاساسية من مدربين مؤهلين ومناهج معترف بها واجهزة وفصول وجهاز اشراف وادارة. التدريب له اسسه العلمية والعملية والتربوية، كأي علم او تخصص آخر، لا يكفي ان نأتي بأحدهم ونعهد اليه بمسؤولية التدريب (اعداد ومراجعة حقائب وبرامج التدريب، تقييم الدورات التدريبية، التعامل مع قضايا المتدربين والمدربين، وتقييم مخرجاته... الخ)، دون ان يكون ممنهجا في مجال التدريب كما لايكفي ان نطلب من آخر اعداد تسعيرة للمياه والكهرباء، وليس لديه رابط بمنهج ونظريات واستراتيجيات وآليات ومتغيرات نماذج الاسعار بذلك يسهل قيادته وتوجيهه بالرموت كونترول سواء من قبل الرؤساء او المرؤوسين، لابد وان تتوفر في المدرب والمشرف مؤهلات ومواصفات خاصة علمية، وأكاديمية وتربوية ومهنية، قبل ان تسند اليه مهمة القيام بالعملية التدريبية او الاشراف عليها بحيث يكون قادرا من ناحية المنهجية والخبرة، واستيعابه لوسائل وادوات وبرامج وتطبيقات استراتيجيات التدريب، واعداده لمعايير وادوات تقييم برامجه ودوراته ومخرجاته، وفق اسس علمية تربوية تحقق الاهداف. حاجة الوزارة لاتنحصر في فئة او تخصص محدد، ولكن تشمل كوادر في تخصصات متعددة منها الفنية والادارية والمالية والاقتصادية والقانونية حيث تتألف القوى العاملة المشكلة للموارد البشرية من فئات منها: الفئة العليا يفترض فيها ان تكون مؤهلة تأهيلا عاليا، علميا وسلوكيا وهي الرؤوس المفكرة والمدبرة المسؤولة عن رسم ومتابعة تنفيذ السياسات والاستراتيجيات، الفئة الفنية مؤهلة علميا ومهنيا لتنفيذ السياسات والاجراءات تستوعب الابعاد الفنية وتجيد الاسلوب العلمي والتفكير المنهجي في العمل، فئة الحرفيين، وهي عمالة مدربة للقيام بالاعمال التي لاتحتاج الى كثير من التفكير، وانشاء مركز لتدريب هذه الكوادر يحتاج الى تدريب كوادر ادارية وفنية ومهنية تكون مؤهلة لاعداد حقائب التدريب وتنفيذ التدريب وتقييم مخرجاته والاشراف وادارة المركز، هذا يحتاج الى مصاريف رأسمالية ضخمة لانشاء المركز وتأمين الاجهزة والبنية التحتية، ومصاريف تشغيل المركز، لذلك الخيار الذكي الذي تتجه له الدولة في هذه المرحلة هو الخصخصة اي التعاقد الخارجي Outsourcing أي تقوم الوزارة بالتعاقد مع معاهد وكليات ومراكز التدريب سواء الخاصة او التابعة للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني او معهد الادارة العامة لتدريب الكادر الفني والمهني والقانوني والاداري والمالي والاقتصادي حيث ان هذه الجهات لديها خبرات وكوادر فنية وتقنية وادارية مما يجعل نتائج التدريب اكثر كفاءة ومهنية وتحد من التكاليف وتضمن جودة المستوى. وبهذه المناسبة، أرى انه يمكن تقييم تجربة مركز التدريب بالجبيل، التابع للمؤسسة العامة للتحلية من ناحية اقتصادية تشغيله، وتقيم الجهاز المشرف عليه ومخرجاته، حيث توجهت المؤسسة نحو Outsourcing في عدد من مجالات التدريب، ودراسة الحاقة بالمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني لما لديها من كوادر متخصصة لادارة المركز اكثر كفاءة وفعالية وتشغيله اقتصاديا حيث يستثمر لخدمة جهات عديدة وشرائح اكبر من الشباب المواطنين. اتمنى ان ننأى عن الاجتهادات والتجارب الفردية المعزولة التي كلفت المجتمع الكثير. مهندس صالح بن محمد علي بطيش