يرتفع ضغط الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش كلما سمع اسم أسامة بن لادن. أنه يخشى أن ينتهي عهده بعد عام ونصف العام دون أن يكون قد وقع زعيم تنظيم(القاعدة) بأيدي الولاياتالمتحدة التي استخدمت كافة أنواع القنابل الثقيلة للقضاء عليه حين ظنت أنه مختبئ في جبال تورا بورا في أفغانستان. ولا يبدو أن الاستخبارات الأمريكية تملك فكرة عن مكان وجود أسامة بن لادن ومساعده أيمن الظواهري رغم أنها نجحت باعتقال مجموعة بارزة من أبرز معاونيه وكان آخرهم محمد شيخ خالد الذي كان مختبئا في منزل أحد السياسيين الباكستانيين في روالبندي. سوف يزيد غضب بوش إذا ظل صدام حسين متواريا عن الأنظار. لم يتأخر الرئيس الأمريكي بالانضمام إلى وزير الدفاع في إدارته، دونالد رامسفيلد في تحذير الرئيس السوري بشار الأسد من إيواء الرئيس العراقي السابق وأعوانه الذين وضعت الولاياتالمتحدة أسمائهم على قائمة المطلوبين وتفكر بمحاكمتهم كما حاكمت المسئولين في قيادة الزعيم النازي هتلر في نورنبيرغ. لكن سورية تنفي وجود صدام وأعوانه في أراضيها. ويقول مقربون من بوش أن أخر ما يتوقعه الرئيس الأمريكي هو تقبل وضع مرحلة ما بعد الحرب وصدام حسين متواري عن الأنظار والأسوأ أن ينتهي عهده بنصف انتصار إذا لم يكتب له النجاح بالتوصل لمكان الرئيس العراقي. لهذا السبب يركز الأمريكيون جهودهم في إطار البحث عن صدام باستخدام علم الجينات الذي أحدث ثورة في الكشف عن الجرائم ومرتكبيها والتعرف على هويات الضحايا ولو تم التوصل إلى شعرة واحدة أو قطعة عظم مهترئة كذلك الأمر من خلال فرشاة الأسنان أو بقايا شعر متناثرة على جاكيت أو وسادة ومن خلال بقايا لعاب على كوب أو فنجان أو من خلال عينة من الدم. وتشير المعلومات إلى أن الأمريكيين يملكون الآن عينات من جينات مطابقة لجينات صدام حسين، بعد وقوع أخيه غير الشقيق وثبان التكريتي السفير السابق في مقر الأممالمتحدة بجنيف ومستشار شقيقه الرئيس، بقبضة الغزاة الأمريكيين حين كان يحاول عبور حدود العراق إلى الأراضي السورية. وقد أوعز بوش شخصيا للجنرال تومي فرانكس القائد الأعلى لقوات التحالف في منطقة الخليج كي يجري البحث عن صدام الذي قال عنه مرة: لقد حاول اغتيال والدي، أن يجري التوصل إلى صدام، حيا أم ميتا وبمساعدة الجينات التي تم الحصول عليها من شقيقه وثبان. يقول الأمريكيون أنه بوسع عينات DNS التي هي بحوزتهم اليوم أن تساعد في التعرف على صدام حسين وولديه عدي وقصي. هذا ما أكده أيضا الجنرال فرانكس الذي لم يطلع الصحفيين في الدوحة على نوعية هذه الجينات. والمعروف أنه يمكن الحصول على الجينات من خلال تحليل لعاب الإنسان لكن بالوسع الحصول عليها أيضا من أنحاء أخرى من جسم الإنسان. ولأن وثبان وصدام من أم واحدة، يجعل مهمة الخبراء الأمريكيين أكثر سهولة كما يقول الخبير البيولوجي الجنائي في مدينة كولون مارك بينيكه الذي يشير إلى أن العينات الوراثية المطابقة يرثها المولود من الأم وليس من الأب. ويبحث الأمريكيون عن مكان تواجد ساجدة خيرالله الزوجة الأولى لصدام ووالدة عدي وقصي للحصول منها على جينات تقود إلى التعرف على ولديها. وتشير معلومات إلى أن ساجدة خيرالله غادرت العراق مطلع شهر نيسان/أبريل الجاري إلى مكان مجهول ويعتقد الأمريكيون أنها موجودة في مكان ما في سورية. الواضح أن الأمريكيين يريدون قبل تركيز جهودهم في البحث عن صدام حسين، التأكد أنه ليس في عداد الأموات الذين سقطوا تحت رزح القنابل الضخمة التي كان بعضها يزيد وزنه عن 900 كلغ، وهي التي تم رميها بصورة مكثفة على المباني الحكومية وقصور الرئاسة كما استخدمت في مواقع يسكنها مدنيون عملا بمعلومات السي آي إيه التي قامت بإبلاغ القيادة العسكرية الأمريكية عن اعتقادها وجود صدام وولديه في مطعم يقع في حي سكني حيث تم إسقاط قنبلة ضخمة أسفرت عن عدد غير معروف من الضحايا في صفوف المدنيين. يركز الأمريكيون جهودهم في البحث عن صدام وولديه في هذا الموقع في حال أنهم قتلوا في المكان الذي أرشدهم إليه عملاء الاستخبارات الأمريكية. لكن لا يستبعد أن يكون الأمريكيون قد أخطأوا بخطة القصف وضربوا مجمع لمباني المدنيين ويريدون إبعاد التهم عنهم بالزعم أن الرئيس العراقي كان موجودا في هذا المكان. ومن المنتظر أن تكشف التحقيقات إذا كان الأمريكيون على حق في زعمهم أم لا لكن القانون الدولي لا يعطيهم الحق في رمي القنابل الثقيلة علة مناطق آهلة بالمدنيين وتجاهل خطر وقوع خسائر بشرية عالية في صفوف مواطنين أبرياء. ويقول الخبير الألماني مارك بينيكه أنه مهما كانت جثة صدام قد تعرضت إلى التناثر بفعل شدة الانفجار أو احتمال أن تكون قد احترقت بصورة شاملة، فإنه بوسع الخبراء التعرف إذا كانت الجينات مطابقة مع جينات شقيقه وثبان وأبرز دليل على هذا نسبة النجاح التي حققها الخبراء الأمريكيون بعد هجوم الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 2001 حين حصلوا على عينات جينات من أقارب المفقودين بعد انهيار مركز التجارة العالمي والبرج التابع له، للتعرف على أصحاب الأشلاء التي تناثرت في المكان أو تفحمت بسبب شدة النيران. ويوضح مارك بينيكه أنه مهما تعرضت أشلاء الإنسان إلى الاحتراق أو الاهتراء يبقى فيها جينات يمكن الاستفادة منها كما بالإمكان التوصل إلى هوية الشخص من خلال المواد التي يعثر عليها في بقايا أسنانه. الخبراء الأمريكيون واثقون أن العثور على صدام سوف يقود إلى العثور على ولديه عدي وقصي ولا يبدو أن واشنطن مهتمة بالبحث عن ابن صدام من زوجته الثانية لأنه لم يشغل أي منصب سياسي. يقول مارك بينيكه أنه حتى لو سعى الرئيس العراقي السابق إلى تغيير ملامح وجهه، وخضع إلى عملية مكثفة للحصول على وجه جديد وغير كل أسنانه، فإن جيناته الأصلية هي الخائن الذي يسكن في جسده، وبوسعها أن تكشف عن هويته الأصلية إلا في حالة واحدة: يقول علم الجينات أن نسبة المطابقة بين جينات إنسان وآخر تبلغ واحد مقابل مليارين أي أنه في أنحاء العالم مجموعة قليلة من الأشخاص الذين يحملون نفس طبيعة جينات الرئيس العراقي السابق وبوسعهم تدويخ الأمريكيين حتى الثمالة. جريدة عمان